إلى البحر.. تتلمس دروب الملح والنوارس. لا شيء سوى الذكرى ذات النكهة الأليمة. فحينما تفر الأسئلة من إسارها لا أجد بدا من كشف المخبوء الذي يأتي على هيئة تأوهات وحزن أليم. لم يبق لي يا بحر سوى هذه العتمة التي تلفني عند المغيب وإن أتيت في الصباح أو قرب الظهيرة وجدتك منهكا.. تميل إلى الحزن والصمت، ولا تقوى على الغناء شقي أنا يا بحر منذ أن عرفتك، فلا أسعد بأنيس، ولا أقبل على بشر! ليس لي من تلك الأيام إلا نظرة حالم توارت عن الواقع فلم تعد مفيدة أو ذات جدوى.. حتى النوارس باتت كغربان مذعورة لفرط جعجعت العالم المستيقظ للهاث الدائب. البحر لم يعد رفيق الحالمين إنما أصبح للمتعبين والمكبلين الذين يبحثون عن الخبز و قوتهم فلم أعد من رفاقك يا بحر؟! أسئلتي وأوراقي وذاكرتي لا شأن فيها للبحر هذه الأيام. لا لون لها ولا طعم أو رائحة هي الذكريات التي تعصف بالمتعب من سهر البحر وشقاء العاطفة.. أوراقي تبث شجن الكلمات وأول ما أعاتبه هو أنت يا بحر.. يا من تركتني أواجه الحياة المتعبة بجفوة ولغة قاسية فمتى أعود إلى أحضانك واقف على شطئانك مفعماً بوعد السهر الجميل والعزف البديع على أنغام موجك لحظة أن تبين أنك حافل بالكلمات والسيمفونيات والشعر الرائق.