تحتل تجارة المخدرات المركز الأول في سلم التجارة غير المشروعة عالميا؛ وبحسب تقارير الأممالمتحدة «فإن تجارة المخدرات تمثل المركز الثالث ضمن الأنشطة التجارية والاقتصادية العالمية»؛ وعطفا على تصريحات مسؤول أممي؛ فإن «حجم تجارة المخدرات بأنواعها حول العالم يُقدر بنحو 320 مليار دولار سنويا؛ في الوقت الذي يعتقد فيه بعض المختصين أن تجارتها تفوق 500 مليار دولار. بسبب المخدرات، تتصدر جريمة «غسل الأموال» المشهد التجاري العالمي وتهدد في الوقت نفسة قطاع المصارف. تشير تقارير أمنية عالمية إلى أن عصابات المخدرات تقوم بغسل ما يقرب من 120 مليار دولار سنويا في أسواق المال العالمية؛ إلا أن هذا الرقم يكاد يكون متحفظا جدا؛ فكل ما يَنتُج عن تجارة المخدرات، من أموال، في حاجة إلى غسل مباشر؛ أو غير مباشر من خلال تدويره في تجارتهم القذرة؛ وهذا يعني أن حجم أموال المخدرات المغسولة يُفترض ألا يقل عن 320 مليار دولار. وزارة الداخلية السعودية أعلنت مؤخراً القبض على (634) متهماً من (32) جنسية مختلفة لتورطهم في جرائم تهريب ونقل واستقبال وترويج المخدرات؛ حيث قُدرت قيمتها السوقية ب 886 مليون ريال. لم يعد أمر الإعلان عن ضبط المخدرات مستغربا محليا؛ فالسوق السعودية باتت هدفا لعصابات التهريب المحلية والدولية. بعض عصابات المخدرات ربما كانت على علاقة استخباراتية مع بعض الدول المارقة، يُرجِح ذلك الاعتقاد، أساليب التهريب المعقدة التي تنتهجها العصابات الخارجية في تعاملها مع السوق المحلية؛ واستخدامها مسارات يفترض أن تكون مُغطاة من قبل جهات أمنية تابعة للدول المُختَرقة. تبذل وزارة الداخلية جهوداً جبارة لحماية المجتمع من شرور المخدرات التي باتت تهدد الأمن الوطني والاجتماعي. أرقام مخيفة تعلن عنها وزارة الداخلية تؤكد استهداف المملكة من قبل قوى الشر الداخلية والخارجية. المملكة مستهدفة من المهربين، الباحثين عن المال بالدرجة الألى، فهي السوق الأكثر إغراء، ورواجا على مستوى المنطقة؛ كما أنها مستهدفة من قبل قوى الشر التي تستخدم المخدرات كوسيلة للإضرار بالمجتمع، واستهدافه من الداخل لتحقيق أهداف تخريبية. يستهدف تجار المخدرات الدول ذات الملاءة المالية العالية طمعا في المال؛ إلا أن نوعية المخدرات المضبوطة، وحجمها، يؤكدان على استهداف المملكة من قبل عصابات المخدرات المنظمة، التي يُعتَقَد بارتباطها بجهات استخباراتية خارجية. أعتقد أن عمليات تهريب المخدرات تمثل جزءاً مهماً من المخطط التخريبي الذي تقف خلفه جماعات، وأجهزة خارجية مرتبطة بعصابات الداخل المهتمة في تحصيل الأموال؛ والتكسب غير المشروع. حجم المخدرات المضبوطة كل عام، وتنوع جنسيات المهربين المشاركين في تهريبها وترويجها؛ يُشيران إلى أن المجتمع لم يستشعر بعد الخطر الذي يحيط به من كل جانب؛ فالعمل المتميز الذي تقوم به وزارة الداخلية وأجهزتها؛ وبخاصة «المديرية العامة لمكافحة المخدرات» ما زال في حاجة ماسة إلى دعم جميع فئات المجتمع ومكوناته؛ فالعمل الأمني، وإن أثبت نجاعته؛ فهو في حاجة إلى الدعم والمساندة. لا يمكن القبول بسلبية تعامل المجتمع مع الظواهر الخطرة الموجهة لتدميره. وزارة الداخلية تقوم بدورها الأمني المسؤول في الحرب على المخدرات، و تبذل جهود متميزة في الجانب المالي الذي يعتبر الهدف الرئيس لعصابات المخدرات. المال عصب تجارة المخدرات؛ وعمليات غسله باتت أكثر صعوبة مع وجود الأنظمة الرقابية الصارمة على التعاملات النقدية؛ والتحويلات المالية؛ إلا أن ذلك لا ينفي وجود ثغرات يمكن اختراقها لغسل أموال المخدرات محليا وخارجيا؛ ومن هنا يأتي التحوط المالي في مقدم الإجراءات المهمة في الحد من تجارة المخدرات. القطاع المصرفي مطالب بتشديد الرقابة على التحويلات المالية؛ والتعاملات النقدية؛ وسرعة التحول منها إلى التعاملات الإلكترونية لخفض حجم النقد، وعملياته الإغراقية التي تحد من كفاءة الرقابة. تطور وسائل المدفوعات الإلكترونية، ورفع كفاءتها؛ وكفاءة شبكات الاتصال؛ وتثقيف المجتمع ودفعه نحو استخدامها بدلا من النقد؛ سيساعد كثيرا في الحد من حجم النقد المتدفق إلى المصارف؛ و الذي يعتبر أحد القنوات المهمة لغسل الأموال. جهود جبارة تُبذل من أجل حماية المجتمع، وتحصين أفراده، من آفة المخدرات إلا أن تلك الجهود في حاجة ماسة إلى دعم المجتمع، الأسرة، أجهزة الإعلام، رجال الدين، المساجد، والقائمين على التعليم الذين يقع عليهم العبء الأكبر في حماية قطاعات التعليم من شرور المخربين. [email protected]