أصبحت حالات هروب الخادمات وتواتر قصص هروبهن، قلقا مستمرا لكفلائهن، ففي الفترة الأخيرة زادت هذه الظاهرة التي كان خلفها عصابات تمرسوا على استغلال الخادمات الهاربات من كفلائهن بإغرائهن بالمال وتشغيلهن لدى غيرهم بأجر مضاعف والعمل لحسابهم، وتشغيلهن في أي عمل يدر المال على تلك العصابات، ولعل أخطرها سرقة المنازل التي يعملن بها أو استغلالهن في الرذيلة، ويشكل هروبهن خطرا من نواح متعددة فبالإضافة إلى الخطر الأمني هناك آثار سلبية اجتماعية واقتصادية.. عن هذا الموضوع نعرض اليوم الجزء الرابع من حلقات هذه القضية: حيث يقول المواطن عبدالله المحسن، إنه عانى كثيراً من هروب الخادمات مؤكداً أن اختلاطهن بخادمات في المناسبات الاجتماعية كان سببا رئيسيا في هروبهن حيث يوجد عدد من الخادمات لهن علاقات خارج المنازل ويعملن كوسيطات بين الخادمات وأشخاص يعملون على استغلالهن، مبيناً أنه اكتشف ذلك بعد هروب خادمة له ولعدد من أقاربه إلا أن إحدى خادمات قريباته كشفت الأمر. أما محمد العتيبي، فقال: إن خادمته هربت بمبلغ مالي قدره 10آلاف ريال بعد أن تغافلت والدته في الصباح الباكر إلا انه بفضل من الله قبض عليها وتم الاتصال بنا من شرطة الخبر بإبلاغنا عن القبض عليها فيم تم استرداد المبلغ، مؤكداً أن القصص كثيرة في مثل هذه السرقات والهروب. تحذيرات ولمواجهة هذا الخطر شددت الجوازات على المواطنين والمقيمين بعدم التعاون مع المخالفين لنظام الإقامة والخادمات الهاربات، وذلك لتفادي ضرر هذه الفئة، إضافة إلى تفادي العقوبة القانونية التي تصل إلى الغرامة أو السجن أو بهما معاً، في حين يتم ترحيل المقيم الذي يثبت تورطه في إيواء أو تشغيل الخادمات الهاربات. وفي هذا الصدد شدد مديرجوازات المنطقة الشرقية اللواء محمد الشلفان، على أهمية دور المواطن والمقيم، في التعاون مع رجال الجوازات في الإبلاغ عن المخالفين لنظام الإقامة وتحديد مواقعهم لتفادي ضررهم في مختلف الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، مؤكداً أن من يقوم بإيواء أو نقل أو تشغيل مخالف لنظام الإقامة سيكون عرضة للعقوبة القانونية والغرامة المالية التي تتعدد بتعدد المخالفين أو بالسجن أو بهما معا، في حين سيكون المقيم عرضة للترحيل إذا ثبت تعاونه مع أي مخالف لنظام الإقامة. وأضاف اللواء الشلفان أن الجوازات مستمرة في مواصلة الجولات وحملاتها التفتيشية لملاحقة المخالفين لنظام العمل، وأهاب بالمخالفين والمتأخرين عن المغادرة بعد انقضاء المدة المسموحة لهم بالإقامة في المملكة إلى سرعة مراجعة إدارة الوافدين لإكمال إجراءات مغادرتهم حسب الأنظمة والتعليمات. إغراءات مالية خلف هروبهن من جهته ذكر المقدم زياد الرقيطي الناطق الإعلامي بشرطة المنطقة الشرقية أنه يتم استقبال بلاغات هروب الخادمات ما لم تقترن بقضية جنائية من قبل مكتب المتابعة الاجتماعية ويتم من خلال المكتب عدد من الإجراءات الخاصة بذلك الأمر. وأما فيما يتعلق بالجانب الميداني أشار الرقيطي أن الجهات الأمنية ممثلة بالعاملين بالميدان تعنى في القبض على الخادمات الهاربات إذا ما ثبت هروبهن من كفلائهن وتسليمهن لجهة الاختصاص لاستكمال اللازم حيالهن. كما تعنى قوة الضبط الإداري بالشرط وشعب وأقسام التحريات والبحث الجنائي بتقصي المعلومات اللازمة عن تلك الفئة ومن يؤيهن والقبض عليهن ومن ثم تسليمهن بعد إعداد المحاضر اللازمة لجهة الاختصاص ممثلة بإدارة الوافدين بالجوازات. وأوضح الرقيطي « للجزيرة» أنه في الآونة الأخيرة أصبحنا نلاحظ اتفاق عدد من الهاربات مع أشخاص من خارج المنزل على الهروب لإيوائهن وإيهامهن على تشغيلهن بمبالغ مالية كبيرة لدى عائلات أخرى فيما يحصل ذلك الشخص على عمولة مالية مقابل ذلك الأمر. وشدد الرقيطي على خطورة التعامل مع الأفراد غير المرخصين للعمل في مجال استقدام العمالة للحصول على خادمة منزلية وما يترتب على ذلك من طائلة قانونية بما في ذلك تشجيع ضعاف النفوس لاستغلال تلك العمالة والعمل على حثهن على الهرب والحصول على مبالغ مالية كبيرة من وراء تشغيلهن بطرق غير مشروعة وبغير وجه حق. التسلط والعنف يدفعان للهروب وعن الأسباب التي تدفع الخادمات للهروب أوضح فيصل إبراهيم آل عجيان، الأخصائي النفسي، أن العوامل الاجتماعية والنفسية التي تدفع الخدم للهروب أكثرها الاشتياق للأهل وللديار التي تنحدر منها الخادمة والصدمة الحضارية وهي?: إحساس نفسي وجسدي بالتوتر والقلق والشعور بالضياع لمن يرحل عن المنطقة التي عاش فيها طوال عمره إلى منطقة أو دولة تتميز بعادات وتقاليد وجو مختلف ومغاير تماما لتلك التي تعود عليها. وهنا يمكن لأرباب العمل السماح للخادمة بالاتصال بالأهل خصوصاً الفترة الأولى من استقدام العاملة ومحاولة القراءة عن ثقافة المنطقة التي استقدمت منها العاملة وعن عاداتها في الترحيب والمأكل والملبس والأعياد، ومحاولة تذليل ألم الفراق وذلك عن طريق الترفيه والتركيز على الجوانب الإنسانية والمعاملة الحسنة وضمها للعائلة لتقليل ألم الغربة وعدم الضغط عليها بالعمل أكثر مما يجب وعند ارتكابها أخطاء، لا ينبغي لجوء رب الأسرة إلى التعنيف اللفظي والضرب أو بتشغيلها في أعمال تفوق قدرتها أو حرمانها من الحقوق وممارسة العنف النفسي والإهانة ونظرة الاحتقار والتهديد والاستهزاء. وبين آل عجيان، أن الأفعال التسلطية والانتهاك بصورة مباشرة تعزز أفكار خاطئة إذا تجاوبت العاملة، فتتملك أرباب العمل الرغبة في التسلط والعنف ومعالجة الأمور بالقوة والاحتقار ويؤدي إلى استمرار التعنيف وممارسته وتكراره في المستقبل وزيادة الضغوط تولد شعورا بالقلق والتوتر قد يؤدي بها للهرب. وأشار آل عجيان، إلى أن لهروب الخادمات آثارا وخيمة مستقبلاً على الخادمة ورب العمل وعلى الأسرة وعلى المجتمع، فهروب الخادمات يدفعها ومن حولها من الخادمات أو من يسمع بها إلى كراهية العمل في البيئة السعودية وتعميم التجربة، ومن الآثار السلبية أن الأسرة من أطفال ورب البيت الذين ينشؤون في بيت يتعرض فيه الخدم لسوء المعاملة غالباً ما ينشأ لديهم استعداد لممارسة هذا السلوك غير الإنساني ضد أنفسهم أو ضد الآخرين وتستمر كعقد نفسية ملازمة لحياة الفرد. وقد تتدهور لديهم مهارات اجتماعية ونفسية وسلوكية مهمة في حياتهم وهي مهارات الاحترام المتبادل. التوعية بالمعاملة الحسنة ودعا أخصائي القياس النفسي فيصل آل عجيان، إلى ضرورة إشاعة سلوك المعاملة الحسنة في الإعلام ووزارة التربية والتعليم من أجل تبني سلوك المعاملة الحسنة والعمل على تضمينها من خلال المقررات الدراسية المختلفة. كما يمكن الاستفادة من أئمة المساجد والخطباء في التأكيد على المعاملة الحسنة. وأشار إلى أن هناك حاجة لسن قوانين أكثر إنسانية ومتابعتها وحماية الخادمات المتغربات عن أوطانهم، كما اقترح خضوع أرباب العمل إلى وورش عمل لتأهيلهم وإقناعهم باللجوء للحلول المتسامحة والتعامل مع الخادمات بشكل إنساني ومتفهم، بالإضافة إلى تفعيل دور جهات الحماية كما ينبغي إشراك المجتمع الأهلي والتطوعي.