لا يوجد مخلوق على وجه البسيطة يلحق الأذى بنفسه وهو في كامل وعيه وسوى الإنسان! فيسرف على نفسه في أمور شتى تضر بصحته أبلغ الضرر ويرتكب في حقها حماقات قد تودي بحياته، ذلك أنه: يسرف في «تناول الطعام» حتى يصاب بالتخمة والانتفاخ وعسر الهضم والسمنة وما تجره عليه من البلايا. يهمل «ممارسة الرياضة البدنية» التي تنشط الدورة الدموية في عروقه وعضلاته، وتحفظ عليه لياقته البدنية، وتكسبه المرونة التي تعينه على ممارسة نشاطاته اليومية بكفاءة واقتدار. يبالغ في «السهر» فيرهق جهازه العصبي ويعرضه للكلل والإعياء. يقبل على «التدخين» بمختلف ألوانه غير عابئ بما يجره عليه من البلايا التي تلحق أبلغ الضرر بقلبه وشرايينه ومخه ورئتيه. يدمن تعاطى«المخدرات، والمسكرات، والمنومات، المسكنات، والمهدئات، والمنبهات، والمهلوسات..» لكأنه فأر تجارب لا تساوي حياته دراهم معدودات..!!. يالك من مخلوق عجيب أيها الإنسان! كافة مراكز البحوث والهيئات العلمية ومنظمة الصحة العالمية تتفق على أن تدخين السجائر يزيد من خطر الإصابة بالسكته الدماغية والأزمات القلبية فضلا عن آثاره الضارة الأخرى مثل الربو الشعبي والتهاب الشعب الهوائية والنفاخ الرئوي، تمدد الشعب والحويصلات الهوائية بالرئة، وسرطان الرئة. كما أن التدخين يسهم في الإصابة بتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم ويزيد من خطرهما على القلب والمخ ومختلف أجهزة الجسم. أغلب المدخنين يدركون خطر التدخين على الصحة وتراودهم الرغبة في الإقلاع عنه، وقد يحاولون ذلك مرارا وتكرارا لكنهم يفشلون في أغلب الأحوال ويضعفون أمام بريق السيجارة، ويعودون إلى حظيرة المدخنين. الإنسان يتجنب النار الحية والثعبان والأفعى والسموم القاتلة لأنه على يقين من أنها ستلحق به أذى فوريا يعرضه للخطر أو يقضي عليه قضاء مبرما دون إبطاء، لكنه على النقيض من ذلك يتمادى في عاداته السيئة كإدمان الخمر والمخدرات والتدخين والإفراط في تناول الطعام والانصراف عن الرياضة البدنية لأن آثارها الضارة تتسلل إلى جسده في بطء دون أن يشعر بوجودها حتى يفاجأ يوما بأزمة قلبية أو سكتة دماغية أو سرطان بالرئة أو فشل في الكبد يكلفه حياته. المدخنون يعتقدون أن التدخين يساعدهم على الاسترخاء في مواقف الشدة والقلق والكرب، لكن الأدلة العلمية تؤكد عكس ذلك، فالقلق والعصبية والتململ مظاهر رئيسية للكرب والضغوط النفسية، وهي في الوقت ذاته سمات بارزة في المدخنين كجزء من شخصية المدخن أو من حلقة القلق المفرغة التي يدور فيها. وارتباط التدخين بتلك المواقف أصبح عادة سيئة نمارسها كل يوم في الأفراح والمآتم ومختلف المناسبات الاجتماعية، وتدعمها وتحث عليها وترسخها في أذهاننا بعض المسلسلات التلفزيونية السطحية والأفلام الهابطة التي يحلو لمؤلفيها ومخرجيها أن يصوروا أبطالها المدللين وهم يشعلون السيجارة إزاء التعرض لموقف عصيب أو لضغط نفسي من أي نوع، ولاتكاد تخلو أغلب الأعمال الفنية من عاشق ولهان ينفث سيجارته في قلق انتظارا لقاء محبوبته، أو كاتب عبقري يتأمل الدخان المنبعث من أنفه وفمه ليستلهم أفكاره العبقرية، أو رجل أعمال ناجح أوطبيب حاذق أو مهندس ماهر أو شخصية بارزة، لاتفارق السيجارة أو السيجار أو الغليون شفاهم، فينطبع في ذهن المشاهد المسلوب الإدارة أمام بريق الشاشة الصغيرة والكبيرة هذا النموذج الفذ، ولا يملك إلا أن يحتذي به عند التعرض لمثل هذه المواقف التي تعالجها تلك الأفلام والمسلسلات. إنها حقا مأساة تستحق منا وقفة شجاعة لمجابهة الخطر الداهم الذي يهدد صحتنا ويفسد عقولنا وذوقنا الاجتماعي. خطر التدخين يشتد بدرجة كبيرة لدى الشباب والصبية الذين يتورطون في هذه العادة السيئة في أعمار صغيرة تقليدا للكبار واثباتاً للرجولة..! ذلك أنهم يتعرضون للأزمات القلبية والسكتات الدماغية في الثلاثينات والأربعينات ويدفعون ثمناً غاليا يكلفهم حياتهم لقاء لحظات من اللذة الزائفة والمتعة الواهية التي تصاحب تدخين السجائر أو السيجار أو الغليون. منذ بضع سنوات كان من النادر أن تصادف مدخنة، لكن هذا المنظر أصبح مألوفاً بدرجة تثير الدهشة، حيث ازداد عدد المدخنات عشرات الأضعاف وأصبحنا نلحظ ذلك في كل مكان، فقد شاءت المرأة أن تشارك الرجل عاداته السيئة التي تكاد مقصورة عليه تقريبا، وعز عليها أن تتركه أسير عادة التدخين وحيدا، وتصورت أن التدخين مظهر من مظاهر الحرية الشخصية والارستقراطية وأنه يضعها على قدم المساواة مع الرجل الذي سبقها إلى هذا منذ عهد بعيد، ومن خلال التجربة اكتشفت المرأة أن التدخين يقلل شهيتها للطعام، فازدادت تمسكا به سعيا نحو الرشاقة التي تنشدها حتى وإن كان ذلك على حساب صحتها التي تتعرض للخطر يوما بعد يوم، ولم تلتفت لأمور أخرى مهمة على بساطتها كرائحة فمها وسلامة أسنانها.. إلى آخر ذلك من مظاهر الجمال والجاذبية. وهكذا جنت على نفسها، وراحت تدفع ثمنا غاليا من تدهور صحتها وانطفاء جمالها وحيويتها، وازدادت معدلات إصابة النساء بارتفاع ضغط الدم، وارتفاع كولستيرول الدم، وتصلب الشرايين المبكر وهي عوامل خطرة تجعلها فريسة للأزمات القلبية والسكتات الدماغية. ولئن كان من حق المدخن أن ينتحر ببطء من باب الحرية الشخصية فإنه ليس من حقه أن يقتل الآخرين بالسموم التي ينفثها في كل مكان، فالدخان المنبعث من أنوف المدخنين وأفواهم يلوث الهواء الذي يستنشقه غير المدخنين، فيتعرضون لنفس المخاطر التي تهدد حياة المدخنين، بل ربما لخطر أشد، وتعرف هذه الظاهرة بالتدخين السلبي.. وهو يمثل اعتداء صارخاً على حق غير المدخنين في استنشاق هواء نظيف خال من التلوث.. ويجعلهم مدخنين رغم أنوفهم..! ففي الوقت الذي يتناقص فيه عدد الأشخاص المدخنين في الدول المتقدمة يحدث العكس تماماً في بلدان العالم الثالث الفقيرة، ذلك أن عدد المدخنين في البلاد النامية في تزايد مطرد، وحرص المدخن على السيجارة يفوق كثيراً حرصه على رغيف الخبز، وينفق الكثيرون حوالي نصف دخلهم في شراء السجائر التي يدخنونها..! وتشير الأدلة إلى أن السجائر التي تباع في الدول النامية تحتوي على مايقرب من ضعف كمية القطران والنيكوتين الموجودة في مثيلاتها في أوربا وأمريكيا وهو أمر مثير للدهشة والريبة، ذلك أنهم يصدرون إلينا كل ما هو سيئ وضار بصحتنا وذوقنا الاجتماعي وعاداتنا وتقاليدنا، الخمر والمخدرات والسجائر والسيجار والغليون«والمودات الغريبة» كالميني جيب والميكروجيب، وأفلام العنف والجنس والانحلال الخلقي، والأغذية الفاسدةوالملوثة بالإشعاع والنفايات.. الخ. وتؤكد البحوث أن ثلث المدخنين على الأقل يلقون حتفهم بسبب التدخين، مما أثار اهتمام كافة الهيئات الصحية العالمية، فتبنت تلك الهيئات والحكومات التي تتبعها إعداد وتمويل برامج مدروسة لمقاومة التدخين، وألزمت الشركات المنتجة للسجائر أن تسجل على كل علبة«أن التدخين يضر بصحتك» أو أن السجائر تسبب سرطان الرئة والنزلات الشعبية المزمنة وجلطات القلب. لقد أصبح الشخص المدخن محاصراً تماماً في كافة البلدان المتقدمة، ذلك أن التدخين ممنوع في دور السينما والمسرح والأوبرا والسيرك ووسائل المواصلات العامة ودور العبادة والمحلات والمستشفيات والمؤسسات والمصانع والمتاحف والمتاجر، بل ودورات المياه حتى إن الشخص المدخن ليشعر بالخجل في مواجهة الحصار المضروب من حوله والعدسات المسلطة إليه من كل جانب، ولا يجرؤ أن يخالف التعليمات الصارمة، وإلا تعرض للمساءلة فضلاً عن نظرات الاحتقار التي تطارده. وعلى النقيض من ذلك فإن المدخنين في بلادنا لا يعبؤون بأي تعليمات وتراهم ممسكين بسجائرهم في أكثر الأماكن ازدحاماً مطلقين سحب الدخان الكثيفة في وجوه الحضور وأفواهم وأنوفهم في تحد سافر واعتداء أثيم على حق غير المدخنين في أن يستنشقوا هواءً نقياً، ولا يجرؤ أحد أن يعترض أو يحتج وإلا أسمعه المعتدي والمتغطرس كلاماً يزيد من تلوث من حوله. التدخين من وجهة النظر الإسلامية: اختلف العلماء والفقهاء في حكم تعاطي التدخين بكل أنواعه وأصنافه، فمنهم من قال بالحرمة القطعية، ومنهم من قال بكراهة التحريم، ومنهم من قال بكراهة التنزيه، ومنهم من أباحه ومنهم من قال بأنه تجري عليه الأحكام الخمسة وهي الحرمة، وكراهة التحريم وكراهية التنزيه والإباحة وخامسها الندب. المحرمون للدخان وأدلتهم: واستدل هؤلاء لما ذهبوا إليه بأدلة من الكتاب والسنة والمعقول وأهمها:1 قوله تعالى «يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث» سورة الأعراف آية 157، معتبرين بذلك أن الدخان من الخبائث، لأن الخبث في اللغة يطلق على الرديء المستكره طعمه أو ريحه. 2 تعاطي الدخان إضاعة للمال وسرف وتبذير، وقد نهينا عن إضاعة المال بقوله «ص» «أن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع أمهات وكره لكم قيل وكثرة السؤال وإضاعة المال» رواه المغيرة بن شعبة. 3 أن الرسول«ص» «نهى عن كل مسكر ومفتر» فالدخان مفتر بشهادة أهل الطب والخيرة. 4 كون رائحة التدخين فتنة ومؤذية من لا يتعاطاه، وإيذاء الناس حرام ورائحة الدخان أشد إيذاءً من رائحة الثوم، حيث يروي جابر رضى الله عنه «من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته». وروى الطبراني في الأوسط عن أنس بإسناد حسن عن رسول «ص» «من آذى مسلماً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله». 5 أن الدخان من المشتبهات، والذي يقع فيها يقع فيما حرم الله، وأمرنا رسول الله «ص» باتقائها. 6 ودليل العقل أنه ثبت لكل عاقل أن الدخان يضر بالجسم ويسبب له الهزال، وسبق أن ذكرنا أضراره. وتقول القاعدة أن التحريم يدور مع الضرر فإن الدخان حرام لثبوت ضرره على الجسم. وكذلك فإن الله سبحانه يقول «ولا تقتلوا أنفسكم». سورة النساءآية 29. المحللون للدخان وأدلتهم: واستدلوا لما ذهبوا إليه فيما يلي: 1 قوله تعالى «هو الذي خلق لكم مافي الأرض جميعاً» سورة البقرة آية 29 واللام في الاية للنفع، فتدل على الانتفاع بالمنتفع مأذون شرعاً وهو المطلوب. 2 قوله تعالى «قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق» سورة الأعراف آية 32، والمراد بها المستطابات طبعاً وذلك يقتضي حل المنافع بأسرها. 3 أن الأصل في الأشياء الإباحة وأن الدخان مما سكت عنه الشارع الحكيم فهو مما عفي عنه لحديث الترمذي وابن ماجة «الحلال ما أحل الله في كتابه العزيز والحرام ما حرم الله في كتابه الكريم وما سكت عنه من غير نسيان رحمة بكم فهو مما عفا الله عنه». قال المناوي في شرح قوله: وما سكت عنه: أي لم ينص على حله ولا حرمته نصاً حلياً ولاخفياً، فهو مما عفا عنه فيحل تناوله مالم يرد النهي عنه. 4 قال الشيخ النابلسي «جزمت بإباحة شرب التتن والقهوة ونحوهما بما لا يضر بالعقل ولا بالبدن ضرراً يقتضي التحريم ولا الكراهة، بل أن تصور الضرر في ذلك كان مثل غيره من المباحات كاللحم والخبز والسمن والعسل والزيت فإن لها ضرراً في بعض الأوقات، ولكن هذا الضرر لا يقتضي التحريم ولا الكراهة. 5 أن الإفتاء بحله فيه رفع حرج عن المسلمين لأن أكثرهم مبتلون به وتحليله أيسر من تحريمه، ورسول الله «ص» ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما. زيادة الضرائب والأسعار في مكافحة التدخين يرى البعض أن زيادة أسعارالسجائر هي الوسيلة لتقليل مبيعاتها وبالتالي يمكن أن يسهم ذلك في منع التدخين.. حيث إن التدخين من أهم الأمراض الموجودة في المجتمع.. بل أن الهجوم عليه أصبح أكثر حدة في الولاياتالمتحدةالأمريكية ذاتها، التي تعتبر أكبر منتج ومصدر للسجائر في العالم.. وذلك بعد أن ثبت أن التدخين يسبب أمراضاً خطيرة كالسرطان وحساسية الصدر والربو وتصلب الشرايين.. وأن من وسائل محاربة التدخين رفع أسعار السجائر. ومن الناحية الاقتصادية أن السجائر تدخل ضمن مجموعة من السلع التي تتصف بانخفاض المرونة السعرية، أي أن الطلب عليها غير مرن lnelastic بمعنى أن استجابة الطلب تكون منخفضة لتغيرات الأسعار.. أي تشبه السلع الضرورية كالغذاء، حيث مهما ارتفع السعر فإن الطلب لايتأثر أو يتأثر بمقدار قليل، فلا يمكن للناس ألا تأكل.. والسبب في ذلك فأن المدخن يدمن أو يعتمد على السيجارة. أي أن السبب في انخفاض مرونة الطلب على هذه السلعة وعدم تأثير السعر على الطلب عليها يرجع إلى أسباب أخرى هي المسببة لزيادة أعداد المدخنين، فالتدخين أصبح ينظر إليه كنوع من المخدرات رغم اختلاف التركيب الفارماكولوجي له عن المخدرات. معنى ذلك أن زيادة الضرائب على شركات السجائر أو زيادة الأسعارليست وسيلة مجدية لمكافحة التدخين.. ولكنها يمكن أن تكون وسيلة لزيادة حصيلة ضرائب الدولة وتمويل مشروعات أخرى قد ترى أن لها عائداً اجتماعياً أفضل.. بل يمكن أن تستخدم هذه الحصيلة في محاربة التدخين بالوسائل المتاحة الأخرى. ويوجد اتجاه لشركات السجائر الأمريكية بعد تحقيقها لخسائر نتيجة السياسات المتبعة في محاربة التدخين الى التوجه إلى الدول النامية وتنفيذ خطة للوصول إلى الشباب أقل من 18 سنة.. وهذه الشريحة العمرية من أهم عوائق حلول مشكلة التدخين في هذه الدول. إن تكاليف العلاج لما ينتج عن التدخين من أمراض تفوق أضعاف ما تحصل عليه الدولة من ضرائب ورسوم على الدخان.. وإذا كانت الدول الكبرى المنتجة والمصدرة تحارب التدخين لحماية شعوبها، فإن على الدول المستوردة اتخاذ سياسات أشد حماية ضد هذا الخطر. وذكر تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية في جنيف أن نحو أربعة ملايين شخص يموتون سنوياً بسبب الأمراض الناتجة عن التدخين، وأنه من المنتظر زيادة هذا العدد إلى 10 ملايين سنوياً في عام 2030. فإذا كانت زيادة الضرائب وأسعار السجائر قد لا تؤدي إلى خفض الطلب على السجائر.. فيمكن استخدام حصيلة زيادة أسعار السجائر في تكاليف العلاج وفي حملات التوعية. أي زيادة الرسوم على السجائر لايؤدي إلى منع التدخين أو حتى التقليل منه ولكن يمكن أن يؤدي إلى الوقاية من أضراره. كيفية مكافحة التدخين إن الغرض من مكافحة التدخين هو درءالويلات الناجمة عن الأمراض والوفيات المبكرة وما تجره من آلام بشرية بسبب التدخين أو الحد منها على الأقل. وتهدف التشريعات المناهضة للتدخين إلى مايلي: 1 تقليص التدخين بصرف اليافعين عن الوقوع في براثن عادة التدخين. 2 تقليص التدخين بتشجيع جميع المدخنين على التوقف وخاصة النساء الحوامل والآباء والأمهات الذين مازال أطفالهم صغاراً جداً، والأشخاص الذين يعانون من مشكلات طبية«خاصة الذين يعانون من الربو والأرجية وانتفاخ الرئة والتهاب القصبات وأمراض القلب، والعمال المعرضون لأخطار البيئة الصناعية والأفراد الذين قد تسبب إصابتهم بالسكتة القلبية الناجمة عن التدخين خطراً على حياة الآخرين كالطيارين على الخطوط الجوية وغيرهم من العاملين في النقل العام. 3 حماية حق غير المدخنين في استنشاق هواء نظيف. 4 العمل على خلق قناعة عامة لدى المواطنين بأن التدخين خطير ومخالف للقواعد الصحية وغير مقبول اجتماعياً، والمساعدة على خلق بيئة معادية للتدخين. 5 توفير الحافز لشن حملة عامة ضد التدخين. هناك تشريعات عديدة مناهضة للتدخين، ومن أهمها: أولا: إخضاع الدعاية التجارية وجميع أشكال ترويج التبغ للرقبة. إن إنفاق الأموال الطائلة على الدعاية التجارية يساعد على تأصيل واستفحال عادة التدخين بتصويرها لها كشيء يصاحب النجاح والمتعة والانبساط والحرية وقد أوضح مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية أن الأموال التي بذلت على الدعاية التجارية من قبل مجموعات التبغ العالمية عبر الوطنية قد بلغ في عام 1978م حوالي 1800 مليون دولار، ولتحقيق هذا التشريع يجب منع كل وسائل الدعاية التجارية لترويج التبغ في وسائل الإعلام كافة. ثانيا: إصدار تحذيرات صحية وبيان محتويات منتجات التبغ من القطران والنيكوتين. يجب أن تكتب محتويات التبغ من القطران والنيكوتين، كما يجب أن توضع ملصقات مناهضة للتدخين. ثالثاً: مراقبة المواد الضارة في التبغ: يقول السيد جورج جودبسير: «ليس هناك أي أمل في العثور على سيجارة مأمونة العواقب، وإذا كان خفض نسبة القطران النيكوتين يشكل تقدماً ضئيلاً، فإنه تافه حقاً إذا ما قورن بالفوائد التي تنجم عن الكف نهائياً عن التدخين». والهدف من هذه المراقبة: 1 جعل السجائر أقل ضرراً بالنسبة للذين لا يستطيعون الإقلاع عن التدخين. 2 تقليل خطر السجائر ولو بشكل ضئيل جداً، وبالتالي تخفيض التكاليف التي يتحملها المجتمع بسبب ما يتعرض له المواطنون من عاهات معيقة عن العمل ومن وفيات مبكرة نتيجة للتدخين. 3 مساعدة الحكومات على تخفيض نسبة المواد الضارة بالتدريج بالسرعة الممكنة من خلال ما تتمتع به من صلاحيات لفرض حدود قصوى على الكميات المصرح بها من المواد المنطلقة من السجائر. 4 مساعدة الأقطار النامية على خطر السجائر المستوردة ذات النسب العالية من القطران والنيكوتين. رابعاً: فرض قيود على مبيعات التبغ للبالغين: إن الأسباب التي تدعو إلى سن تشريعات تحدد مبيعات التبغ للبالغين هي: 1 التقليل من حماس البالغين للتدخين وإقبالهم عليه. 2تنقية جو المستشفيات من دخان التبغ لصالح المرضى الذين قد ينكسون إذا استنشقوه، ولتعزيز الفوائد التي يمكن أن يحصل عليها المرضى والزوار من عدم التدخين في وقت يفترض أن ينمو فيه وعيهم الصحي بسبب وجودهم في المستشفى. 3 المساهمة في خلق بيئة متحررة من التدخين. خامساً: فرض قيود على التدخين في الأماكن العامة. والهدف من ذلك مايلي: 1 تقليل أخطار التدخين السلبي واللاإرادي إلى أقصى حد ممكن وحماية حق غير المدخنين في العيش في بيئة متحررة من التدخين. 2 ردع اليافعين عن التدخين بتصويره لهم على أنه مرفوض اجتماعاً. 3 تشجيع ومساعدة النسبة الكبيرة من المدخنين الذين يريدون الإقلاع عن التدخين. 4 المساهمة في قيام بيئة متحررة من التدخين. 5 إصدار شكل من أشكال الضوابط على التدخين يحظى بدعم شعبي واسع. سادساً: فرض قيود على التدخين في أماكن العمل: والهدف من ذلك مايلي: 1 حماية العمال خاصة الذين يتعرضون لمواد خطرة. 2 حماية غير المدخنين من أخطار ومضايقات التدخين اللاإرادي. 3 الحد من التدخين في منشآت العمل الواقعة في أماكن معينة وحصره في أماكن معزولة. 4 المساهمة في إيجاد بيئة خالية من التدخين. وبين كتاب«توجيهات عامة لمكافحة التدخين» أن الوقت الإضافي الذي يضيعه المدخنون يقلص معدل الإنتاج ويزيد من العبء الملقى على كاهل العمال الآخرين. وإذا استعرضنا تاريخ الصحة المهنية نجده يعج بأعداد من الوفيات المفجعة بسبب أمراض وحوادث مهنية في أعمال التعدين والصناعية والزراعة، ومع ذلك فإن بوسع الحركة التشريعية عندما تأخذ بعين الاعتبار العواقب السيئة للتدخين أن تحول دون مزيد من العاهات والوفيات الناجمة عن التدخين بين أوساط العمال. سابعاً: حماية اليافعين من التدخين: وتهدف هذه الحماية إلى: 1 تقليص معدل الأمراض الناجمة عن التدخين بين اليافعين نظراً إلى الخطر الذي يزداد فترة تدخينهم. 2 منع استفحال التدخين بين المراهقات لتفادي الآثار المدمرة التي يسببها التدخين أثناء الحمل للجنين، ويسببها التدخين في البيت للأطفال الصغار. 3 منع وقوع اليافعين وهم أكثر الفئات تعرضاً تحت سيطرة التبغ نظراً إلى أن تدخينه يقود إلى التعود والإدمان عليه. وتتم حماية اليافعين من التدخين بمنع بيع الدخان للقصر والأطفال والمراهقين في الأماكن العامة والمدارس ومنع بيع السجائر بواسطة آلات البيع الأوتوماتيكية ووضع قيود على الإعلانات الدعائية والتي قد تؤثر في الأطفال وأخيراً رفع أسعار الدخان. ثامناً: التربية الصحية الإلزامية حول التدخين. «إن من أساس إحاطة المواطنين من كل قطر من الأقطار علماً بكل شيء عن التدخين وعلاقته بصحتهم، وهذا لا يضمن بالضرورة تقليص نسبة انتشار التدخين ولكنه يعد شرطاً ضرورياً لاتخاذ ما ينبغي من الإجراءات الأخرى في هذا الشأن». تقرير لجنة خبراء منظمة الصحة العالمية لمكافحة التدخين 1979م. كما أن للتعميم المتصل بأخطار التدخين على نطاق واسع أثره في ازدياد الوعي الصحي في المدارس وازدياد اطلاع المواطنين ازدياداً كبيراً على الحقائق المتعلقة بأخطار التدخين على الصحة: والهدف من هذا الإجراء هو: 1 إرساء قواعد أساسية مناهضة للتدخين. 2 اعلام المواطنين وخاصة اليافعين منهم حول أخطار التدخين الصحية. 3 توفير موارد«أموال وقوى عاملة» للاضطلاع ببرامج تربية صحية حول التدخين. 4 التشجيع على تقبل تشريعات تحظر الدعاية للتبغ وتتضمن قيوداً على التدخين في الأماكن العامة، والتقيد بها. تاسعاً: الإجراءات المالية والاقتصادية: وأهم هذه الإجراءات رفع الضرائب على التدخين ورفع أسعاره. والهدف من هذه الإجراءات مايلي: 1 ثني المواطنين عن التدخين عامة وعن تدخين الأصناف الأكثر ضرراً بشكل خاص. 2 تقليص زراعة التبغ وتهيئة زرع أنواع أقل أذى. 3 ثني اليافعين عن التدخين. 4 تمويل البرامج التربوية المناهضة للتدخين والأنشطة التي تهدف إلى وقف التدخين والبحوث المتصلة به. ولاشك بأن اصدار مثل هذه التشريعات سيلقى معارضة من ذوي المصلحة الاقتصادية، ولكنه من المؤكد أيضاً أن التشريع هو أهم أركان برامج مكافحة التدخين لما يتمتع به من قوة إلزمية، إذ يقف وراء التشريع البرلمان والحكومة في الدولة مما يضفي عليه مزيداً من القدرة على إقناع المجتمع بأخطار التدخين خاصة إذا ما صدرت تشريعات مكافحة التدخين في إطار التشريعات المتعلقة بالصحة. ولما كان التشريع هو أكثر الوسائل سرعة في تحقيق الغايات لإمكان وضعه موضع التنفيذ الفوري كان لابد من زيادة فعالية النصوص الموجودة وضمان تطبيعها من جهة وسن تشريعات جديدة أو تعديل التشريعات القائمة بإضافة قيود جديدة أو تعديل التشريعات القائمة بإضافة قيود جديدة وتنظيم عملية زراعة واستيراد وتوزيع واستهلاك منتجات التبغ بما يتناسب وخطورة هذا الوباء، وهذا يقتضي: أولا: التعريف على أوسع نطاق بنظام وقاية الصحة العامة من أضرار التدخين. ثانيا: حث الجهات الرسمية المسؤولة على ممارسة صلاحياتها بموجب هذا النظام وتنظيم حملة أو حملات بهذا الخصوص. ثالثا: توعية المواطنين وتنوير الرأي العام بأضرار ومخاطر التدخين لتهيئة المناخ المناسب لتقبل هذا النظام والالتزام بعدم مخالفة أحكام ومنع التذمر من العقوبات التي يمكن أن يتعرض لها المخالفون. ربعا: السعي لعقد اتفاقيات عربية ودورية تضمن الالتزام بالقيود والمحظورات المتعلقة بالتدخين. خامسا: إضافة أو تعديل النصوص المتعلقة بالتدخين وخاصة بالنسبة لما يلي: 1 حظر بيع التبغ للأطفال والمراهقين. 2 فرض قيود جديدة على زراعة التبغ وإلزام المزارعين باستبدال زراعة مساحات أكبر بمزروعات مقيدة والتخلي عن زراعة التبغ. 3 فرض قيود جديدة على كميات السجائر المصنعة محليا. 4 فرض قيود على الدخان المستورد. 5 فرض رسوم وجمارك إضافية على التبغ الخام والمصنع المستورد من الخارج. 6 فرض التوعية بأخطار ومضار التدخين عبر منهاج دراسي إلزامي للطلبة من المرحلة الإعدادية حتى الجامعية العليا بما في ذلك الدورات التعليمية أو التثقيفية أو التدريبية الموسمية. 7 إلزام العاملين بالمجال الصحي والمعلمين والحوامل ومن هم بمثابة القدوة في أماكن العمل بعدم التدخن. 8 إلزام الشركات المنتجة ببيان نسب القطران والنيكوتين في السجائر ووضعها على الملعب مع إلزامها بعدم تجاوز نسبة معينة. 9 إلزام وسائل الإعلام بعدم نشر أو بث كل ما من شأنه تعزيز الإيجابية السائدة حول التدخين بما في ذلك المسلسلات والأقلام. 10 وجوب توفير برامج تربية صحية إلزامية لضمان إيصال المعلومات حول أضرار التدخين وعلاقتها بالصحة للمواطنين وخاصة الفئات المعرضة بشكل خطير لعواقب التدخين ولضمان توفير موارد بشرية ومادية لدعم برامج المكافحة. [email protected]