بخلاف الإعلان مؤخراً عن وقف خدمة «غوغل هيلث» (Google Health) الخاصة بالصحة، يأتي الإعلان عن إقفال «غوغل لابس» (Google Labs) (أو مختبرات غوغل) في 20 تموز - يوليو بمثابة مفاجأة فعلية. فقد شكّلت «غوغل لابس» مبادرة لامعة بصفتها استثمار في حقوق الملكية لعلامة تجارية، وساحة للابتكار، ووسيلة حديثة للتفاعل مع الملايين من العملاء ذوي الفضول. وبالطبع، كان تعبير «غوغل» الصريح عن رغبتها بتعزيز تركيز عروض منتجات الشركة وترشيدها أمراً معقولاً إلى حد كبير. وأصبح «تسخير موارد أكثر لمنتجات أقلّ» هو امتياز أولوية بالنسبة للرئيس التنفيذي لاري بايج. ولا أحد ممن يعرفه يشكك في التزامه الحازم بثقافة الابتكار للشركة التي شارك في تأسيسها. بيد أنّ هذه الخطوة تشير إلى أنّ إدارة «غوغل» ربما ترى في «غوغل لابس» تشتيتاً لتركيز الشركة أكثر منها محرك ابتكار. وهذا الاحتمال يثير تساؤلاً كبيراً يصيب مباشرةً جوهر قيم «غوغل» ونجاحها. ف»غوغل» هي شركة مبتكرة تزخر بأشخاصٍ ذوي أفكارٍ استفزازيةٍ. ولكنّ إدارتها تصرّ على أنّ تكون «البيانات» -وليس الحدس- هي المحرّك والمحدد النهائي لنجاح الابتكار. ومن هذا المنطلق، لا بدّ من طرح الأسئلة التالية: إلى أي حدّ كان قرار إقفال «غوغل لابس» مُوَجهاً من عامل «البيانات»؟ وبما أنّ إحدى مهام «غوغل لابس» الرئيسية كانت تقضي بتوليد بيانات مفيدة ومتبصّرة، فإلى أي حد كانت هذه الاختبارات والتجارب مهمة في تزويد الإدارة العليا بما تحتاجه من معلومات من أجل اتخاذ قرارات استثمارية مصيرية؟ وهل أنّ «غوغل لابس» قد أثمرت جهوداً مبددة أكثر منها بيانات قيّمة؟ ولنفترض أن بايج قد عالج هذه الأسئلة. وإذا ما أظهرت إحدى المراجعات أنه بإمكان مدراء المنتجات الحصول على بيانات مقارنة من حيث الكم والنوعية عن طريق إدارتهم لمختبراتهم الخاصة، عندئذٍ، قد تقلّ الحاجة إلى مواقع ابتكار مركزية. ولكن، ثمة سبب وجيه يحملنا على الاعتقاد بأنّ مواقع على غرار «غوغل لابس» تطرح توقعات مختلفة حيال الابتكار، وتجتذب مستخدمين مختلفين، وتسهّل أنماطاً مختلفة من التفاعل الابتكاري - وتسهم بالتالي في استحداث بيانات مختلفة على مستوى النوعية أكثر منها مختبرات تتوجّه نحو المنتجات. أليس هذا ما تسعى إليه «غوغل» وتحتاجه؟ يكاد أن يكون من المستحيل معرفة ما إذا كانت التبصرات الابتكارية والبيانات الصادرة عن مختبرٍ أكثر توجهاً نحو المنتجات، ستتفوق إلى حد ما على البيانات والرؤى المتأتية عن كيانات على غرار «غوغل لابس». لكنّ «غوغل لابس» قد شكّلت بالطبع سوقاً ابتكارياً مختلفاً لاستكشاف الأفكار الابتكارية وتقييمها. ولذلك، فإنّ إقفالها قد يحرم «غوغل» من مصدرٍ قيّمٍ محتملٍ للبيانات. (*) (مايكل شراج هو باحث زميل في مركز الأعمال الرقمية التابع لكلية «سلون» (Sloan) في «معهد ماساتوشتس للتكنولوجيا»، ومؤلف «لعبة جدية» (Serious Play) وكتاب «إلى ما بعد الأفكار» (Getting Beyond Ideas) المرتقب صدوره في الأسواق).