ما إن يدور الحديث حول البطالة وارتفاع معدّلاتها في أوساط الشباب والفتيات السعوديات، إلاّ ونجد الأصوات تتعالى من قِبل القائمين على الكثير من مؤسسات وشركات القطاع الخاص، ملقين باللوم على مؤسسات التعليم العالي ومتّهمين الجامعات باتهامات بأنها تخرج شباباً وفتيات غير متمكّنين من المنافسة على فرص العمل في السوق، ومع احترامي لمن يذهب إلى طرح هذه الاتهام من قِبل رجال القطاع الخاص، إلاّ أنني أؤكد بأنّ هذا الاتهام يجانب الحقيقة، بل إنني لا أبالغ القول إذا قلت إنّ بعض أصحاب المؤسسات والشركات وتهرباً منهم عن واجبهم الوطني بتوظيف شبابنا وفتياتنا، نجد أنهم يرمون التهم جزافاً تجاه مؤسسات التعليم العالي. وبكل أمانة فلقد خطا كلٌ من مجلس التعليم العالي ووزارة التعليم العالي، خطوات جبارة في سبيل تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم العالي وحاجة سوق العمل، وذلك في ظل المعطيات الخيّرة التي بذلتها وتبذلها الدولة وفّقها الله في سبيل توفير فرص التعليم، ومن تلك الجهود ما يلي: 1- لقد نجح مجلس التعليم العالي في التوسع في إنشاء العديد من مؤسسات التعليم الجامعي، حيث ارتفع عدد الجامعات الحكومية من (7) إلى (24) جامعة، يندرج تحتها المئات من الكليات والأقسام العلمية، ومن الأهمية الإيضاح بأنّ جميع الكليات والأقسام العلمية التي تم إنشاؤها تحت مظلّة الجامعات الجديدة، هي كليات علمية تطبيقية أو صحية، إضافة لبعض الكليات في التخصصات المالية والاقتصادية والتي هناك حاجة لمخرجاتها في سوق العمل. 2- بالنسبة للجامعات القديمة، قام مجلس التعليم العالي في ظل توجيهات رئيس المجلس خادم الحرمين الشريفين، بإعادة هيكلة الكثير من الكليات والأقسام العلمية في تلك الجامعات، حيث تم التركيز على التخصصات التي تتواءم مع حاجة السوق، والحد من التخصصات التي هناك فائض لمخرجاتها. 3- بتوجيه من مجلس التعليم العالي، نجد بأنّ جميع الجامعات قامت خلال السنوات الماضية بتطوير منهجيتها وخططها الدراسية، لتكون أكثر مواءمة لاحتياجات السوق، وقد طوّرت الجامعات خططها الدراسية بالتنسيق مع الجهات الموظِّفة في سوق العمل كوزارة العمل والغرف التجارية وغيرها. 4- فيما يتعلق بالتعليم العالي الأهلي، فإنّ مجلس التعليم العالي وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين رئيس المجلس، وافق على إنشاء عشر جامعات أهلية وما يزيد على ثلاثين كلية أهلية خلال السنوات القليلة الماضية. الجدير بالذِّكر أنّ جميع التخصصات التي تم تبنِّيها من قِبل تلك الجامعات والكليات الأهلية، هي تخصصات تتواءم مع احتياجات سوق العمل. إضافة لذلك، فإنّ جميع الحوافز التي أقرّها مجلس التعليم العالي للجامعات والكليات الأهلية من قروض ميسّرة ومنح طلابية مقتصرة على التخصصات التي هناك حاجة لمخرجاتها في سوق العمل. 5- فيما يتعلّق ببرامج الابتعاث، فقد تم ابتعاث ما يزيد على المائة والخمسين ألف مبتعث ومبتعثة خلال السنوات القليلة الماضية، علماً بأنّ جميع التخصصات التي تم قصر الابتعاث عليها، هي تخصصات تلبّي احتياج سوق العمل. 6- غالبية الجامعات في المملكة بدأت خلال السنوات القليلة الماضية تتبنّى برامج السنة التحضيرية لجميع التخصصات، علماً بأنّ هذه البرامج تركِّز على تزويد الطالب بمختلف المهارات التي يتطلّبها سوق العمل، مثل مهارة اللغة الإنجليزية وعلوم الحاسب ومهارة الاتصال وغيرها. ختاماً، وبعد تلك الجهود المتواصلة التي بذلها كلٌ من مجلس التعليم العالي ووزارة التعليم العالي في سبيل سد الفجوة بين مخرجات المؤسسات التعليمية وحاجة سوق العمل، لذا أعتقد بأنه لم يَعُد من المناسب على بعض رجال القطاع الخاص، إلقاء اللوم على مؤسساتنا الجامعية.