التقاعس عن الرد، ترفعاً أو عدم القدرة على مواجهة الحقائق التي تتضمنها مواضيع النقد التي توجهها وسائل الإعلام للجهات الحكومية، يجعل المتلقي يعتقد بصحة ما ذهبت إليه الوسيلة الإعلامية وكاتب النقد، ويؤدي إلى فقدان الثقة ليس بالجهة الحكومية أو جهاز الموجه إليه النقد وترفّع عن الرد أو عجز عنه، بل يتعدى ذلك إلى فقد الثقة فيما تقدمه الدولة من خدمات للمواطنين من مشاريع للتنمية والتطوير وهي كثيرة. هذا الفهم والمضمون هو ما أوضحه التوجيه السامي للجهات الحكومية والمعنية التي تتناولها مواضيع النقد بضرورة الرد على ما ينشر في وسائل الإعلام من مغالطات في وقته لإيضاح الحقائق. التوجيهات التي تلقتها الجهات الحكومية بوجوب الرد الفوري على الوسائل الإعلامية التي تنشر ما ينافي الحقيقة ورفع دعوى ضد الوسيلة الإعلامية في حال تجاوزت في انتقاداتها معايير النقد البناء. هذا التوجيه السامي يتضمن توجيهين مهمين، أولاً الرد الفوري وتوضيح الحقائق لينشر ذلك في نفس الوسيلة الإعلامية، وهنا يجدر بالجهة المستهدفة التي نالها النقد المبادرة بذلك وأن تقدم الحقائق بمصداقية وشفافية، وليس تبريراً قد لا يكون مطابقاً للواقع، ولدى جميع الدوائر الحكومية مكاتب وموظفين متخصصين للقيام بهذه الأعمال، فدوائر العلاقات العامة تزخر بها الوزارات والناطقون الرسميون كثر. أما التوجيه الثاني فهو اللجوء إلى القضاء ضد الوسيلة الإعلامية التي تبث أو تنشر ما يتنافى الحقيقة والتي تتجاوز في انتقاداتها معايير النقد البناء، وفي وزارة الثقافة والإعلام لجنة مختصة تضم قضاة وخبراء إعلاميين للنظر في مثل هذه القضايا. وبهذا يكون من تلكأ أو حتى من عجز عن الرد كونه عاجزاً أو مقصراً، ولم يرفع دعوى على من اتهمه بالتقصير أو التجاوز، فإنه في هذه الحالة لا يتقاعس عن أداء دور في توضيح الحقائق ورفع التهمة والالتباس الذي طاله وزارته أو دائرته الحكومية فقط بل تسبب في تشويه العمل العام وفقد الثقة فيما تقدمه الدولة من خدمات بشكل عام. ومثل هذا المتقاعس الذي لا يقوم بالدور المناط به وهو جزء من مهامه يجب أن لا يستمر في مكانه لأنه يضر ذلك المكان وكل الأماكن الأخرى التي أنشئت لخدمة المواطنين ولا تجد من يتحدث عن أفعالها الإيجابية فضلاً عن اتهامها بالقصور وهي براء منه.