الحديث عن واجهة مشرفة للشعر السعودي كالأمير والشاعر الكبير بدر بن عبدالمحسن على كل الأصعدة سواء من جانب ثقافي، أو اجتماعي، أو أخلاقي، وإنساني، أو من منظور نقدي، تبعث على الاعتزاز في النفوس لكل محب ومخلص ووفي لوطنه المملكة العربية السعودية وما قدمه نخبة أبنائها من - الشعراء الحقيقيين - من ثروة أدبية تقاس بها حضارات الأمم، لهذا كانت الأصداء الإيجابية المدوّية للقاء في الصميم على قناة روتانا خليجية مع الأمير والشاعر الكبير بدر بن عبدالمحسن، حيث قدّم سموه بمثالية مطلقة راقية ثقافة الشاعر الغزيرة كما ينبغي وسرعة بدهيته ودقته المتناهية، وشفافيته وأريحيته وأدبه الجم المعهود عن - أبو خالد - وهو قدوة للشعراء ومتذوقي إبداعاته، قبل وبعد لقائه كشاعر وإنسان قال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (18) سورة لقمان. وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خُلقاً) متفق عليه. وأشير لعبارة (التوافق الإنساني) التي اختزل وجسّد بها الأستاذ الإعلامي عبدالله المديفر تأثير - البدر - في جمهوره العريض من خلال تفاعلهم الذي واكب مرحلة إعداد حلقة اللقاء قبل موعد تسجيلها، وأشيد بلغة المذيع الذي تكلم بلسان جمهور الشاعر الكبير دون أن يلغي أي من حيّز مهنيته وحياديته ودقته التي انطلق منها لفحوى ومغزى أسئلته بحيث أعطى صورة أن الإعلامي السعودي لا يربط بين توجهه وأيدلوجيته من جانب وثقافته الشاملة من جانب آخر، وذلك بدافع إنصافه الراقي بحيث وجّه أسئلة وكأنها لناقد أدبي متخصص في صميم الشعر. وقد تخلل لقاء البدر جوانب عديدة سياسية، واجتماعية، وأدبية، وفنية وثقها بالشواهد والشعر. منها قول سموه حول مدى تأثير أصداء الربيع العربي كإجابة لسؤال يناقش التأثر والتأثير: الدولة السعودية منذ مئات السنين قدمت من ثاروا على الظلم وضحوا بأنفسهم من أجل الحق والعدالة. في إشارة تاريخية موثقة لرموز من أسرة آل سعود الحاكمة منذ مئات السنين ضحوا بحياتهم وقتلوا ظلماً وعدواناً في سبيل هذا الوطن الغالي ووحدته وكرامته والشريعة الإسلامية. واستشهد بمعنى الحرية الحقيقية المسؤولة في إطار المحافظة على الكيان الكبير الوطن الغالي وحلم ولاة الأمر الكرام تمثل ذلك بتجاوز لفظي في غير محله في مجلس الملك فيصل - رحمه الله - وكيف كانت ردة فعل الملك درس في الأخلاق والحكمة للأجيال، ووثق كذلك جانب من جوانب شخصية الملك خالد - رحمه الله - في أيام حياته الأخيرة وكيف كان الصابر المحتسب، يقول أبو خالد: الملك خالد يتكلم عن الموت وكأنه يتكلم عن الحياة. وليس أدق من هذا الوصف لسموه، وكذلك وثق انطباع الملك فهد - رحمه الله - عن نجاحات الأمير بدر في تصوير وإبراز أمجاد بلاده بنص قوله - رحمه الله - (والله ما ندري وش نجازيك فيه). أيضاً أبدى الأمير بدر اعتزازه المتناهي بتكليف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز له بأوبريت المئوية - دخول الملك عبدالعزيز إلى الرياض، كذلك تحدث البدر عن لمحة من الجانب الاجتماعي في أرض الوطن منذ سنين طويلة تمثلت بمن ارتبطت قصائدهم بأفعالهم ومكانتهم مثل الشيخ راكان بن حثلين والشيخ تركي بن حميد - رحمهما الله - وهذا انعكاس لاحترام الأمير بدر المتبادل لتاريخ مجد الآخرين كجزء من الثقافة الاجتماعية لتاريخ الشعر الشعبي. وعلى صعيد الشعر قال بلغته الراقية التي اعتادها الجميع: من منا لم يتأثر بشعر خالد الفيصل؟.. وأضاف: أحب أن أقرأ شعري وأغني شعر خالد الفيصل. وهي لغة لا تليق ولا تصدر إلا كرسالة متبادلة بين أبو بندر وأبو خالد منبرا تميز الشعر كمدرستين أدبيتين لا يضاهيهما أحد في نهجهما، أيضاً قال ما نصه: (الأمير سعود بن عبدالمحسن أكبر من شعري). واتبعها آهة مؤثّرة جداً يشعر بها كل صاحب إحساس عالٍ. أما عن شعر الأغنية فقال: كانت اللهجة الغالبة عليه الحجازية ثم النجدية، ففي البداية ارتبطت بالشاعر إبراهيم خفاجي وخالد زارع. وقال البدر: تميزت اللهجة النجدية لتميز شعرائها وليس لمحليتها، فلو برز شاعر من الشمال أو من أي منطقة لارتبط التميز بلهجته. ثم تحدث عن اللهجة البيضاء في الأغنية (تقارب اللهجات). ثم أنصف تاريخ الأغنية السعودية وتحديداً الوطنية تفعيلاً لنص المثل العالمي (مهما شرّقت أو غرّبت فلن تجد خيراً من الوطن) «East or West. home is best» وقال في نفس سياق إجابته إن الفنانين الخليجيين لم تتمرحل ذائقتهم في منهجية الشعر إلا بعد الفنانين السعوديين كطلال مداح ومحمد عبده وفوزي محسون، حيث تعاون معهم بعد الفنانين السعوديين. وفي جانب آخر، من الحوار تحدّث أبو خالد عن موقف في ذاكرته منذ الصغر للشاعر الكبير أحمد رامي - رحمه الله - وكيف أنه كان منسياً رغم تاريخه الكبير، وهي إنسانية عالية تحسب لشاعرنا. أعقب جزئية توجسه بأريحيته كمحب ومحبوب للناس بقوله: إذا نسوني زعلت وإذا ذكروني زعلت.. وكل شاعر كبير وإحساسه عالٍ يرى ما لا يراه الآخرون في هذا الخصوص، وها هو الشاعر الكبير جرير منذ مئات السنين يقول: ولقد عَجِبْتُ مِنَ الدَّيارِ وأَهْلِها والدَّهْرِ كَيْفَ يُبَدِّلُ الأَبْدَالاَ ورَأَيْتُ راحِلَةَ الصِّبَا قَدْ أَقْصَرَتْ بَعْد الْوَجِيفِ ومَلَّتِ التِّرْحالا فالأمير الشاعر الكبير بدر بن عبدالمحسن هو في قلب كل محب أصيل لتاريخ ومجد وتفرد الشعر الرائع في الوطن الغالي المملكة العربية السعودية وله من الجميع كل المحبة والتقدير.