بعد اجتماعات ماراثونية دامت أكثر من نصف يوم كامل توصل وزراء منطقة اليورو إلى اتفاق بتقديم خطة الإنقاذ الثانية لليونان بمبلغ 130مليار يورو ويأتي هذا الاتفاق بعد أن وصلت اليونان لحافة الإفلاس وتنازلت البنوك الدائنة عن 53 بالمائة من ديونها حيث وافقت على شطب 130مليار يورو. لكن خطة الإنقاذ أقرت بناء على التزام اليونان بخفض ديونها الى 120بالمائة قياسا بناتجها الوطني حتى العام 2020م حيث يقدر حاليا عند 160بالمائة وترتكز خطة خفض الدين العام على اوسع خطط تقشفية أقرها البرلمان اليوناني قبل أيام قليلة وبالرغم من كل الإجراءات التي أقرت لخفض الإنفاق الحكومي إلا أن الأوربيين مازالوا يطالبون اليونان بمزيد من التقشف وخفض الإنفاق حيث يتوقعون أن لا تحقق اليونان النتائج المطلوبة خلال العقد الحالي. لكن السؤال الملح كيف لليونان أن تستعيد النمو باقتصادها فقد تم خفض الرواتب للعاملين والمتقاعدين وخفض بالموظفين أي مزيد من البطالة ولا تستطيع الحكومة بالتأكيد ضخ اموال اضافية لتنشيط الاقتصاد وستعاني اليونان من ركود اقتصادي طويل وعميق وسيتم التركيز الآن على إصلاحات ضريبية لمنع التهرب فيما سيعين الأوربيين مراقبي حسابات على الحكومة وسيتم فتح حساب تحت تصرف المراقبين يغطي التزامات اليونان لدائنيها لمدة ثلاثة أشهر بشكل دائم يتم استخدامه عند الحاجة إذا تخلفت الحكومة عن سداد أي جزء من ديونها القادمة بالإضافة إلى الكثير من الشروط و الالتزامات التي تضيق صلاحيات الحكومة المالية. اليونان دخلت نفق الأزمة الحقيقي والطويل ولا تبدو أنها ستستطيع الصمود طويلا تحت ضغط هذه الشروط المجحفة في بعضها وخصوصا التي ترتبط بالمواطنين اليونانيين مما يعني مزيد من الاضطرابات بالشارع وعدم استقرار سياسي حيث ستتغير الحكومات باستمرار لعدم قدرتها على تلبية مطالب الشارع وأيضا ستكون حركتها مشلولة بدفع الاقتصاد للنمو من جديد ولا تبدو لديها نافذة واضحة سوى بدعم جذب الاستثمارات وتخصيص أي قطاع وبيع أصوله للقطاع الخاص مما قد يرفع من تكاليف المعيشة على اليونانيين وحتى لو اتخذت مثل هذه القرارات فهي ستأخذ وقتا طويلا وستواجه عقبات كبيرة. خطة إنقاذ اليونان لا تحقق سوى نقطة جوهرية أساسية هو إبقاؤها ضمن منطقة اليورو لمصلحة دول المنطقة على حساب اليونان نفسها وإذا كان الأوربيين يريدون تصحيح وضع اليونان الاقتصادي وإيجاد توازن بين مطالبهم بالتقشف واحتياجات الدولة فيجب دعم الاستثمار باليونان ونقل وفتح مشاريع جديدة باليونان لتعويض حالة الشلل الذي ستعيشه حكومتها لفترة طويلة وسينعكس الاستثمار الأوربي باليونان على انعاش اقتصادها وخفض البطالة وزيادة موارد الخزينة فاليونان دخلت عمليا المرحلة الأهم والأكثر صعوبة من أزمتها وتتطلب خطة مستقلة قصيرة وطويلة الأجل وإلا فإن العواقب ستكون أكثر سوءًا من الوضع الحالي وسينعكس على دول اليورو المتوقع تعثرها مستقبلا ومزيد من الضغط باتجاه انهيار اليورو.