بانسجام عالمي.. السعودية ملتقىً حيويًا لكل المقيمين فيها    محافظ الأحساء يستقبل الرئيس التنفيذي المعين لشركة مطارات القابضة    إيلون ماسك يحصل على "مفتاح البيت الأبيض" كيف سيستفيد من نفوذه؟    "ماونتن ڤيو " المصرية تدخل السوق العقاري السعودي بالشراكة مع "مايا العقارية ".. وتستعد لإطلاق أول مشاريعها في الرياض    "البحر الأحمر السينمائي الدولي" يكشف عن أفلام "روائع عربية" للعام 2024    أمانة الشرقية: إغلاق طريق الملك فهد الرئيسي بالاتجاهين وتحويل الحركة المرورية إلى الطريق المحلي    الطائرة الإغاثية السعودية ال 20 تصل إلى لبنان    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    مشاريع تنموية تنفذها بلدية شري لتعزيز العمل البلدي لعام 2024م    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    محافظ جدة يشرف أفراح آل بابلغوم وآل ناصر    «الإحصاء»: ارتفاع عدد ركاب السكك الحديدية 33% والنقل العام 176%    السعودية بصدد إطلاق مبادرة للذكاء الاصطناعي ب 100 مليار دولار    أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة على عدد من المناطق    هاريس تلقي خطاب هزيمتها وتحض على قبول النتائج    الذهب يقترب من أدنى مستوى في أكثر من 3 أسابيع    إصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام بلدة اليامون    منتخب الطائرة يواجه تونس في ربع نهائي "عربي 23"    العام الثقافي السعودي الصيني 2025    الإعلام السعودي.. أدوار متقدمة    المريد ماذا يريد؟    هل يظهر سعود للمرة الثالثة في «الدوري الأوروبي» ؟    الإصابات تضرب مفاصل «الفرسان» قبل مواجهة ضمك    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    «البيئة» تحذّر من بيع مخططات على الأراضي الزراعية    ترمب.. صيّاد الفرص الضائعة!    القبض على مخالفين ومقيم روجوا 8.6 كيلو كوكايين في جدة    أربعينية قطّعت أمها أوصالاً ووضعتها على الشواية    ترمب.. ولاية ثانية مختلفة    صمت وحزن في معسكر هاريس.. وتبخر حلم الديمقراطيين    «الزكاة»: تنفيذ أكثر من 14 ألف زيارة تفتيش في 30 يوماً    «بنان».. سفير ثقافي لحِرف الأجداد    اللسان العربي في خطر    بقعة صحافة من تلك الأيام    الاتحاد يصطدم بالعروبة.. والشباب يتحدى الخلود    ربَّ ضارة نافعة.. الألم والإجهاد مفيدان لهذا السبب    الجلوس المطوّل.. خطر جديد على صحة جيل الألفية    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    الإصابة تغيب نيمار شهرين    التعاون يتغلب على ألتين أسير    الدراما والواقع    يتحدث بطلاقة    سيادة القانون ركيزة أساسية لازدهار الدول    التعاطي مع الواقع    درّاجات إسعافية تُنقذ حياة سبعيني    العين الإماراتي يقيل كريسبو    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    تقاعد وأنت بصحة جيدة    الأنشطة الرياضية «مضاد حيوي» ضد الجريمة    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    تطوير الشرقية تشارك في المنتدى الحضري العالمي    فلسفة الألم (2)    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



4آلاف مادة كيميائية داخل كل سيجارة لتكريس الإدمان.. والمملكة قفزت إلى قائمة أكبر عشر دول مستهلكة للتبغ في العالم
قال إن نيكوتين السجائر لا يقل إدمانه عن "الهيروين".. المشرف العام على برنامج مكافحة التدخين البداح ل"الرياض":
نشر في الرياض يوم 27 - 02 - 2008

قال الدكتور محمد بن عبدالله البداح المشرف العام على برنامج مكافحة التدخين بوزارة الصحة إن شركات التبغ وضعت داخل كل سيجارة 4آلاف مادة كيميائية بهدف تكريس إدمان الضحايا السجائر إلى أن تلقي بهم في حضيض الموت، مشيرا إلى إن المملكة قفزت إلى قائمة اكبر عشر دول مستهلكة للتبغ في العالم.
وقال في حوار ل" الرياض"إن منظمة التجارة العالمية تقف بقوة بجانب حرية تدفق التجارة، وتمنع إجراءات ووسائل وقف التجارة بحرية بين الدول، وهناك استثناءات، لكن ليس بالنسبة للسجائر ومنتجات التبغ، على الرغم من أن هناك قواعد وأنظمة تمكن الدول من إعاقة دخول بعض المنتجات والعمليات التجارية المتعلقة بالصحة العامة، وحماية كل دولة لصحة مواطنيها، لكن المنظمة وقوانينها لا تسمح للدولة أن تفعل ذلك من تلقاء نفسها إنما يجب أن تفعله من خلال اتفاقيات ثنائية أو جماعية تبرمها مع الدول المصدرة للتبغ، لكن ذلك لن يتيسر، بل إن المملكة لا تستطيع كذلك بحكم أنظمة منظمة التجارة العالمية أن تفرض جمارك باهظة على تجارة التبغ مما يتسبب في رفع كلفتها ومن ثم الحد من استيرادها واستهلاكها. لكن البداح قال "بوسع المملكة أن تفرض ضرائب ورسوماً عالية على منتجات التبغ في داخل أراضيها ما يؤدي إلى ارتفاع سعرها، ومن ثم يخفض استهلاكها، إلى نص الحوار:
@ "الرياض" - بداية نود تسليط الضوء على مشكلة استيراد واستهلاك التبغ من حيث حجم الخسائر المالية التي يتكبدها المجتمع السعودي، وكذلك حجم الخسائر في الصحة والإنسان جراء هذا الداء
د. البداح:على الرغم مما بذلته وتبذله الدولة من جهود لمكافحة هذا السلوك المريض والضار بصحة الأجيال والحد من انتشار التدخين، خصوصاً بعد مصادقة المملكة على "الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ" والهادفة لإقامة تعاون دولي أوسع لوضع استراتيجية عالمية للتصدي للمواد المسببة للإدمان وخفض الطلب على التبغ، وكذلك بعد تأسيس جمعية مكافحة التدخين، وغيرها من الجهود والتدابير التي تزيد من درجة وعي المجتمع بأخطار ومضار التدخين، إلا أن المملكة ما تزال بحاجة إلى جهود كبيرة للاقتراب مما نجحت فيه العديد من الدول المتقدمة في تحقيق خفض سنوي مستمر في استهلاك التبغ داخل المملكة.
بل وتحتاج المملكة إلى جهود مضنية للحد من مستوى النمو السنوي الكبير في الطلب على التبغ، حيث إن النمو في المملكة في استهلاك التبغ هو مع الأسف يتزايد بطريقة مقلقة، فبينما كانت المملكة تحتل المرتبة 52عالمياً في الطلب على التبغ قفزت إلى قائمة اكبر عشر دول في العالم انفاقاً على التبغ، كما فاق معدل النمو في استهلاك التبغ في المملكة، ففي عام 2004ارتفع معدل الاستهلاك إلى 13في المائة مقارنة بعام 2003، والعام الأخير ارتفع بمعدل 12في المائة، بينما زاد الاستهلاك في عام 2002بنسبة غير مسبوقة حيث بلغت 33في المائة مقارنة بعام
2001.وبلغ حجم الاستهلاك في عام 2004أكثر من 1.5مليار ريال بخلاف التبغ المهرب، وفي عام 2005بلغ حجم الاستيراد 1.7مليار ريال، وحجم الخسائر المادية الإجمالية تقدر ب 5.3مليارات ريال، أما عن حجم الخسائر البشرية، وهي الأكثر كلفة وايلاماً للمجتمع، فبلغت وفق تقديرات أعدت في هذا الخصوص 23ألف شخص ضحية للتدخين أي ماتوا نتيجة إصابتهم بأمراض ناتجة عن التدخين، ولو استمرت معدلات التدخين الحالية كما هي فانه يتوقع أن يرتفع حجم الاستيراد في عام 2010أكثر من 2.7مليار ريال، ومن ثم يصبح إجمالي الخسائر المادية نحو 8.6مليارات، ويتوقع أن يرتفع حجم الخسائر البشرية إلى 37ألف شخص، كما ان حجم مشكلة التبغ في المملكة من خلال معرفة الهدر في الاقتصاد الوطني في الفترة بين عام 1961إلى 2004، بلغت الخسائر الاقتصادية نحو 83مليار ريال، كما تسبب التبغ نحو 594ألف حالة وفاة مبكرة، بينما يقدر العبء الاقتصادي الناجم عن الهدر في الإنتاجية والوفاة المبكرة خلال الفترة من عام 2005- 2010فقط بحوالي 25مليار ريال، وحجم استيراد التبغ 13ملياراً بخلاف نحو 3مليارات أخرى تتم بالتهريب، وبحجم خسائر مادية إجمالية تقدر بنحو 41مليار ريال، وحالات وفاة مبكرة عددها نحو 177ألف حالة.
@ "الرياض": إزاء تلك الصورة المفزعة لواقع ومستقبل استهلاك ومن ثم استيراد ذلك السم المدمر المسمى بالتبغ، والذي يلتهم من اقتصاديات الوطن وثروات أبنائه، فلماذا لم تقدم المملكة على وقف استيراده حتى نحمي الأجيال والاقتصاد، أم أن ذلك يتعارض مع مبادئ منظمة التجارة العالمية؟
- د. البداح: منظمة التجارة العالمية تقف بقوة بجانب حرية تدفق التجارة، وتمنع إجراءات ووسائل وقف التجارة بحرية بين الدول، طبعاً هناك استثناءات، لكن ليس بالنسبة للسجائر ومنتجات التبغ، على الرغم من أن هناك قواعد وأنظمة تمكن الدول من إعاقة دخول بعض المنتجات والعمليات التجارية المتعلقة بالصحة العامة، وحماية كل دولة لصحة مواطنيها، لكن المنظمة وقوانينها لا تسمح للدولة أن تفعل ذلك من تلقاء نفسها إنما يجب أن تفعله من خلال اتفاقيات ثنائية أو جماعية تبرمها مع الدول المصدرة للتبغ، لكن ذلك لن يتيسر، بل إن المملكة لا تستطيع كذلك بحكم أنظمة منظمة التجارة العالمية أن تفرض جمارك باهظة على تجارة التبغ مما يتسبب في رفع كلفتها ومن ثم الحد من استيرادها واستهلاكها، لكن بوسع المملكة أن تفرض ضرائب ورسوماً عالية على منتجات التبغ في داخل أراضيها ما يؤدي إلى ارتفاع سعرها، ومن ثم يخفض استهلاكها.
بيد انه لا يمكن في هذا الخصوص إغفال الجهد الذي بذلته منظمة الصحة العالمية، لمكافحة التبغ وانتشاره في العالم، بعد أن اكتشفت المنظمة عبر وثائق تم إعلانها تخص شركات التبغ العالمية تفيد قيام هذه الشركات بالعمل على عرقلة ومنع تنفيذ أية سياسات عامة تهدف إلى مكافحة التبغ داخل مؤسسات الأمم المتحدة، حيث كان قد أعلن عن هذه الوثائق نتيجة تسوية قضائية بين هذه الشركات وبين ولاية مينسوتا الأميركية ثم مع باقي الولايات الاميريكية الأخرى وذلك في عام 1998، ووفق هذه التسوية تكفلت الشركات المصنعة للسجائر (التبغ) بتسديد مبالغ مالية لصالح الولايات ونشر وثائق المحاكمات التي استخرجت من مواقع الشركات نفسها، وهو ما أدى إلى الكشف عن أكثر من 36مليون وثيقة سرية.
وكشفت تلك الوثائق اعتبار شركات التبغ منظمة الصحة العالمية إحدى ألد أعدائها، وتأسيساً على ذلك قامت الشركات بمحاربة برنامج المنظمة لمكافحة التبغ، ونظمت مناسبات وفعاليات استهدفت تحويل أنظار المجتمع الدولي عن قضايا الصحة العامة الناجمة عن تعاطي التبغ ومحاولة خفض ميزانيات الأنشطة التي تضطلع بها منظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ، كما سعت إلى العمل على تشويه النتائج التي توصلت إليها الدراسات العلمية المحققة في هذا المجال.
وكشفت الوثائق ايضاً عن عدد من الاستراتيجيات التي خططتها شركات التبغ لإجهاض خطط منظمة الصحة ضد مكافحة التبغ، والسعي لوقف التطورات المؤدية إلى التزام دول العالم الثالث بمحاربة هذا الداء - التبغ - وكذلك إعادة النظر في تحديد أولويات الوكالة الدولية لبحوث السرطان، وإنشاء اتحاد دولي لمزارعي التبغ، والحيلولة دون إشراك منظمة العمل الدولية في برنامج المنظمة لمكافحة التبغ، ومن ثم فقد شكلت منظمة الصحة العالمية لجنة خبراء لإجراء بحوث حول تلك الوثائق، وكان من نتيجتها تأكيد لجنة الخبراء بأن شركات التبغ خصصت موارد مالية لتقويض أنشطة منظمة الصحة لمكافحة التبغ، وأنها اخترقت وكالات الأمم المتحدة الأخرى للحصول على معلومات عن أنشطة مكافحة التبغ في منظمة الصحة والتدخل في سياسات المنظمة المتصلة بالتبغ، وتوصلت لجنة منظمة الصحة العالمية إلى وجود شكوك بشأن سلامة عملية اتخاذ القرارات الدولية فيما يتعلق بجهود مكافحة التبغ، كما قدمت اللجنة عدة توصيات تضمنت العمل على رفع مستوى الوعي لدى الجمهور حول نفوذ شركات التبغ، وان تجري منظمة الصحة العالمية حملة اتصالات لدعم الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، وكذلك حماية النزاهة العلمية من محاولات الشركات لتشويه البحوث العلمية التي ترعاها المنظمة، مع إظهار وفضح ما تقوم به الشركات من لدعم لبحوث تظهر نتائجها محدودية أضرار التدخين.
وبعد أربع سنوات من جهود اللجنة أي من عام 2003، تم اعتماد أول اتفاقية عالمية من قبل منظمة الصحية العالمية، وقامت معظم الدول الأعضاء في المنظمة بتبني الاتفاقية والالتزام بها، واستهدفت الاتفاقية قيام تعاون دولي أوسع ومشاركة دول العالم في وضع استراتيجية تنظيمية للتصدي للمواد المسببة للإدمان وأهمية تقليل الطلب العالمي على التبغ، كما أقرت الاتفاقية وجود قرائن علمية تؤكد أن تعاطي التبغ والتعرض لدخانه يتسببان في الوفاة والمرض والعجز، وان السجائر وبعض منتجات التبغ الأخرى تخضع لأكثر الأساليب تعقيداً، وتحتوي على الكثير من المركبات مما يجعلها عناصر تضم مواد سامة ومسرطنة، كما تسلم بوجود قرائن علمية واضحة على أن تعرض الجنين لدخان التبغ يسبب اعتلالات صحية للأطفال تؤثر على نموهم.
كما أبدت الاتفاقية القلق من ارتفاع معدلات التدخين وخاصة بين الأطفال والقصر والنساء، وأكدت حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة، وحماية الأجيال الحالية والمستقبلية من العواقب الصحية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية المدمرة الناجمة عن تعاطي التبغ والتعرض لدخانه.
"الرياض": إذا كانت منظمة التجارة العالمية تلزم الدول بحماية حرية تدفق التجارة في الأسواق، حيث تستفيد في النهاية تجارة سموم التبغ والتدخين من هذه الحماية التي توفرها المنظمة، إضافة إلى سطوة مافيا شركات تصنيع التبغ العالمية وعملياتها القذرة التي تدفع تجارة التبغ العالمية.. فما هي التدابير والإجراءات التي يمكن للمملكة أن تتخذها لحصر المشكلة في أضيق نطاق؟
- د. البداح: تفاقمت أزمة التدخين وانتشار استهلاك التبغ في المملكة خلال العقود الخمسة الأخيرة، ورغم مساعي الدولة وجهودها الحثيثة لمحاصرة هذا الداء، إلا أنها لم تتناسب مع حجم انتشار ونمو هذا الخطر، ورغم التردد في الإقدام على اتخاذ سياسات وإجراءات قوية للحد من انتشار التبغ في المجتمع السعودي، ووضع الضوابط اللازمة لتقليص معدلات النمو في الاستهلاك، إلا أن جهود الدولة حققت عدداً من الخطوات المهمة على هذا الطريق، ومن ابرز هذه الخطوات مصادقة المملكة على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، إصدار تعميم لمنع التدخين داخل الوزارات والمرافق الحكومية بهدف الحد من انتشار ظاهرة التدخين، إضافة إلى تأسيس برنامج لمكافحة التدخين في وزارة الصحة وتخصيص ميزانية لتمويله، تأسيس جمعيات مكافحة التدخين والسرطان وأمراض القلب والصدر وطب الأسرة والمجتمع ثم رفع نسبة الرسوم الجمركية على واردات التبغ لتصل إلى 100في المئة، ومع تزايد وعي المجتمع ببرنامج مكافحة التدخين الذي تبنته وزارة الصحة والجمعيات الخيرية والجهود الأخرى، فقد تبنت العديد من المؤسسات والهيئات العامة وشركات القطاع الخاص برامج عملية لمكافحة التدخين، مثل جامعة طيبة الطيبة في المدينة المنورة التي رفعت شعارها "جامعة بلا تدخين" حيث حظرت التدخين في جميع مرافق الجامعة، وفرضت عقوبات على المخالفين.
وعلى النطاق الخليجي، قامت دول مجلس التعاون الخليجي ممثلة في المكتب التنفيذي لوزراء الصحة بسلسلة متواصلة من الإجراءات والأنشطة، ومنها مبادرة المملكة والتي تمثلت في تدابيرتضمنت بعض الجوانب التشريعية لجهود مكافحة التدخين في دول المجلس، شكلت حجر الأساس لجهود كثيرة متتالية تصب في نفس الإطار ومن أبرزها منع الدعاية والإعلان والترويج للتبغ، وبيان محتوى منتجات التبغ من القطران والنيكوتين وإضافة العبارات التحذيرية على عبوات السجائر، واستصدار قوانين لمكافحة التدخين في بعض دول مجلس التعاون، والزيادة التدريجية في معدلات الرسوم الجمركية على التبغ ومنتجاته، تخطيط وتنفيذ برامج للتوعية بأخطار وأضرار التبغ، مع التركيز على الجامعات والمدارس، فضلاً عن تبني الندوات الخليجية لمكافحة التدخين، والعمل على توفير أماكن مخصصة لغير المدخنين في الأماكن العامة والخطوط الجوية ووسائل النقل العام والمطاعم والفنادق، ومواجهة مخططات شركات التبغ في المنطقة والتصدي لها، والمشاركة الدولية والإقليمية الفعالة في جهود مكافحة التبغ.
@ "الرياض": ماهي الآثار الصحية الضارة على المدخنين، وابرز تلك الآثار التي تصيب المجتمع؟
- د. البداح: الحقيقة أن السجائر ومنتجات التبغ المختلفة هي من اشد وأقسى المخاطر والتهديدات التي جلبت الشر للبشرية وخصوصاً في العصر الحديث، ولا شك أنها تشكل نفس المخاطر وتحمل نفس التهديد لمجتمعنا السعودي، ولهذا فلا بد أن يتحمل الجميع مسؤولياته من اجل حماية المجتمع والأجيال من هذا الخطر الوبيل.
ومن الثابت علمياً أن التدخين يزيد من إفراز الغدة الكظرية لمادة الأدرينالين التي تتسبب بدورها في زيادة وتسارع ضربات القلب وزيادة ضغط الدم مع ازدياد حدة التوتر العصبي لدى المدخنين، كما يساعد التدخين على الإصابة بلين العظام، ويقلل من القدرة التناسلية ويسبب الضعف الجنسي عند الرجال، وقد يؤدي إلى العقم، كما قد يصيب النساء المدخنات بسرطان عنق الرحم، ويؤدي التدخين المستمر كذلك إلى ارتفاع ضغط العين والإصابة بالمياه الزرقاء، والإصابة بضيق الشرايين الدقيقة في شبكية العين، ومن الأمور التي تشكل خطورة متزايدة على صحة المدخن هو قيام الشركات المصنعة للسجائر بإضافة نحو 4آلاف مادة كيمائية على السيجارة هذا المواد هي ليست موجودة اصلاً في نبات التبغ، وتهدف الشركات المصنعة التي فقدت كل القيم الأخلاقية والإنسانية وانزلقت إلى حضيض الانتهازية والجشع الذي يدمر صحة الإنسان مقابل أن تمتلئ خزائن هذه الشركات (المافيا) بالمليارات والمليارات من الدولارات، تهدف إلى زيادة القدرة على الإدمان للنيكوتين لدى المدخن، وكذلك سرعة وسهولة نفاذ المواد الكيماوية الضارة إلى جسم المدخن، إضافة إلى إدخال مواد كيماوية متنوعة لإخفاء الطعم الكريه للنيكوتين، وأخرى لتوسيع مجاري التنفس لتأمين امتصاص أسرع للدخان، ومن الحقائق التي كشفتها وثائق شركات التبغ التي اضطرت لإعلانها بأمر من المحاكم التي كانت تنظر الدعوات المرفوعة عليها من قبل أربع ولايات أميركية، وانتهت بإصدار أحكام لصالح الولايات ضد الشركات، من تلك الحقائق تبين أن صناعة التبغ كانت تجري أبحاثها على الحيوانات وأظهرت النتائج التأثير المسرطن للتبغ كما يسبب الإدمان عند المدخن، وان علماء التبغ كانوا على علم بذلك منذ الخمسينات من القرن الماضي، لكنهم استمروا في إنتاج وتصنيع هذا السم على حساب الملايين من البشر وصحتهم وحياتهم، كما أظهرت الوثائق أن شركات التبغ كانت تعرف منذ عقود بان ما يسمى ب "السجائر الخفيفة" والتي وعدت بها المدخنين بمحتوى اقل من القطران والنيكوتين، لم تكن سوى كذبة أو فرية اخترعتها الشركات المصنعة، إذ إن ما حدث هو أن المدخنين الواهمين كانوا يقبلون على تدخين هذا النوع من السجائر بصورة اكبر كي يعوضوا عن المستوى الأقل من النيكوتين، كما سوقت الشركات هذه السجائر الخفيفة كوسيلة تغني المدخنين عن الإقلاع عن التدخين، وروج لها على أنها سجائر صحية، خاصة وأنها صنعتها بسمك نحيف مما أدى إلى تكثيف النيكوتين والمواد الكيماوية المسببة للسرطان، ووفقا للدراسات يتضح كذلك أن التدخين المزمن يتسبب بالإصابة بسرطان المريء وسرطان المعدة، وسرطان البنكرياس، وسرطان الكبد الذي يتطور عادة من تليفه، وسرطان الكلى والمثانة والرئة والبروستاتا، وسرطان الفم والحلق والبلعوم والاحبال الصوتية.
وبالنسبة للأثر الخطير الناتج عن النيكوتين، فقد أكدت العديد من الدراسات أن نيكوتين السجائر لا يقل حدة في التسبب في الإدمان عن المخدرات الأخرى كالكوكايين والهروين بل يزيد عليها، ويؤدي النيكوتين إلى زيادة قدرة الصفائح الدموية على التجمع والالتصاق والتخثر، وبالتالي المساعدة على سرعة تجلط الدم وزيادة معدل الإصابة بالجلطات، وهناك ايضاً قنابل أخرى تحتويها السيجارة وهي طبعاً تنفجر في تدخينها، مثل القطران، أول أكسيد الكربون، الامونيا، الكاديوم"، الفورمالديهايد، سيانيد الهيدروجين، الرصاص، البنزين، هذا بخلاف ما سبق أن أشرت إليه من إضافات كيماوية خطيرة الضرر بصحة المدخن والبالغ عددها 4آلاف مادة تضعها الشركات المصنعة في كل سيجارة لتحمل الموت تلو الموت للمدخن أو قل للمنتحر بالبطيء وربما السريع، وعلى الجهات المسؤولة في المملكة أن تبحث في فكرة إنشاء مركز لأبحاث التبغ ومكافحته يضم كوادر طبية ونفسية واقتصادية واجتماعية، وان نجري دراسات ومسوحات ميدانية موسعة للتعرف بشكل عميق على آثار التبغ الصحية والاجتماعية ومدى استجابة المستهلكين (المدخنين) لرفع الأسعار ومدى تقبلهم لعزيمة الإقلاع عن التدخين، كما أدعو إلى العمل على صياغة استراتيجية وطنية تعتمد خططاً وأهدافا مرحلية لمكافحة التبغ وخفض معدلات الاستهلاك، أو خفض معدلات النمو في الاستهلاك على اقل تقدير وان نعمل أيضاً على إصدار الأنظمة والإجراءات التي تشدد الحماية على الأطفال أو التعرض له، مع منع التدخين في الأماكن العامة، خاصة وان 46% من الطلبة المدخنين في مدينة الرياض يستطيعون الحصول على السجائر من المحال مباشرة، وان 84% منهم لم يقابل طلبهم الشراء بالرفض رغم صغر سنهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.