واكبت مهنة التمريض في المملكة العربية السعودية تطور خدمات الرعاية الصحية خلال العقود الخمسة الماضية, وأسهمت هيئات التمريض بجهد وافر في الارتقاء بمنظومة الخدمات الصحية بشقيها الوقائي والعلاجي, قبل أن تنطلق إلى آفاق رحبة في أداء مهامها الإنسانية النبيلة, على ركائز من العلم والإدارة الحديثة, وتحقق إنجازات كبيرة في سبيل الارتقاء بجودة الخدمات التمريضية. وتزامناً مع احتفالات يوم التمريض الخليجي, وانعقاد منتدى التمريض السعودي الثاني بالعاصمة السعودية الرياض تتجلى إنجازات وإسهامات هيئات التمريض السعودية في مسيرة حافلة بالعطاء لملائكة الرحمة, تفاصيل هذه المسيرة ترصد ملامح منها أرقام وإحصائيات وأنشطة إدارة التمريض بالمديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض. بداية المسيرة: تدل سجلات وزارة الصحة على أن مسيرة العمل التمريضي كمهنة, ضمن كافة المهن العاملة في قطاع الصحة, بدأت عام 1378ه, في ذات الوقت الذي أرست فيه الدولة - رعاها الله - قواعد المنشآت الصحية الحكومية العصرية, لتقدم الخدمات العلاجية والوقائية لأبناء الوطن والمقيمين به, ومنذ ذلك التاريخ شهدت مهنة التمريض تحولاً نوعياً وكمياً في هياكلها التنظيمية والإدارية والفنية, شأنها شأن كافة المهن بالقطاع الصحي بما مكنها من تطوير أدائها, وقدرتها على استقطاب كوادر وطنية مؤهلة جنباً إلى جنب مع الكوادر الوافدة من الخارج. وقفزت مسيرة العمل التمريضي في المملكة قفزة هائلة بتأسيس الإدارة العامة للتمريض بوزارة الصحة عام 1423ه, وإنشاء فروع لإدارات التمريض في 20 منطقة ومحافظة في جميع مناطق المملكة. وحملت الإدارة العامة على عاتقها تنفيذ استراتيجيه الوزارة للارتقاء بمهنة التمريض من خلال تعزيز دورها والتعريف بأهميتها في المجتمع المهني الطبي والمجتمع عامة, ودعم وتكريم الكوادر المتميزة بهيئات التمريض في المنشآت الصحية كافة, وتوفير آليات التدريب والتأهيل العملي لتعزيز قدرات التخصصات التمريضية. وتركزت مهام الإدارة العامة للتمريض والتي ترتبط مباشرة بوكيل وزارة الصحة المساعد للطب العلاجي على وضع خطة لتطوير التمريض في جميع مناطق المملكة وإيجاد الضوابط والنظم واللوائح التي تحكم ممارسة المهنة, واعتماداً على دراسة وتحليل الصعوبات والمشكلات التي قد تواجه الهيئات التمريضية, إيجاد حلول عملية لها, وتحديد احتياجات القطاع الصحي من الكوادر التمريضية والتأكد من الاستخدام الأمثل لها في جميع المؤسسات الصحية وإيجاد الآليات لربط التعليم والتدريب التمريضي بالاحتياجات الفعلية للخدمات الصحية. وقد أثمرت هذه الرؤية الواضحة والتحديد الدقيق للمهام في تحقيق نقلة نوعية كبيرة في مستوى الخدمات التمريضية على المستويين الكمي والنوعي ليصل إجمالي عدد العاملين بمهنة التمريض في المنشآت الصحية الحكومية بمنطقة الرياض إلى ما يقرب من 10 آلاف ممرض وممرضة, إلى جانب تنفيذ عدد كبير من البرامج الخاصة بمعايير الجودة في هذه الخدمات والتوسع في التمريض التخصصي. وتؤكد تقارير إدارة التمريض بحصة الرياض أن هذه النقلة النوعية تمت عبر عدد من الإجراءات والصلاحيات الخاصة بتولي الإدارة لمهام الإشراف على هيئات التمريض بالمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية ومتابعة تطبيق السياسات والإجراءات بتنظيم العمل التمريضي من خلال الزيارات الميدانية, وشمولية برامج التدريب العملي وورش العمل وتكامل جهود متابعة المعاملات الخاصة بالعاملين في مجال التمريض وحل المشكلات التي قد تواجههم, ومتابعة إجراءات الابتعاث للدراسة داخل المملكة وخارجها, وإعطاء الحوافز للكوادر التمريضية للمزيد من إتقان وإجادة العمل والتطوير الذاتي للقدرات والمهارات, وتبني عدد من برامج التوعية والتثقيف لهيئات التمريض في المنشآت الصحية, وخاصة فيما يتعلق بمبادئ تحسين الجودة في الخدمات وعلاج أوجه القصور إن وجدت. ويلفت التقرير السنوي لإدارة التمريض بصحة الرياض في هذا الإطار عن تنظيم عدد كبير من ورش العمل, والتي تناقش سبل تطوير الإدارة التمريضية وتطوير المهارات التخصصية في تمريض أمراض بعينها مثل السكري, وجودة الرعاية التمريضية والتي أقيمت بالتعاون مع عدد من الهيئات والمؤسسات الصحية, إضافة إلى حضور فاعل في عدد من اللجان المعنية بخدمات التمريض, منها لجنة جائزة نسيبة بنت كعب للتمريض, والتي تشرف عليها الإدارة العامة للتمريض بوزارة الصحة ولجنة الاكتشاف المبكر للمعرضين لخطر الإصابة بداء السكري, بالتعاون مع المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض, ولجنة مشرفي التمريض بالمنطقة ولجنة دراسة الاحتياج التدريبي للعاملين بالقطاع الصحي في الرياض، والإعداد للدورة الثانية لمنتدى التمريض السعودي والذي يتصدر الفعاليات والأنشطة الخاصة بتطوير الخدمات التمريضية على أسس علمية تعلي من قيمة التخصص الدقيق في العمل التمريضي.