ليس النظام السوري وحده الذي فقد القدرة على القراءة الصحيحة لما يجري حوله ومعرفة نبض الشارع وما يردده الشعب، فهناك أنظمة عربية أخرى لا تزال تتحفظ على معالجة الوضع الخطير في سوريا الذي أوصله النظام الحاكم إلى ما نراه من ذبح وتدمير للممتلكات العامة بما فيها المساجد التي لم تسلم من إجرام النظام، فبعد منع المصلين من ارتياد المساجد أصبح تهديمها وتخريبها السمة البارزة لقوات الجيش وأجهزة الأمن. اليوم تعقد جامعة الدول العربية على مستوى المجلس الوزاري الذي يضم وزراء الخارجية لبحث ورقة العمل التي قدمها النظام السوري للجنة الوزارية التي ظلت طوال أسبوعين تحاول إقناع النظام باتباع أساليب توقف القتل وتمهد لحوار جدي وصادق مع المعارضة، إلا أن النظام يناور ويماطل بهدف كسب الوقت لارتكاب مزيد من المجازر ظناً منه أنه يستطيع أن يخمد الثورة السورية إن هو صعّد من مجازره اليومية. جامعة الدول العربية ممثلة بوزراء الخارجية أعطوا للنظام السوري مزيداً من الوقت، وأسهموا -وإن لم يرغبوا في ذلك- في سقوط مئات القتلى والجرحى وهذا ما جعل الشعب السوري يسخر من اللجنة الوزارية العربية ومن جامعة الدول العربية، وقد تصاعد غضب الجماهير السورية من جامعة العرب كما أظهرت «اليافطات» المرفوعة «الامتعاض» من منح جامعة الدول العربية الوقت للنظام الذي لم يمعن فقط في عمليات القتل بل صعّدها وأظهر عدم اهتمامه بمبادرة الجامعة التي تعمل من أجل أن يكون الخيار العربي وآليات الحل التي اقترحتها هي البديل عما يخطط له من آليات دولية في حالة فشل التحرك العربي الذي أمامه اليوم فرصة أخيرة في اجتماع وزراء الخارجية الذي سيعقد في القاهرة، فإن تأخر هذا الحل أو أفشل بسبب مماطلة النظام السوري وسكوت بعض الأطراف العربية التي لا تخفي معاونتها للنظام السوري في مناوراته لأنها تخشى أن يصيبها ما أصاب هذا النظام، فإن هذا الفشل بالإضافة إلى أنه سيمهد لتدخل دولي لا ينظر إلى مناورات وصفقات بعض الأنظمة العربية، كما أن هذا الفشل سينهي أية ثقة بالجامعة العربية لدى الشعوب العربية التي ستقتنع بأن الجامعة تحمي الأنظمة أكثر من دفاعها عن الشعوب، هذا إن كانت هنالك محاولات فعلاً لحماية الشعوب.