تكشف المديرية العامة لمكافحة المخدرات اليوم وخلال بيان صحفي عن القبض على عدد من تجار ومهربي ومروجي المخدرات وكميات كبيرة من السموم، ويعد هذا البيان الأول من نوعه في عمليات ضبط مخدرات والإطاحة بعصابات من عدة جنسيات مختلفة. وعلمت «الجزيرة» أن المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء منصور بن سلطان التركي سوف يعقد مؤتمراً صحفياً بعد عصر اليوم بنادي قوى الأمن بالرياض يكشف من خلاله عن كامل فصول عمليات القبض والمضبوطات التي تقدر قيمتها السوقية بأكثر من مليار ريال في إنجاز أمني يضاف إلى سجلات المديرية العامة لمكافحة المخدرات والجمارك وحرس الحدود خلال الأربعة أشهر الماضية من التعاون المثمر في الإطاحة بعدد من تجار ومروجي المخدرات بعدة مواقع بالمملكة. وفي السياق أكد مساعد المدير العام لمكافحة المخدرات للشئون الوقائية عبدالإله بن محمد الشريف أن 60% من السجناء بالمملكة متهمون بقضايا مخدرات مما يؤكد انتشار السموم بشكل مخيف يستدعي وقوف جميع المؤسسات الحكومية والخاصة بجانب المديرية العامة لمكافحة المخدرات. مشيراً إلى أن خلال العاميين الماضيين شهدت مستشفيات الأمل بالمملكة 133 ألف شخص ما بين تنويم ومراجعة لعيادات الخارجية يعانون من إدمان المخدرات من بينهم 300 فتاة وقعن في الإدمان. وبيّن الشريف خلال حديثه ل»الجزيرة « أن المديرية العامة لمكافحة المخدرات ومن واقع عمليات الميدانية وقراءتها لما يقع به المراهقون من تعاطي للمخدرات كانت الدافع الحقيقي لوقع الشباب هي نكت المحششين أو ما يسمى (نكتة محشش) مما أسقط بعض المراهقين لتعاطي المخدرات وخاصة الحشيش بهدف التقليد. وطالب عبدالإله الشريف الشباب والفتيات بتغيير مصطلح محششين ل(أبو سنيد) باعتبار كلمة محشش دعوة إلى التعاطي وتعززها من قبل مروجي وتجار المخدرات، مشيراً إلى أن هناك عدة قضايا فقد بعض الأب والأمهات والأطفال أرواحهم بسبب. وعلى هامش بيان وزارة الداخلية المزمع الإعلان عنه اليوم كشف مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بمنطقة طريف العقيد عبدالله بن رشيد الشمري قائلاً: إن غياب التنسيق والتعاون مع جهاز مكافحة المخدرات من قبل المؤسسات والجمعيات والقطاعات الحكومية ساهم في عدم حل مشكلة المخدرات بالمملكة في السنوات الماضية، معللاً آمالاً كبيرة على الإستراتيجية الجديدة التي تبنتها المديرية العامة لمكافحة المخدرات وخاصة الاتفاقية بنها ووزارة التربية والتعليم، مؤكداً أن تحصين النشء مطلب للجميع ويساهم في الحد من انتشار المخدرات بين أوساط الشباب كاشفاً عن أن هذا المشروع الجبار لو يطبق حسب الاتفاقية لتم إغلاق جميع المؤسسات التي تعمل الآن لاحتواء هذه المشكلة. وبيّن العقيد الشمري قاعدة المعلومات التي تحتفظ بها المديرية والتي تساهم بشكل كبير في الوصول إلى أي معلومة تطلبها أيّ مؤسسة حكومية نسعى من خلاله لإيصال المعلومة بالشكل المطلوب وبأقل جهد وقتي ومادي، ونمتلك الخبرات والمختبرات ونفرح بالتواصل ونحتاج لمراجعين وتوزيع المهام بشكل إيجابي ونبتعد عن النمطية وعدم وضع النقاط على الحروف. وكشف العقيد الشمري عن أن من ضمن قاعدة المعلومات كشفت لنا أن جميع المخططين والممولين لتجار وعصابات المخدرات والذين يسعون لتدمير عقول واقتصاد الوطن لا يحملون الجنسية السعودية وهم يعملون من خارج الوطن وأغلبهم يقطنون أيضاً خارج الوطن ويستهدفون الشاب السعودي، حيث سجلت التقارير الأمنية بالمكافحة أن المتعاطين السعوديين هم الأكثر داخل المملكة وخاصة فئة الشباب. وقال العقيد الشمري إن المديرية للمكافحة بمنطقة الجوف لم تسجل أيّ حالة إدمان للنساء ولو حدث ذلك لتم الإعلان عنه دون تحرج. وطالب العقيد الشمري بوضع حلول بعد الكشف عن المشكلة الحقيقية وفتح قنوات اتصال بما يخدم الجميع مؤكداً أن الشعب بحاجة ماسة لعمل دراماً على غرار مسلسل «هوامير الصحراء» لمتابعتها بدل من مسلسل «مهند ولميس» لإيصال الرسالة التوعوية بالشكل الإيجابي. وختم العقيد الشمري بالدور الكبير والتنسيق المستمر والتعاون المثمر بين المديرية العامة لمكافحة المخدرات والجهات المساندة كالجمارك وحرس الحدود والجهات الأخرى بما يساهم في الحد من انتشار هذه اللآفة الخطيرة. كما تحدث الكاتب بصحيفة الجزيرة والخبير الاقتصادي المصرفي فضل بن سعد البوعينين قائلاً: تبذل وزارة الداخلية جهوداً جبارة من أجل حماية البلاد والعباد من شرور المخدرات التي باتت تهدد الأمن الوطني والاجتماعي. أرقام مخيفة تعلن عنها وزارة الداخلية تؤكد إستهداف المملكة من قبل قوى الشر الداخلية والخارجية. المملكة مستهدفة من تجار المخدرات، الباحثين عن المال بالدرجة الألى، فهي السوق الأكثر إغراء، ورواجاً على مستوى المنطقة؛ كما أنها مستهدفة من قبل قوى الشر التي تستخدم المخدرات كوسيلة للإضرار بالفرد والمجتمع، ومحاربة الوطن من الداخل لتحقيق أهداف تخريبية. أعتقد أن متوسط 5 مليارات ريال كقيمة تسويقية للمخدرات المضبوطة سنوياً يثير القلق ودق ناقوس الخطر، خاصة وأن ما يتم ضبطه عالميا يقل بكثير عما يتمكن المهربون من ترويجه في الأسواق، إذا نحن نتحدث عن مخدرات تقدر قيمتها بعشرات المليارات يتم تهريبها إلى الداخل، وهذا فيه من الأضرار الكبيرة على المجتمع، والأمن، والاقتصاد. ما يقرب من 30 مليار ريال ربما يكون جم الاقتصاد الخفي المرتبط بتجارة المخدرات، وما يرتبط بها من رشاوى، وهذا يتسبب بأضرار مباشرة للاقتصاد، والمجتمع، وإضرار غير مباشرة فيما يتعلق بكلفة علاج المدمنين، وحالات الوفاة، والإدمان المؤثر سلباً في الإنتاجية والأمن على حد سواء. وقال البوعينين يكفي أن نعلم أن ما يقرب من 60 في المائة من المحكومين في السجون على علاقة بقضايا المخدرات، وهي نسبة ترسم لنا حجم الخطر الذي تواجهه المملكة، وأنها باتت مستهدفة من قوى الشر في الداخل والخارج، مشيراً إلى أن الوفرة المالية، وتطور أساليب غسل الأموال ساعدا في نمو تجارة المخدرات حول العالم، ومن ضمنها السعودية، التي باتت هدفاً لتجار المخدرات، وعصابات غسل الأموال. قد يكون الكسب المالي الهدف الأبرز في تجارة المخدرات، إلا أن ذلك لا يُلغي وجود أهداف تدميرية أُخرى ربما كانت على علاقة بجهات استخباراتية تقف خلف تُجار المخدرات، وعصابات غسل الأموال. وبيّن البوعينين أن تصريحات الأمير نايف بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، التي جاء فيها: «لولا وجود الأموال وغسيل الأموال لما وجدت هذه البضاعة سوقاً رائجة» تُبرز العلاقة الوثيقة بين الجريمتين، وتؤكدها. الحرب على المخدرات تعني مواجهتها على محورين؛ المحور الأول؛ التجار والمروجين، والثاني عمليات غسل الأموال التي تُمثل المرحلة الأصعب والأهم لتجار المخدرات. وأكد فضل البوعينين ان نوعية المخدرات المضبوطة، وحجمها، يؤكدان على استهداف المملكة من قبل عصابات المخدرات المنظمة، التي يُعتَقَد بعلاقتها بجهات إستخباراتية خارجية. تهريب المخدرات هو جزء من مخطط قذر تقف خلفه جماعات، وأجهزة حاقدة تهدف إلى تدمير المجتمع ومحاربته من الداخل. وإحباط عمليات تهريب مخدرات بمليارات الريالات ترفع أكثر من علامة استفهام حول قدرة تجار المخدرات محلياً على إخراج، أو غسل أموالهم القذرة المتأتية من تجارة المخدرات!. نجاح المجرمين في إدخال تلك الكمية من المخدرات تمثل المرحلة الأولى، والرئيسة، من دورة العملية الإجرامية؛ ثم تأتي مرحلتا الترويج (التوزيع)، وغسل الأموال، وهي من وجهة نظر خاصة، من أخطر المراحل على الإطلاق خاصة، وأننا نتحدث عن مليارات الريالات التي لا يمكن إدخالها في القطاع المصرفي أو دمجها في الاقتصاد مع وجود الأنظمة والقوانين القادرة على مكافحة عمليات غسل الأموال!. وتساءل البوعينين قائلاً: هل يمكن أن تغامر العصابات المنظمة بإدخال شحنات مخدرات ضخمة تعجز عن إخراج ثمنها أو دمجه في الاقتصاد؟. (الثمن) يمكن أن يكون الوسيلة المثلى التي يمكن من خلالها القضاء على بارونات المخدرات، وحماية المجتمع من شرورهم. ووزارة الداخلية تقوم بدورها الأمني المسؤول في الحرب على المخدرات، و تبذل جهود متميزة في الجانب المالي الذي يعتبر الهدف الرئيس لتجار المخدرات، وأعوانهم؛ التركيز على الجانب المالي قد يقود إلى قنوات مُعتمة في جرائم المخدرات؛ أعتقد أننا بلغنا المرحلة الأخطر في الحرب الوطنية على المخدرات، حجم المخدرات المضبوطة، وقيمتها المالية المرتفعة يعكسان حجم الخطر المدمر المحيط بالمجتمع السعودي. مضيفاً أن كميات المخدرات المضبوطة تؤكد على أن السوق السعودية باتت هدفاً لمافيا المخدرات، وأن المراهقين والمراهقات، ومكونات المجتمع باتوا هدفاً للمروجين الذين لن يتوانوا عن حمل الأطفال والمراهقين على الإدمان لضمان إيجاد المشترين لبضاعتهم الفاسدة!، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية تقوم بالدور المحوري الأهم، والأضخم في «الحرب الوطنية على المخدرات»، ولكن ماذا عن الآخرين!!. الأسرة، المجتمع، المدرسة، الجامعة، المسجد، الإعلام، رجال المال والأعمال؟. كل هؤلاء مقصرون، ولولا تقصيرهم لما نجح تجار المخدرات في إغراق المجتمع بمخدرات كافية لتخدير شعوب، وليس شعب دولة واحدة. بقي على وزارة الداخلية سن تشريع يقضي بالكشف المخبري الإلزامي على قطاعات التعليم، والتعليم العالي، وطالبي الوظائف بأنواعها، والمُقدِمين على الزواج، وكل من تتحقق المصلحة في إجراء الفحوصات المخبرية لهم. أما رجال المال والأعمال فهم مطالبون بالمساهمة في بناء المستشفيات المتخصصة في علاج المدمنين، ونشرها في جميع مناطق المملكة للقضاء على العجز الحالي، والمساهمة في علاج المدمنين وتوفير الرعاية الصحية لهم. الحرب على المخدرات ليست مسؤولية وزارة الداخلية فحسب، بل هي مسؤولية مشتركة يجب على الجميع تحملها، وبما يضمن الحد منها، والقضاء عليها وحماية أرض الحرمين من شرورها المدمرة. بقدرة وزارة الداخلية على إضاءتها وكشفها سريعاً.