السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اطلعت على ما كتبه الأستاذ حفيظ الشمري في الجزيرة يوم 24-1-1433ه بعنوان (الجاد ثقيل الدم).. فألفيته مقالاً جيداً لكنه يحتاج إلى شواهد وأمثلة وتدبيج بالأدلة وتوشية بالبراهين.. فهو يشتكي من انجراف مجتمعنا للهزل والضحك والنكات.. ويسأم ويمل ويستثقل الرجل الجاد الحازم.. وصدق الشمري في طرحه، فإن غالب مجالسنا مجالس لهو وهزل وغيبة ونميمة، وهذه إشارات ودلالات خطيرة تدل على مستوى الوعي والإدراك، وتكشف ثقافة مجتمعنا! اعتزل ذكر الأغاني والغزل وقُلِ الفصْلَ وجانب من هَزَل وقال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: إنه ليكبر بعيني الرجل، فإذا رأيته فارغاً من دينه ودنياه سقط من عيني! فمع بالغ الأسف أن كثيراً من مجالسنا تغرق في خزعبلات وتفاهات ونقاشات إثمها أكبر من نفعها! والغالب فيها والمغلوب خسران! ضياع العمر في لهو ولعب ضياع لا يدانيه ضياع! فحبذا أن ترتقي هممنا، وتسمو نفوسنا لنتحدث بكلام مفيد سواء في ديننا أو دنيانا، حبذا نقاش أدبي أو علمي أو سياسي أو تاريخي أو اجتماعي أو عائلي أو تربوي! المهم (حمّظونا) بفائدة أياً كانت! إذا مرّ بي يوم ولم اكتسب هدى ولم أقتبس علماً فما ذاك من عمري إن المجتمع إذا استثقل الجاد فهو دليل على مرضه وسقامته! لجلسة مع أديب في مناظرة أنفي بها الهم أو استجلب الطربا أشهى لقلبي من الدنيا وزخرفها أو مثلها فضة أو مثلها ذهبا! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما جلس قوم مجلساً لا يذكرون الله فيه إلا كان عليهم تره!! أي حسرة! والمصيبة التي لا ينقضي منها العجب أن معظمهم يحب الجدية والفوائد لكنه يستحي أن يكون بالصورة! لسان حاله، بل أنا معكم أعشق الفوضى والتخلّف! فتباً لك ثم تباً لك! إذا جبنت عن قول الحق لا بأس بالمزاح واللطائف لكن بحدود الأدب والمعقول لا أن تكون هي الغالب والسائد! بل بمقدار الملح من الطعام! قال تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}, قال العلماء: يبدؤون بالمزح ثم يتطور الأمر إلى رزح! كما تقول العرب: أوله مزاح وآخره هزّ رماح! فيا أخي الكريم إن عجزت عن نحت الفوائد من ذهنك، فلا أقل من أن تكرمنا بسكوتك! ولا تكن معول هدم لمن يريد أن يفيد مجتمعه! لأن بعضهم لديه مرض قلبي فهو يرى ببصره الأسود أن كل من تحدث فإنه يسلبه جوّه ويتصدر المجلس! وأقول لماذا نسيء الظن وننظر النظرة السوداوية، فالمجال لمن يفيد والأولوية للجديد والمفيد. قيل لحكيم: ما خير ما يرزقه المرء؟ قال: دين ينجو به.. قيل: فإن لم يكن؟.. قال: علم يسمو به.. قيل: فإن لم يكن؟ قال: أدب يتحلَّى به.. قيل: فإن لم يكن؟ قال: عقل يتزن به.. قيل: فإن لم يكن.. قال: صاعقة تريح العباد والبلاد منه!). فأوصي نفسي وإخواني باغتنام الأوقات بما يفيد، وإن لم يفد فلا يضر! كلام الناس ليس يفيد شيئاً سوى الهذيان من قيل وقال! وفَّق الله الجميع.. والسلام عليكم.. د. علي الحماد