نيك ليسون، تنحّى جانباً، وجيروم كيرفيل، انسحب من الأضواء. وإذا كان كويكو أدوبولي مسؤولاً فعلاً عن تكبيد «يو بي أس» خسارةً بقيمة 2.3 مليار دولار، فإنّ وقاحته ستُخجِل المتداوليْن صاحبيْ السمعة السيئة في أوروبا. ولكنّ خجلهما سرعان ما يبهت بالمقارنة مع الذل الذي ألمّ بأكبر المصارف في سويسرا. فالانهيار المُعْترَف به في مراقبة الأنظمة ومراقبة المخاطر هو بكل بساطة مثير للصدمة. ومن هذا المنطلق، لا بدّ من الطلب من كلّ مسؤول كبير عن المخاطر ومدير غير تنفيذي في كلّ مؤسسة مالية « أكبر من أن تفلس» أن يثبت للآخرين أنّ قبضته محكمة على المخاطر أكثر من «يو بي أس». ويذكر أنّ هذا الانهيار مُخجِل بشكل خاص لأنّ مجلس إدارة المصرف قد طلب مراجعات عامة لأنظمة إدارة المخاطرة الخاصة به مراجعة تلو الأخرى في أعقاب تكبده خسائر بما يقارب 40 مليار دولار عام 2007 وحصوله على رزمة إنقاذ من الحكومة السويسرية. إلى ذلك، وفي حين قلّصت التغطية الإعلامية لمغامرة أدوبولي أهمية هذه المراجعات من دون أي تفسير، إلا أنّ نتائجها كان يجب أن تحتل بلا شك المرتبة الأولى في تفكير كل مدير تنفيذيٍّ في «يو بي أس». إذن، ماذا صدر عن المصرف بعد أن وقعت الخسائر الجسيمة به؟ «الحجم الفعلي للانكشاف على المخاطر قد تغيّر لأن المراكز في أنظمتنا قد تمت معادلتها بمراكز وهمية، وتسويات آجلة، ومراكز نقدية في صناديق نقدية قابلة للتداول زُعِمَ أن المتداول قام بتنفيذها. وأخفت هذه التداولات الوهمية واقع انتهاك التداولات الآجلة لقيود المخاطر المفروضة من قبل «يو بي أس»، حسبما جاء في بيانٍ صادرٍ عن المصرف.مضحك فعلاً لا سيما وأن هدف نظام مراقبة المخاطر الوحيد يقضي بإلغاء إمكانية اتخاذ مراكز «وهمية» وإجراء «تداولات وهمية». وبالفعل، فإن التمييز بين الاثنين قد لا يكون طفيفاً لكنّه يشكّل عملياً فشل أنظمةٍ مزدوجٍ. وكان أمام أنظمة إدارة المخاطر المختصة تحت إشراف مدراءٍ مؤهلين فرصتان لكشف أي ارتكاب غير قانوني أولهما عند اتخاذ المراكز، وثانيهما عند تنفيذ التداولات. إلا أن أهم ما في الأمر هو أن حالات الفشل العديدة في موقع واحد يجب أن تكون مستحيلة بكل بساطة. كما ومن المفترض أن يكون هنالك عدد كافٍ من عمليات التداخل والتكرار والتدقيق للحؤول دون وقوع هذه الحالات. هذا ويكشف تمكّن فرد واحد من التسبب بضرر بمليارات الدولارات على مر سنين – حتى ولو أصر «يو بي أس» علناً أن نظام إدارة المخاطر لديه يحتل صدارة أولوياته الإدارية – مصداقية المصرف أكثر مما يكشف سوء أمانة أحد المتداولين ذوي السمعة السيئة. وإنّ عدم القدرة ثقافياً، وتنظيمياً، وتقنياً على التعلّم من الكوارث التي ألمت به سابقاً والمراجعات الخارجية المكثفة يجعل من «يو بي أس» مثلاً واضحاً عن كل ما يمكن أن يسوء من القمة وحتى القاعدة ضمن مؤسسة مالية «أكبر من أن تفلس». (مايكل شراج هو باحث زميل في مركز الأعمال الرقمية التابع لكلية «سلون» (Sloan) في «معهد ماساتشوستس للتقنية»، ومؤلف «لعبة جدية» (Serious Play) وكتاب «إلى ما بعد الأفكار» (Getting Beyond Ideas) المرتقب صدوره في الأسواق).