لم يعد ممكنا أن تخدع الآخرين حتى وإن خدعت نفسك، ولم يعد ممكناً أن تظل محصناً من غضب الآخرين حتى وإن كانوا أهل بيتك بل وحتى وإن سلّطت عليهم القتل والتعذيب والتنكيل. وما يجري في سوريا خاصة في الأيام التي يحرم الله قتل النفس البريئة أمر لا يطاق حتى من أهل الحكم أنفسهم وبيت النظام، وإذ ظن حكام سوريا أنهم قد نجحوا في خداع من أحسن الظن بهم، فإن حبل الخداع قصير.. وقصير جداً. جامعة الدول العربية رمت طوق النجاة للنظام، وبدلاً من أن يتلقفه الحاكمون في دمشق وينقذوا أنفسهم ومن التف حولهم أضاعوا هذه الفرصة التي تعد في كل الحسابات الفرصة الأخيرة. ماذا يعني الموافقة على سحب الجيش وقوات القمع والشبيحة من المدن والشوارع السورية وعشرات القتلى يتساقطون يومياً؟ في الثورات العربية في تونس ومصر وحتى اليمن وليبيا، كانت المظاهرات والمواجهات تقتصر على مدن محدودة، إلا في سوريا فالثورة شملت كل مدن وقرى وشوارع سوريا، ففي كل مدينة شهداء، أطفال ونساء، رجال وشيوخ، رصاص القمع لا يستثني أحداً، ومع هذا يماطل النظام ويناور محاولاً خداع الجميع، بعد أن خدع نفسه وأزلامه، إلا أن اليقظة لا بد أن تشمل الجميع وسوف يتخلى عنه بيت النظام حتى أبناءه، تلك حتمية التاريخ، والمنطق وإذ أمهلت جامعة الدول العربية النظام بعض الوقت، ونجح ممثلو بعض الأنظمة العربية في عرقلة عمل جامعة الدول العربية خوفاً من مصير قادم لأنظمتهم، فإن المجتمع الدولي لن يسكت طويلاً بعد عجز جامعة الدول العربية والأيام القادمة حبلى بالأفعال الجادة التي ستعمل على إنقاذ شعب سوريا من المجازر التي يرتكبها النظام الذي حوّل مدينة حمص وريفها إلى منطقة منكوبة تتطلب تحركاً سريعاً لإنهاء الخداع ووقف القتل المروع الذي لم يستثن أي بيت سوري فضلاً عن تدمير المدن والقرى.