تعطي الأوساط الإعلامية والرسمية التركية أهمية غير عادية لفعاليات منتدى مجلس التعاون الخليجي التركي الأول، الذي من المقرر عقده في قاعة الاحتفالات الرئيسية في فندق فورسيزن إسطنبول، برعاية رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربي. وأكدت وسائل الإعلام الصادرة في إسطنبول أن المشاركة الخليجية العربية ستكون بوفود اقتصادية كبرى، ترافق وزراء الخارجية الخليجيين، وسيكون برنامج المنتدى الافتتاحي بكلمة ترحيبية من الرئيس أردوغان، من المؤمل أن يتطرق من خلالها إلى أهمية التعاون الاقتصادي التركي الخليجي في مجالات الاستثمار في الزراعة والطاقة والنقل والبحث العلمي، وغيرها من القطاعات الاقتصادية، ويشرح الرؤية التركية الرسمية لمجمل الأحداث السياسية المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة مستقبل ثورة الشعب السوري، وأبعاد التدخل الإيراني في الشؤون العراقية، وقد يتطرق للعلاقة الساخنة بين تركيا وفرنسا حول قانون جزاء إنكار مذابح الأرمن في العهد العثماني. وسيوضح الشيخ صالح كامل، رئيس اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، مجالات التعاون الاقتصادي المتطور، الذي بدأ عام 2000م بحجم تبادل تجاري بلغ مليارَيْ دولار، وتطور عام 2011م إلى مضاعفته عشر مرات، ويسعى الطرفان (الخليجي والتركي) لبلوغه أكثر من عشرين مليار دولار. وسيعرض الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، المشاريع المقترحة من دول الخليج العربي في المجالين السياسي والاقتصادي، والدعوة لتوثيق العلاقة المتطورة في العام الحالي. ويعقد رجال الأعمال الأتراك الأمل على السوق الخليجية العربية بوصفها بديلاً للأسواق غير المستقرة أمنياً وسياسياً في العراق وسوريا وإيران إثر الموقف الرسمي التركي المؤثر في حركة هذه الأسواق لصالح الميزان التجاري التركي بأثر التغيير السياسي السلبي الذي يميز علاقات تركيا بالعراق وسوريا، ومعهما الموجّه لسياساتهما (إيران)، حتى بلغ التباعد التركي العراقي إثر التصريحات الانتقادية المتبادلة بين المالكي وأردوغان بمطالبة بعض أنصار المالكي في جنوب العراق بمقاطعة الشركات والمنتجات التركية! تركيا تعتمد سياسة خارجية خاصة منذ تولي الدكتور أحمد داوود أوغلو وزارة الخارجية، ورسم استراتيجية دبلوماسية ترتكز على نظرية (حصان الاقتصاد هو الموجِّه لعربة السياسة)، ونجحت في تطبيقاتها مع دول وسط آسيا المسلمة والناطقة باللغة التركية وأصدقائهم في الشرق العربي، إلا أنها تعرضت لوقفة مراجعة مهمة في علاقاتها مع إيران بعد تأكدها من اتباع المذهبية الطائفية التوسعية هدفاً لسياسة إيران الخارجية، التي قد تتأثر من سلبياتها تركيا بعد تهديد رئيس الوزراء العراقي المالكي للرئيس أردوغان بأن هناك ملفات لدى العراق للتأثير في الوضع الداخلي التركي! ويهدف بذلك الطائفة العلوية والشيعية في تركيا، البالغ عددها أكثر من عشرة ملايين علوي، أكثرهم يقلدون المراجع الشيعية في العراق وإيران، إضافة إلى الملف السوري الذي أصبح مركز خلاف واضح بين طهران وأنقرة، ارتقى للتنديد الشعبي والرسمي الإيراني لحكومة أردوغان، ووصفها بوكيل السياسة الاستكبارية الأمريكية في الشرق الأوسط. إضافة إلى تصريحات سياسية استفزازية يطلقها بعض أعضاء مجلس النواب العراقي من كتلة المالكي بالدعوة إلى دعم وتأييد أعضاء حزب العمال الكردستاني الإرهابي الملتجئ في جبال قنديل شمال العراق. كل الأجواء السياسية الإقليمية مهيأة لبدء مرحلة نشطة من العلاقات التركية الخليجية؛ من أجل أمن واستقرار خليجنا العربي وازدهاره الاقتصادي، ومرحلة متطورة للقرار الخليجي الموحد. وجاء في تعليق المحلل السياسي التركي فهمي كوروني بجريدة (ستار) اليومية الواسعة الانتشار أن الأوساط الرسمية والإعلامية التركية تتطلع لخارطة طريق سياسية للعلاقة المستقبلية التركية الخليجية في فحوى الكلمة التي سيلقيها الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية حول الأحداث الإقليمية، وتعاون تركيا ومنطقة الخليج العربي. وستشهد نتائج هذا المنتدى المهم جداً لتركيا ودول الخليج العربي توقيع اتفاقيات جديدة تؤكد بنود مذكرة التفاهم الاستراتيجي بينهم، الموقعة في جدة عام 2008م. ونأمل بحراك سياسي واقتصادي وعسكري، يعزز العلاقات التاريخية الأخوية بين تركيا ودول الخليج العربي؛ من أجل أمننا القومي والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط وضمان حرية التجارة الدولية في خليجنا العربي وممراته المائية المهددة من ملالي طهران! - (هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية)