كم تستغرقون من الوقت يومياً كي تنظموا أموركم؟ قلّصوه إلى النصف. فعندما يتعلق الأمر باستثماركم الوقت والأفكار والجهود من أجل تنظيم أنفسكم، يكون القليل مرادفاً للكثير. الواقع أنّ الأبحاث تشير إلى أن عملية التنظيم قد تكون أسرع وأفضل وأقل كلفة.وبحسب ملاحظات الباحثين في «أي بي أم» (IBM)، فقد وجد 345 مستخدماً للبريد الإلكتروني ممن «بحثوا» بدلاً من ترتيب الملفات والمحفظات لمراسلاتهم ما يبحثون عنه بصورةٍ أسرع ومع هامش أخطاءٍ أقل. وفي هذا الإطار، يبدو أنّ الوقت والتكاليف العامة المرتبطة باستحداث ملفات للبريد الإلكتروني وإدارتها قد ذهبت هباءً. ومن خلال المزج ما بين سلسلة التعليمات والأبحاث، من الممكن أن ينبثق عن التكنولوجيا حسنة اقتصاديةً تتمثل بعدم التنظيم الافتراضي. أما مشكلة الإنتاجية الفردية التي ينبغي على المسؤولين التنفيذيين التفكير بها ، فتتمحور حول ما إذا كانت عادات الفعالية التي أسهمت في ما مضى بتحسين الأداء، قد تحلّلت وتحولت إلى عمل ميكانيكي يقوّض النتائج المرجوّة. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد: هل تستحق أنظمة الترتيب ضمن ملفات ومحفظات 20 دقيقةً من التصنيف التأملي كل يوم؟ ولتبسيط الأمور إضافياً: ما الذي قد يثبت نفسه أكثر إنتاجيةً على المستوى الشخصي؟ هل هي المحفظات التي تفرز المستندات أسرع بنسبة 15% أم القدرة على البحث بواسطة جملة رئيسية والتي كانت أفضل بنسبة 20 %؟ لا أعتقد بأن أياً من الزملاء أو العملاء سينتقي الخيار الأول. فنماذج إنتاجيتهم الفردية تبدّلت، ومفهوم «التنظيم» لديهم بات يحمل صفة زمن آخر. وإن التحسين المستمر على مستوى الأبحاث المتمحورة حول الرسائل الإلكترونية والمستندات والسحابة من شأنه أن يحررهم من سلوكيات إدارة المعلومات الموروثة على غرار الحفظ ضمن ملفات.كما أنهم يريدون أن تردهم الدعوة إلى اجتماعات والجداول الزمنية مع روابط ضمنية تبعث بشكل فوري التزامات إلى رزنامة أعمالهم، ويتوقعون من تكنولوجياتهم أن تقسّم الوقت بطريقة سلسة وتسلّط الضوء على العناصر المتضاربة – وحتى تتوقعها قبل حصولها. ألا أنهم ينظمون بهدف بلوغ المرونة والقدرة على التأقلم والاستجابة الفورية. لقد انسحب مفهوم التنظيم أمام مفهوم الارتجال. والتنازل الأساسي يتمثل بأن عمليات الاقتصاد الجديدة على مستوى إنتاجية الشخص تشير إلى أنّه كلّما حاولنا أن نكون منظّمين بشكل أفضل كلّما قلّت فعاليتنا وزادت مضيعتنا للوقت. كما ومن المرجّح لنا أن ننجز الكثير بطريقةٍ أفضل إذا ما خصصنا وقتاً أقل للتنظيم ومنحنا هامشاً أكبر للتفكير جيداً بالنتائج المرجوة. وإنّ عملنا اليوم وغداً لا يقضي بأن ننظّم أنفسنا بشكل أفضل، بل بأن نكتسب الوسائل التكنولوجية الملائمة التي تلبي حاجات إنتاجيتنا الفردية. وليس الأمر أننا بتنا نعتمد إلى حد كبير على الوسائل التكنولوجية لتنظيم أنفسنا، إنما الأمر بأننا ما زلنا لا نعتمد عليها بما يكفي. (مايكل شراج هو باحث زميل في مركز الأعمال الرقمية التابع لكلية «سلون» (Sloan) في معهد ماساتوشتس للتكنولوجيا، ومؤلف «لعبة جدية» (Serious Play) وكتاب «إلى ما بعد الأفكار» (Getting Beyond Ideas) المرتقب صدوره في الأسواق).