لن تعمل المؤسسات في معظمها على معاودة ابتكار ذاتها عن طريق تحسين مهاراتها الأساسية التي صقلتها طوال سنوات. وإن كانت لتتغيّر، فستقوم بذلك بدءاً من الخارج وباتجاه الداخل، ما يسمح للأفكار القادمة من أطراف الشركة بالدخول إلى صميمها. وستشكّل وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً من هذا التحوّل. وبإمكان العمليات التي تتم عند أطراف الشركة أن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، على غرار موقعي «فيسبوك» و»تويتر»، لإشراك الموظفين في قلب الشركة، وكذلك للاتصال بعمليات أخرى عند أطراف المؤسسة - وحتى بالمجموعات الكامنة عند الأطراف في شركات أخرى. وقد تساعد وسائل التواصل الاجتماعي على إنشاء بيئة من المؤسسات الطرفية وشركاتها الأم. ويعكس تطوّر سُبل التحديث هذا في الشركات تحوّلاً، أقله في غاية الشركة. وتفيد النظرة التقليدية بأن الشركة موجودة لتقليص تكاليف الصفقات. ولكن لديّ شكوكاً بأن الشركة لديها غاية جديدة - تقوم على الترويج لتطوير المواهب والقدرات، وبالتالي استقطاب واستبقاء الأفضل، في سياق الحروب المستمرة على المواهب. وكذلك، تقوم هذه الغاية الجديدة بجزء منها على استحداث ثقافة من المبادرات الجديدة التي تعزّز الرغبة الجامحة في التواصل بين الموظفين. وهذا ما تفعله شركتا «غوغل» و»فيسبوك» على ما يبدو. ويريد الناس العمل مع هاتين الشركتين، بسبب بيئات التعلّم الإيجابية فيهما، وبسبب الحرية التي يملكها الموظفون لإطلاق أفكار جذرية. وجل ما أتمناه هو أن ترغب شركات أخرى في الخروج من منطقة راحتها، تماماً مثل «غوغل» و»فيسبوك»، عندما يكون الأمر مرتبطاً بالابتكار والتسويق. ولم تكن صدفة أن تكون بعض الشركات الأكثر ابتكاراً مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي. وتشكّل وسائل التواصل الاجتماعي بحد ذاتها تهديداً لمنطقة الراحة في الشركات. فما عدد المسؤولين التنفيذيين الذين سمعتهم يقولون: إنه على الرغم من أن شركاتهم لديها صفحات على موقعيْ «فيسبوك» و»تويتر»، فهي لا تستعمل وسائل التواصل الاجتماعي؟ يمكن أن تكون شفافية وسائل التواصل الاجتماعي مقلقة للغاية بنظر الأشخاص الذين نشأوا في بيئات فيها منطقة راحة. ولكن كلّما زاد عدد المسؤولين التنفيذيين الذين يُقدمون على تجارب في وسائل التواصل الاجتماعي، رأوا أكثر من قبل أنه من شأنها أن تعزّز البنية التحتية المؤسسية للمستقبل وتحوّلها. (شارك جون سيلي براون في تأليف كتابي «ثقافة تعليم جديدة» A New Culture of Learning و»قوة السَحب» The Power of Pull، فضلاً عن عدد كبير من الكتب والمقالات، وهو من المثقفين الزائرين لجامعة جنوب كاليفورنيا، ورئيس مجلس إدارة معاون مستقل في مركز «ديلويت سنتر فور ذي إدج» Deloitte Center for the Edge. وتبوّأ في السابق منصب كبير العلماء في شركة «كسيروكس» ومنصب مدير لمركز بحوث الشركة في بالو ألتو).