المتابع للدراما السعودية عن قرب في السنوات الأخيرة، يلمس حجم الميزانيات التي تصرفها مؤسسات الإنتاج على المسلسلات وعلى نجوم هذه الأعمال؛ وذلك للحضور بقوة ومنافسة العمل السعودي في سباق الدراما العربية، وعلى الرغم من تلك المبالغ المصروفة على الحركة الدرامية، وكم الإنتاج السنوي، إلا أننا نجد أن غالبية أعمالنا، إن لم يكن جميعها، تدار بكوادر عربية وذلك من خلال عدسات المخرجين العرب الذين لا نشك في كفاءتهم في إخراج تلك الأعمال، لكن الوضع أصبح مثل المدربين الأجانب الذين ينتقلون من فريق إلى آخر في الدوري المحلي نفسه..! من دون وجود منافسة، ولو بسيطة للمخرج السعودي، ومن دون الالتفات أو الأخذ بأيدي المخرجين الشباب ودعمهم من قبل مؤسسات الإنتاج.. «شمس» توجهت بسؤال إلى عدد من المخرجين السعوديين والمهتمين بالحركة الفنية.. «أما آن للمخرج السعودي أن يتولى دفة هذه الأعمال الدرامية؟!.. وما المعوقات التي تواجه المخرجين الشباب حتى تنهض الدراما المحلية بكوادر سعودية؟!». المخرج المحلي مجازفة في البداية تحدث المخرج الشاب سمير عارف، وقال: «المنتجون لا يرغبون في المجازفة بأعمالهم مع مخرجين شباب، وبعض المنتجين للأسف لا يقتنع بالمخرج المحلي». وأضاف عارف، أن عدم وجود معاهد تدرس الإخراج أحد الأسباب الرئيسة في خلق هذه المعضلة. وعن الثقة التي أعطيت له بتولي دفة إخراج مسلسل 37، قال: «الثقة لم تعط لي إلا بعد أن رأوا إخراجي في الحلقات التي شاهدها المسؤولون في قناة MBC وقناعتهم بما شاهدوه». ووجه عارف حديثه إلى المخرجين الشباب، قائلا: «لا تنتظروا من الآخرين أن يأتوا ليطرقوا أبوابكم، بل اعملوا بأنفسكم على تطوير إمكاناتكم، والنجاح ليس وليد يوم وليلة، بل يحتاج إلى العمل والمثابرة». مخرجون من دون كفاءة من جهته عزا المخرج رجاء العتيبي القضية إلى عدم وجود كوادر سعودية مؤهلة أكاديميا، وعدم امتلاكهم خبرات متراكمة وقال: «المخرج القادم من خارج السعودية أرخص سعرا من المخرج السعودي، ويتفقان في عدم الكفاءة، والدليل ما نشاهده من ضعف فني في الأعمال المحلية». وأضاف العتيبي: «حركة الكاميرا في مسلسلاتنا ميتة، والزوايا ضعيفة؛ لأن المنتج يبحث عن الرخص ولا يريد أن يصرف على العمل». وأكد أن بعض مديري الإنتاج في المسلسلات يلجؤون لتوجيه الفنانين والمخرجين، ويصبح مدير الإنتاج أو الممثل النجم هو الكل في الكل، وفي كل المشاهد تلاحقه الكاميرا، وكأنها تبحث عنه. الفن ليس له جنسية من جهته أوضح المخرج عامر الحمود، أن الضعف الموجود وعدم وجود كوادر سعودية هو ما فتح الباب للإخوة العرب، ومرحب بهم؛ لأن الفن ليس له جنسية، وقال: «برزت لدينا في الدراما السعودية ظاهرة المنتج المخرج، وذلك ما دفع الأسماء الموجودة للبحث عن الإنتاج أولا؛ لأنه أكثر ربحية». وأضاف: «للنهوض بالدراما نحتاج إلى عمل حكومي جبار، وفتح المعاهد التي تخرج مخرجين، وكتاب سيناريو، ومصورين، وطواقم العمل الفني كافة». أما محمد الغامدي رئيس جمعية المنتجين السعوديين فذكر أن الجمعية دائما ما تناقش هذا الموضوع وتعمل على إيجاد الحلول في كيفية الاستفادة من المواهب الموجودة لدينا وقال: «لاشك أن السعودية تزخر بالكثير من المواهب على كافة الأصعدة سواء كان ذلك في الإخراج أو الفنيين من مصورين ومهندسي صوت وغيرهم ولدينا طموح مستقبلي في إيجاد هذه الكوادر في الأعمال السعودية ووضع بصمتها»، مؤكدا أن ذلك سينعكس على جودة الأعمال بحكم أنهم أعلم بما يدور في المجتمع السعودي. فيما علق المخرج عبدالخالق الغانم حول الموضوع بقوله: «حقيقة هناك شباب طموح إلى حد بعيد وربما لديهم من الإمكانات الشيء الكثير وقد يفوق من يأتون من الخارج ولكن تبقى مسألة الثقة وكذلك الأجر مربوطة بهذا الأمر، ولهذا لا نشاهد هناك حضورا على مستوى الإخراج أو غيره من الأمور الفنية، وهذه لابد أن يوجد لها حل من قبل عدة جهات من ضمنها وزارة الثقافة والإعلام وكذلك جمعية المنتجين» .