- لم أجد أنسب من هذا العنوان للكتابة عن معالي الشيخ الفاضل: عبد الرحمن بن عبد الله أبا الخيل - وزير العمل والشؤون الاجتماعية الأسبق - بمناسبة تكريمه، فهو حقاً من الزمن الجميل، فهو جميل بسجاياه، جميل بعطائه لوطنه، لقد تولى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في بداية انطلاقة الخطوات الأولى لتأسيس العمل الاجتماعي المنظم وترسيخ مبدأ توطين الوظائف. الشيخ عبد الرحمن أبا الخيل هو الذي انطلق - حقاً - بهذه الوزارة إلى فضاءاتها الواسعة عمالياً واجتماعياً وإنسانياً.. وهو قبل ذلك وبعده (إنسان) لم تغيّره الوزارة، فقد ظل وبقي قبل الوزارة ومعها وبعدها ذلك الرجل المهذّب، عفّ اللسان، نزيه اليد، كريم الفعل، محبوباً من موظفيه ومن الناس. * * * لقد كان أول عمل لي بعد تخرّجي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي كان وزيرها.. وقد علمت بعدها أنه هو الذي اختارني وطلبني من وزارة الخدمة المدنية وكنت وقتها في بدايات كتاباتي الصحفية، وبعد فترة قصيرة من التحاقي بالوزارة اختار لي أن أعمل في إدارة العلاقات العامة والإعلام التي كان يرأسها الرجل الفاضل محمد سعيد الخالدي الذي تعلّمت منه الكثير بعد أن عمل فترة قصيرة في إدارة القوى العاملة، وكان مديرها سعادة الأستاذ يوسف كنتاب الذي عملت معه موظفاً استفدت منه وقد كنت جديداً على كلتا الوظيفتين، ثم شرفت بأن زامل التلميذ أستاذه يوسف في مجلس الشورى، وبعد أن ظللت بإدارة العلاقات والإعلام سنوات محدودة تعينت مديراً لها بعد أن انتقل أ. الخالدي إلى إدارة أخرى، وأضحى لي تعامل مباشر مع معالي الشيخ أبا الخيل وإن كنت إدارياً ارتبط بمعالي الأستاذ الفاضل محمد علي الفايز وكيل الوزارة لشؤون العمل الذي ظل إلى وقت قريب يخدم الوطن بكل أمانة وإخلاص، لقد كانت أعمال العلاقات والإعلام شاملة للوزارة بكافة وكالاتها الثلاث، من هنا كان لي الارتباط بمعالي الشيخ عبدالرحمن والاقتراب منه، والشرف بالإفادة من خبرته وتوجيهاته.. وقد كان - حفظه الله - مدرسة في حسن الأدب، وموضوعية التوجيه فضلاً عن رؤيته العميقة لما هو مطلوب من الوزارة في ميادين العمل الاجتماعي والعمالي. * * * من رؤيته الوطنية والإنسانية انطلقت الوزارة انطلاقة واسعة سواء فيما يتعلّق بالجمعيات الخيرية، أو مؤسسات الرعاية المختلفة أو مركز الخدمة ناهيك عن مساعدة المحتاجين ومساندتهم من خلال وكالة الضمان الاجتماعي أو فيما يتعلّق بشؤون العمل ولوائح الشركات وتوظيف السعوديين وتنظيم استقدام القوى العاملة، وأذكر أنه رغم كثرة أعمال الوزارة وتماسها مع كافة أطياف المجتمع لم يكن حريصاً على الإعلام إلا بقدر ما يبرز جهود الدولة وبقدر ما يشكل الوعي لدى الناس حول أعمالها وخدماتها. * * * إنني بمناسبة تكريم الشيخ أبا الخيل في مسقط رأسه (عنيزة) أستحضر موقفاً لطيفاً، لمعاليه علاقة به وقد كان مع الأستاذ الصديق علي الشدي، عندما كنت أعمل محرراً متعاوناً صحافياً في صحيفة (الرياض)، إذ حصل أن غطيت خبر افتتاح وزير العمل والشؤون الاجتماعية آنذاك الشيخ عبد الرحمن أبا الخيل لأقسام جديدة في المركز المهني في الرياض، وكان من ضمنها (قسم الحلاقة)، وكان أ. الشدي ممثلاً في هذه المناسبة لصحيفة (المدينة) وكان وقتها مسؤولاً في مكتبها في الرياض، وفعلاً أخذنا جميعاً الخبر مع صورة لمعالي الشيخ أبا الخيل وهو على كرسي الحلاقة، وأحد المتدربين يحلق رأسه، وبعد انتهاء المناسبة اتصل بي الأستاذ الشدي ناصحاً، بل ومحذّراً من نشر هذه الصورة للوزير، من منطلق أن معاليه لن يرضى عنها، بل سيغضب منها، إذ كيف أنشر صورة له وهو يحلق أمام القراء، وفعلاً اقتنعت برأيه، بل خفت بالأحرى وكنت في بداية عملي الصحفي، ولم أنشر الصورة مع الخبر، فهو أقدم مني تجربة من ناحية، وربما لسذاجة وطيبة فيّ! وعندما خرجت الصحف في اليوم الثاني وإذا (بالمدينة) تنشر هذه الصورة، وأما صحيفتي فلم تنشرها، ووجدت وقتها بعض التأنيب من المشرف على الصفحات المحلية، سامحك الله يا أبا عادل الشدي! * * * هناك أمر آخر قد لا يعرفه الكثيرون وهو أن الشيخ أبا الخيل أديب ومثقف وإن كان العمل الحكومي أخذه عن ذلك، لكنه ظل متابعاً وقارئاً، أذكر أنه عندما يتأخر عنه عدد من (المجلة العربية) إبان رئاستي لتحريرها.. يتصل سائلاً عن عدم وصول (المجلة العربية) على عنوانه في جدة. * * * الشيخ عبد الرحمن رجل وفاء لدينه ووطنه وعشيرته الأقربين؛ فهو ظل يخدم وطنه بعد تركه الوزارة، كما لم ينس أهله في عنيزة أو يتجاهل جذره فظل متواصلاً معهم بزياراته لمسقط رأسه وأنشأ له - بعد تركه الوزارة - مزرعة فيها، وقد كان له إسهامه في خدمتها بجاهه وماله وكريم أخلاقه وقد صدق د. عبد الرحمن الشبيلي في كتابه الجديد الجميل الذي أصدره بمناسبة تكريم أهله بعنيزة له عندما قال عنه: (نسيج من خبرات تراكمت في مجال التعليم والإدارة والعمل الاجتماعي والشورى والدبلوماسية، مشهود له فيها بالإخلاص والوطنية والذكر الحسن). وقد صدق. * * * ختاماً كم كنت أتمنى حضور مناسبة تكريم أهلي في القصيم ممثلين بأمير المنطقة سمو الأمير فيصل بن بندر وسمو نائبه الأمير فيصل بن مشعل وأهالي عنيزة للمشاركة في تكريم هذه القامة الوطنية أو بالأحرى (الإيقونة) الإنسانية، ولولا التزامي بموعد سابق مهم لكنت في مقدمة الحاضرين، لذا لعل سطوري وهي الأبقى تنوب عن حضوري، دعواتي لمعالي الشيخ عبد الرحمن أبا الخيل بموفور الصحة وديمومة العطاء، وتحية لقصيم العطاء وعنيزة الوفاء. [email protected] فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi