إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد، فما أنعم الله على عباده بنعمة أعظم من نعمة الهداية والاستقامة، وما عزت هذه الأمة وعلا شأنها إلا بامتثال كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، إذ بهما النجاح والفلاح، يقول الله سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (9) سورة الإسراء. إن كتاب الله عز وجل أعظم ما يتمسك به المؤمن لينجو من مضلات الفتن، وحوادث الزمان، فبه الهداية والتوفيق والرحمة والصلاح، كتاب كريم أنزله الحكيم الحميد نوراً وهدى للناس: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (15 -16) سورة المائدة. فيه البركة والرحمة والبشارة والنذارة، والهدى والنور:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (29) سورة ص.{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء} (44) سورة فصلت. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} (174) سورة النساء. إنه الشرف والخيرية والمكانة الرفيعة في الدنيا والآخرة. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) رواه مسلم. وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري. وعن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها) رواه أحمد. وإن من نعم الله على هذه البلاد أن أكرمها بالعناية والاهتمام بكتاب الله عز وجل، وكان لتلك المسابقات التي تقام للتنافس في ميدان حفظ القرآن الكريم أثر بالغ في تشجيع الناشئة والشباب للإقبال على القرآن وحفظه والتخلق بأخلاقه وآدابه والعمل به وتدبر معانيه، وما مسابقة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين البنات إلا شاهد على حرص مؤسسات هذه البلاد المباركة على كتاب الله عز وجل ورفع أهله تكريمهم، وها هي المسابقة في دورتها الرابعة عشرة برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- تمتد في عطائها وتفتح باباً للشباب للإقبال على كلام الله سبحانه والتنافس في ميدانه. أسأل الله عز وجل أن يجزي القائمين على هذه المسابقة خير الجزاء وأن يبارك في جهودهم وأن يجعل ما يقدمونه فيها ذخراً لهم يوم القيامة وأن يجعله من صالح العمل الذي يبقى أثره ولا ينقطع أجره. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين. * رئيس مجلس القضاء الأعلى عضو هيئة كبار العلماء