السعودية وقطر تعقدان الاجتماع الثاني للجنة التنسيق الأمنية والعسكرية    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل في المنطقة    الإسعاف الجوي بنجران ينقل مصابا في حادث انقلاب    مقتل 21 مسلحا ..وأردوغان يهدد أكراد سورية    تدشين مسار «لامة مدر» التاريخي بحائل بالشراكة بين البنك العربي الوطني و«درب»    الأمير عبد العزيز بن سعود يكرم مجموعة stc الممكن الرقمي لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    مساعد وزير التعليم يدشن في الأحساء المعرض التوعوي بالأمن السيبراني    استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية    تركي آل الشيخ يتصدر قائمة "سبورتس إليستريتد" لأكثر الشخصيات تأثيرًا في الملاكمة    بسبب سرب من الطيور..تحطم طائرة ركاب أذربيجانية يودي بحياة العشرات    ميدان الفروسية بحائل يقيم حفل سباقه الخامس للموسم الحالي    تدشين أول مدرسة حكومية متخصصة في التقنية بالسعودية    "التخصصي" يتوج بجائزة التميز العالمي في إدارة المشاريع في مجال التقنية    "سعود الطبية" تعقد ورشة عمل تدريبية عن التدريب الواعي    عائلة عنايت تحتفل بزفاف نجلها عبدالله    الشر الممنهج في السجون السورية    الإحصاء: ارتفاع مساحة المحميات البرية والبحرية في المملكة لعام 2023    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد اتفاقية تاريخية لمكافحة الجرائم الإلكترونية    الشكر للقيادة للموافقة على تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    أهلا بالعالم في السعودية (3-2)    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف ويدشن المتطوع الصغير    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    عبد المطلب    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    سيكلوجية السماح    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



1.3 بليون مدخن يحرقون أعمارهم بخمسة تريليونات سيجارة سنوياً
نشر في الحياة يوم 10 - 05 - 2006

هناك 3،1 بليون مدخن حول العالم يحرقون نحو 5 تريليونات سيجارة سنوياً. ويقتل التدخين نحو خمسة ملايين شخص كل سنة ويصيب ملايين آخرون باعتلالات تراوح من السرطان وأمراض القلب الى الاضطرابات التنفسية والعجز الجنسي. ومع ذلك، ما زال عدد المدخنين يزداد، لا سيما بين النساء والمراهقين، تلبية لاغراءات صناعة السجائر التي تنفق على الاعلانات أكثر من أي صناعة أخرى.
في 26 أيار مايو 2005 بات من حق دول الاتحاد الأوروبي استعمال صور مرعبة على علب السجائر، لاقناع المدخنين بالاقلاع عن التدخين والصغار بعدم مباشرته. تظهر هذه الصور، مثلاً، أسناناً مهترئة ورئة مسودّة وأوراماً سرطانية في معظم أعضاء الجسم. وتتضمن أيضاً مشاهد مبتكرة، منها صورة سيجارة منحنية في إشارة الى خطر الاصابة بعجز جنسي، وصورة تفاحة متجعدة تمثل شيخوخة مبكرة للبشرة.
مفوض الصحة وحماية المستهلك السابق في الاتحاد الاوروبي ديفيد بايرن، الذي خصص 72 مليون يورو لهذه الحملة في اليوم الأخير من توليه منصبه، قال:"الناس في حاجة الى صدمة، ولن أعتذر عن نوع الصور التي نستعملها، فالوجه الحقيقي للتدخين هو المرض والموت والرعب، لا المتعة والعنفوان كما تريدنا صناعة التبغ أن نعتقد. على الاتحاد الأوروبي أن يبلغ هذه الرسالة الى الصغار عبر حملة اعلامية، والى المدخنين من خلال علب السجائر التي يحملونها".
وأعلنت المفوضية ان أكثر من 650 ألف أوروبي يموتون كل سنة من أمراض متعلقة بالتدخين، الذي يعتبر أبرز سبب للوفيات التي يمكن تفاديها، مما يفرض على حكومات الاتحاد فاتورة سنوية تزيد قيمتها على 100 بليون يورو في شكل نفقات أمراض ووفيات، وهذا يمثل واحداً في المئة من الناتج القومي الاجمالي.
إجراءات حظر حول العالم
وفي تدابير مشابهة، ألزمت الحكومة التايلاندية منذ أيار مايو 2005 منتجي ومستوردي السجائر وضع صور مخيفة على علب السجائر تغطي نصف واجهتها الأمامية، تضاف اليها تعابير تحذير مثل &&التدخين يؤدي الى الموت&&. وتعتبر تايلاند من الدول الناشطة ضد التدخين منذ سبعينات القرن الماضي، إذ يحظر التدخين في معظم الأماكن العامة. وكانت دراسة صادرة حديثاً في كندا أشارت الى تراجع عدد المدخنين بنسبة 17 في المئة بعد تطبيق الحكومة الكندية هذا الاجراء، حيث غطت أكثر من نصف مساحة علب السجائر بصور مخيفة وتحذيرات من مخاطر التدخين. ويحاول الكونغرس الاميركي إصدار قانون يمنع الاعلان عن السجائر ذات النكهات المختلفة التي تجذب المراهقين، وتتراوح بين طعم النعناع والكولا والسوس والفواكه.
وفي كانون الثاني يناير 2005 بدأ العمل بقانون في ايطاليا قيل انه الأشد قسوة في أوروبا، اذ حظر التدخين في كل المباني والمكاتب العامة والحانات والمطاعم والنوادي الليلية والفنادق. ويعاقب من يدخن سيجارة في هذه الأماكن بغرامة لا تقل عن 27 يورو، ومن يدخن في وجود أطفال أو حوامل بغرامة تبلغ 660 يورو.
وكانت ايرلندا أصبحت في آذار مارس 2004 أول بلد في العالم يحظر التدخين في كل أماكن العمل والمقاهي والحانات والمطاعم، وتبعتها النروج ونيوزيلندا. ووضعت الحكومة البريطانية خطة لفرض حظر كاسح على التدخين في الأماكن العامة، يبدأ جزئياً سنة 2006، على أن يشمل نحو 90 في المئة من الحانات والمطاعم في نهاية 2008.
وأقر البرلمان الروسي مشروع قانون يحد من التدخين في وسائل النقل العامة وأماكن العمل، وبيع التبغ في المراكز الصحية والرياضية والثقافية وقرب المدارس. ويسجل في روسيا أحد أعلى معدلات التدخين في العالم. وأقر برلمان الجمهورية التشيكية قانوناً يحظر التدخين في الأماكن العامة ويفرض قيوداً على محلات بيع السجائر كما يحظر بيعها في الماكينات الآلية، بدءاً من كانون الثاني يناير 2006.
وبعدما مرر البرلمان الألماني قانوناً يجرّم استخدام السائقين الهاتف المحمول، يرغب عدد من المشرعين الألمان في حظر التدخين أثناء قيادة السيارات، باعتبار أن السجائر تشتت الانتباه هي أيضاً. ومن اللافت في ألمانيا انتشار ظاهرة تدخين النارجيلة الشيشة في المقاهي بين فئات الشباب، ما دعا"المؤسسة الألمانية لتقويم المخاطر"الى المطالبة بالاعلان عن مخاطر تدخين النارجيلة كما في إعلانات السجائر. وأكدت أن خطورة تدخين النارجيلة لا تقل عن تدخين السجائر بسبب المواد الخطيرة التي تحويها، خصوصاً القطران والزرنيخ والنيكل والكروم، وكلها تزيد احتمالات تدهور وظائف الرئتين والاصابة بالأمراض السرطانية.
التدخين عند العرب
يدخن حالياً 3،1 بليون شخص سكان العالم حالياً نحو 4،6 بليون. وفي حين انخفضت مستويات التدخين في البلدان المرتفعة الدخل، ازدادت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وتفيد إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن معدلات استهلاك التبغ في الشرق الأوسط ارتفعت 24 في المئة بين عامي 1990 و1997، وأن الشرق الأوسط وآسيا الاقليمان الوحيدان في العالم اللذان زادت فيهما مبيعات السجائر خلال هذه الفترة، ونصف الرجال البالغين في الشرق الأوسط من المدخنين.
في لبنان، يقول الدكتور نجيب غصن، مدير برنامج مكافحة التدخين في مكتب منظمة الصحة العالمية، ان أكثر من 53 في المئة من اللبنانيين يدخنون، 54 في المئة منهم رجال و46 في المئة نساء، وهي النسبة الأكبر في بلدان اقليم شرق المتوسط. كما يدخن 45 في المئة من المراهقين. ويموت سنوياً ما بين 3500 و4000 لبناني نحو واحد في الألف من السكان نتيجة الامراض التي يسببها التدخين. وينضم الى قافلة المدخنين سنوياً نحو 30 ألف شخص تراوح أعمارهم بين 13 و20 سنة. ويستهلك اللبنانيون ما بين 600 و700 مليون علبة سجائر سنوياً. أما الفاتورة الصحية التي تدفعها وزارة الصحة اللبنانية لعلاج الامراض الناجمة عن استهلاك التبغ فتفوق الارباح التي تتقاضاها الدولة من"ادارة حصر التبغ والتنباك"والتي تقدر بين 200 و250 مليون دولار سنوياً.
وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول اقتصاديات التبغ في اقليم شرق المتوسط، تحتفظ مصر بأعلى نسبة استهلاك للتبغ في العالم العربي، وقد ارتفعت من 12 بليون سيجارة سنوياً في السبعينات الى 52 بليون في 1997. وعلى مدى الثلاثين عاماً الماضية، ازداد عدد المدخنين بسرعة الزيادة السكانية نفسها، وهو مستمر في الازدياد بمعدل 8 في المئة سنوياً. وتقدر الكلفة السنوية المباشرة لمعالجة الأمراض الناجمة عن استخدام التبغ في مصر بنحو 545 مليون دولار، ويتسبب التدخين في 90 في المئة من حالات سرطان الرئة. ومما يضاعف المشكلة أن 85 في المئة من المدخنين في مصر يدخنون أيضاً الشيشة النارجيلة.
ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية الى أن بلدان مجلس التعاون الخليجي تنفق 800 مليون دولار سنوياً على التبغ. ويدخن 50 في المئة من الطلاب الخليجيين الذين تراوح أعمارهم بين 14 و18 عاماً. ونحو 25 في المئة منهم بدأ التدخين بين سن العاشرة والخامسة عشرة. وبمعدل استهلاك يصل الى 2280 سيجارة لكل شخص سنوياً، تأتي الكويت في المركز التاسع عشر على المستوى العالمي، وتحتل السعودية المركز الثالث والعشرين بمعدل 2130 سيجارة. وهنالك 30 ألف حالة وفاة سنوية تحدث من جراء التدخين في بلدان المجلس. ويذهب 15 في المئة من إجمالي التكاليف الطبية في بلدان المجلس، حيث الرعاية الصحية مجانية، الى معالجة الأمراض المتعلقة بالتدخين.
ولا تفرض بلدان المجلس أية ضرائب على المبيعات. وعندما زادت رسوم الجمارك، وافقت شركات التبغ العالمية على تقديم نسبة راوحت بين 50 و65 في المئة من هذه الزيادة. وكان هذا متوقعاً لما تحققه من مكاسب هائلة على أية حال. وترى منظمة الصحة العالمية حاجة الى زيادة الأسعار 40 أو 50 في المئة، بل حتى 100 في المئة، كي يمكن تحقيق تأثير يذكر. وقد أوصى وزراء الصحة في مجلس التعاون بزيادة 200 في المئة على رسوم الجمارك، وباستخدام 5،0 في المئة من ضرائب التبغ في البحوث وبرامج المكافحة، وبأخذ نسبة 1 في المئة من الموزعين قبل البيع لتستخدمها وزارة الصحة في جهود مكافحة التدخين.
وتلفت منظمة الصحة العالمية الى أن الشركات المصنعة للتبغ تستخدم الاعلانات أكثر 50 في المئة من الشركات الصناعية الأخرى. وتنفق شركة"فيليب موريس"على الاعلانات في بلدان مجلس التعاون الخليجي 10 ملايين دولار، مما يجعلها من أكبر المعلنين في الاقليم. ومن هذا المبلغ، ينفق 9،3 ملايين دولار في الكويت و4،3 ملايين دولار في السعودية.
وقد اعترف مسؤولون في وزارة الصحة في الامارات بأن الجهود التي بذلوها على مدار السنوات الطويلة الماضية في مكافحة التدخين ذهبت سدى، بسبب النشاط الاعلاني الواسع لشركات التبغ وإغوائها الأطفال والمراهقين من خلال تبني رعاية الأحداث الرياضية والفنية، حتى في بعض المؤسسات الحكومية. وأكدت الوزارة في أحدث دراسة لها حول انتشار التدخين في الدولة أن النسبة بلغت 3،14 في المئة بين الطلاب و9،2 في المئة بين الطالبات. كما أن 25 في المئة من الطلبة جربوا التدخين لأول مرة قبل بلوغهم سن العاشرة، وأكثر من 25 في المئة من الطلبة غير المدخنين وأكثر من 60 في المئة من الطلبة المدخنين يتعرضون للتدخين اللاارادي في منازلهم والأماكن العامة، و20 في المئة قدمت لهم السجائر مجاناً من قبل إحدى متدربات شركات التبغ، و50 في المئة قاموا بشراء السجائر من محال تجارية، ولم يرفض بيعها الى 80 في المئة منهم رغم صغر سنهم.
وكمثال على التدابير العلاجية، أعلنت عيادة مركز مكافحة التدخين في محافظة الأحساء السعودية أنها عالجت 775 حالة إدمان خلال النصف الأول من سنة 2005، اقلع منهم 51 مدخناً، وما زال الباقون يتابعون الجلسات العلاجية. وهذه واحدة من العيادات المنتشرة في أنحاء السعودية وتتبع مديرية الشؤون الصحية في كل محافظة. وهي، بالاضافة الى معالجة المدخنين، تنظم محاضرات وتوزع مطبوعات وملصقات توعوية حول أخطار التدخين.
وفي أيلول سبتمبر 2005 منعت سورية التدخين بكل أشكاله في جميع الوزارات والمنشآت والدوائر العامة. وطلب من الجهات العامة تخصيص حيز في كل منها للمدخنين، على أن تتوافر فيها الشروط الفنية والصحية المناسبة.
مرض وموت في دخان السجائر
يحوي دخان السجائر مزيجاً من نحو 4000 مادة كيميائية، كثير منها مسبب للسرطان. ولعل أهم المكونات الخطرة النيكوتين والقطران وأول اوكسيد الكربون. فالنيكوتين يسبب الإدمان، ويؤدي الى ارتفاع ضغط الدم وتصلب الأوعية الدموية، ويزيد خفقان القلب ويتعبه، علماً أنه يستخدم أيضاً في مبيدات الحشرات. والقطران يحوي ألوف المركبات الكيميائية السامة التي تسبب سرطان الحنجرة والرئة. أما أول أوكسيد الكربون، فيحل محل الأوكسيجين في الدم ويحرم الجسم من كمية الاوكسيجين اللازمة لقيام الأعضاء بوظائفها، وهو يساعد ترسب الشحوم على جدران الشرايين، ويسبب الخمول وتشوّش الرؤية.
جاء في تقرير لمنظمة الصحة العالمية عام 2004 أن التدخين يقتل نحو خمسة ملايين شخص سنوياً، وسيكون أكبر سبب للوفاة بحلول سنة 2030، متسبباً في قتل ما يقرب من عشرة ملايين شخص كل عام. وهذا الرقم يزيد عن مجموع الوفيات المتوقعة الناجمة عن الالتهاب الرئوي، والأمراض الاسهالية، والسل، ومضاعفات الولادة. وتبلغ نسبة من يتعرض من المدخنين الى خطر الوفاة بسبب التبغ واحداً من كل اثنين. ومع الأنماط الحالية للتدخين، سوف يموت نحو 650 مليون شخص يعيشون الآن بسبب استخدامهم التبغ. ويقتل التدخين حالياً واحداً من كل عشرة أشخاص بالغين.
وبينت إحصاءات مركز مكافحة الأمراض CDC أن التدخين مسؤول عن 440 ألف وفاة سنوياً في الولايات المتحدة، أي نحو وفاة من كل خمس وفيات، وثلثاها بين الرجال. وأكدت أن خطر الموت بسرطان الرئة أعلى 22 مرة بين الرجال المدخنين و12 مرة بين النساء المدخنات، والنسبة أعلى بين الأفارقة والأميركيين الأصليين. ويزيد التدخين خطر الاصابة بكثير من أمراض السرطان الاخرى، منها سرطان الأنف والشفة والفم والبلعوم والحنجرة والمريء والمعدة والبنكرياس وعنق الرحم والمثانة والكلية والثدي والنخاع العظمي.
وفي الاحصاءات أيضاً أن المدخنين يصابون بأمراض القلب أكثر بمرتين الى 4 مرات من غير المدخنين. ويضاعف التدخين خطر الاصابة بالسكتة الدماغية، ويبطئ الدورة الدموية من خلال تضييق الشرايين. واحتمال الاصابة بأمراض الشرايين هو أكثر 10 مرات لدى المدخنين. ويرتبط التدخين بزيادة 10 أضعاف لخطر الموت بداء الانسداد الرئوي المزمن، ونحو 90 في المئة من جميع الوفيات بهذا الداء تنسب الى تدخين السجائر.
وللتدخين تأثيرات على الصحة الجنسية ومشاكل الطفولة المبكرة، بما في ذلك العقم والاسقاط والولادة قبل الأوان وانخفاض وزن المواليد والموت الفجائي للاطفال. ويزيد التدخين ترقق العظام، وتكون كثافتها أدنى لدى النساء المدخنات في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، ويزداد خطر اصابتهن بكسر في الورك. وفي تموز يوليو 2005، أكد باحثون طبيون في جامعة أرهوس الدنماركية في كوبنهاغن أن النساء اللاتي يدخنّ خلال فترة الحمل يزدن الى ثلاثة أضعاف احتمال اصابة أطفالهن بخلل الحركة المفرطة، ومن أعراضه النشاط العضلي المفرط وعدم التركيز والسلوك المتهور، وهي أكثر الاضطرابات العقلية انتشاراً في الطب النفسي للأطفال.
ويرتفع خطر الاصابة بمرض اللثة ست مرات لدى المدخنين، والاقلاع عن التدخين يقيهم خطر سقوط أسنانهم قبل موعدها، وفق ما خلصت اليه دراسة في جامعة نيوكاسل البريطانية نشرت في تموز يوليو 2005. والمدخنون هم أكثر عرضة للاصابة بمرض اللثة بسبب أثر التدخين التدميري على الجهاز المناعي، فتصبح أجسادهم أقل قدرة على مكافحة تكوّن البكتيريا والبلاك الذي يتراكم على الأسنان. وتسبب البكتيريا التهابات في اللثة فتنحسر وتدمى، وفي الحالات الخطيرة تنحسر اللثة وتتآكل العظام التي تمسك الأسنان.
وأعلن باحثون بريطانيون في نيسان ابريل 2005 ان المدخنين يزداد احتمال اصابتهم ضعفين باختلال تحللي في العين هو من أهم مسببات العمى لدى المسنين. ومن المشاكل الصحية الأخرى التي يسببها التدخين: تجعّد البشرة، اعتام عدسة العين كتاراكت أو المياه الزرقاء، ضعف السمع وفقدانه، تسوس الاسنان، القرحة المعدية والتهابات الأمعاء، إضعاف جهاز المناعة، اختلالات في الغدد الصمّ. ولا ينجو المرء من شر السجائر حتى لو كان غير مدخن، اذ يتعرض لدخان الآخرين في المنزل وموقع العمل وفي أماكن عامة كالحانات والمطاعم وغيرها. ويرتبط التدخين اللاإرادي بتزايد خطر الاصابة بسرطان الرئة وأمراض القلب لدى البالغين غير المدخنين. كما أن الأطفال معرضون بشكل خاص للتدخين اللاإرادي بسبب عدم اكتمال نمو رئاتهم، وهو يرتبط بتزايد خطر الموت الفجائي والربو والالتهاب الشُعبي وذات الرئة نومونيا.
لعل أهم انتصار تحقق في مجال مكافحة التدخين هو سريان الاتفاقية الاطارية العالمية لمكافحة التبغ، التي أصبحت نافذة في 27 شباط فبراير 2005، بعد أن صادق عليها أكثر من 40 بلداً. وهي وضعت مقياساً دولياً صارماً لمكافحة التبغ، اذ تلزم البلدان الأعضاء بزيادة ضرائب التبغ، وحظر الاعلان عنه ورعايته والترويج له، وتوسيع مساحات التحذير على منتجاته، وزيادة تدابير الوقاية من التدخين اللاإرادي، وتنفيذ اجراءات لوقف تهريب التبغ. وبدعوة من منظمة الصحة العالمية، تبنت عشرات الهيئات والمنظمات الصحية الدولية"دستور الممارسات المهنية حول مكافحة التبغ"، الذي لا يقصر دور الفعاليات الصحية على القدوة والتثقيف، بل يتعداهما الى التصدي لاستراتيجيات صناعة التبغ في عرقلة جهود مكافحة التدخين.
ينشر في وقت واحد مع مجلة"البيئة والتنمية"عدد تشرين الأول/أكتوبر 2005


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.