هناك من يرى أننا لسنا مجتمعا من الملائكة وأن دور الفن هو أن يكشف المستور ويطلع المجتمع على أخطائه وأن ذلك الضجيج الذي صاحب وتلى عرض بعض المسلسلات ما هو إلا بسبب أن تلك الحلقات مسّت ولامست محاذير اجتماعيه زائفة تناولتها الحلقات بجرأة فريدة ما يحسب لها أنها قدمت غير العادي والنمطي.ورغم أنني ضد الرقابة على المنتج الفني بشكلها التقليدي إلا أن هذا الفلتان الدرامي وهذا الهزال والابتذال الذي شاهدناه ممن ركبوا مطية الجرأة متجاهلين أصول اللعبة الدرامية يعتبر كارثة لا بد أن تجد لها وزارة الثقافة أو جمعية المنتجين حل لها، فالدراما سلاح خطير وهو بيد غير الأكفاء وغير المثقفين من الفنانين والمنتجين قد يصيب أقرب الأقربين. مشكلاتنا الاجتماعية يجب أن لا يتم تناولها بهذه السطحية لتقدم مشوهة للآخرين وهي ليست للمتاجرة وليست للبيع في سوق الفضائيات العربية التي أصبحت تتهافت على الدراما السعودية ليس حبا فيها ولا لنجومها بل لما تجلبه من إعلانات تجاريه وهذا أمر خادع ومحزن في نفس الوقت. جميع الذين ينتجون ويخرجون ويمثلون إلا ما ندر لم يتخرجوا من معاهد فنية لذلك فان على وزارة الثقافة والإعلام أيضا أن تقيم على الأقل دورات يحضرها كل من يتصدى للإنتاج الفني وتكون أساسا وشرطا لممارسة هذا النشاط ويتم تصنيف الفنانين والكتاب والمنتجين بهدف تطوير قدراتنا الفنية والتي مازالت تعتمد على الاجتهادات والتعلم بطريقة المحاولة والخطأ وإذا كانت الدول تقيم في سفاراتها ملحقيات ثقافية وإعلامية تحاول بث ثقافة وحضارة البلد فإن (بعض) واسمحوا لي أنا أؤكد على بعض مسلسلاتنا والتي للأسف تسمى (رمضانية) مع أن رمضان بريء منها براءة الذئب من دم يوسف، فمنها ما يجترح حرمة هذا الشهر ويعرض مالا يجوز أن يعرض من مشاهد. تلك المسلسلات شوهت ما يمكن أن تبنيه كل ملحقياتنا الثقافية وكل المعارض والأسابيع الفنية والثقافية التي تحاول وزارة الثقافة والإعلام أن تبنيها من جهة وتهدمها بدعمها لأعمال هزيلة بيد أخرى.تلك المسلسلات ومن كان وراءها عاجزة تماماً عن تقديم دراما حقيقية تجسد فيها قيم ومواضيع إنسانية عامه يتفاعل معها كل المشاهدين فمثل هذا النوع الراقي والاحترافي من الدراما يحتاج إلى كتاب ممثلين يعرفون معنى الفن ورسالته ويقدمون مواطنهم دون تجريح أو ابتذال ودون أن يكون مادة للاستهبال عليه باسم الفن، ويحتاج أيضا مؤلفين وكتاب سيناريو لديهم حظوافر من الثقافة والوعي والمسئولية وإلى مخرجين مبدعين يهمهم أن يظهروا أعمالا رائعة مضافا إلى ذلك كله دعم ورعاية رسمية وخطة واضحة لتطوير الدراما بشكل عام من قبل وزارة الثقافة والإعلام.