تعودنا كنقاد أن نبدي وجهات نظر متنوعة حول بعض تفاصيل الأعمال، وخلال ذلك ننسى النظر للصورة الإجمالية وللمنتج النهائي. سأتجاوز ذلك في هذا المقال وأشيد باثنين من القادة الإداريين، بشكل احتفائي مختصر جداً، رغم استحقاق تجاربهما للمزيد من التفصيل، مرتكزاً في ذلك على المنجز الذي حققه كل واحد منهم خلال فترة وجيزة في عمر الإدارة ومن خلال المقارنة بنماذج مشابهة في المهام والأهداف والتكوين. النماذج التي اخترتها اليوم لم تأت مكملة لمن سبقها في موقعها بل أتت لتؤسس وتتميز خلال فترة وجيزة لتنتقل لموقع منافسة الآخرين. ويدرك كل منصف في المجال الإداري طبيعة العمل التأسيسي لمؤسسات تعليمية وصحية كبرى تتطلب الجهد وتواجه التحديات وأبرزها الحاجة إلى الوقت الأطول في البناء المؤسسي لهذه المؤسسات الضخمة، بالذات في ظل شح الكوادر البشرية المتميزة والمؤهلة سواء في المجال الصحي أو المجال الأكاديمي وفي ظل الضغوطات الاجتماعية والإدارية المتنوعة. وقد لحظنا مؤسسات تمضي الأعوام العديدة وهي تدعي عملها على إعداد نظمها ولوائحها وعلى تجاوز مراحل التأسيس التي لم يوضع لها جدول زمني واضح ويبدو أنها ستمتد لسنوات عديدة. أول القادة هو الدكتور عبدالله العمرو المدير العام التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية الفائز بجائزة الشرق الأوسط السابعة للشخصيات التنفيذية عن قطاع الرعاية الصحية لعام 2010م. ويكفي شاهداً على التميز الإداري ما أنجز في تشغيل المدينة الطبية خلال خمس سنوات تقريباً وتجاوز مرحلة وصفها بأنها في مرحلة التأسيس إلى منافستها لأكبر المراكز الطبية المحلية التي سبقتها بعقود من الزمن، وتجاوزها المراكز المشابهة التي بدأت في أوقات مقاربة لها سواء في شرق المملكة أو غربها، رغم كل الشكوك والتحديات التي واجهتها في بداياتها. ومن شواهد تقدم مدينة الملك فهد الطبية حصولها مؤخراً على اعتماد كارف في تقييم منشآت التأهيل الطبي كأول مؤسسة صحية في الشرق الأوسط تحصل على هذا الاعتماد العالمي وحصولها على أفضل الدرجات وفق تقييم المجلس المركزي لاعتماد وتقييم المؤسسات الصحية بالمملكة، سابقة بذلك مؤسسات صحية سبقتها بعشرات السنوات، عمراً وخبرةً. حنكة الدكتور العمرو رأيناها كذلك في جمعية أمراض السرطان فرغم عمرها القصير نراها تجاوزت بإنجازاتها الكثير من أقرانها وأصبحت تمثل نموذجاً متقدماً في مجال العمل الخيري التطوعي الصحي، ولم يشغل المنصب الرسمي قائدها عن أداء دوره التطوعي في بناء أحد مؤسسات المجتمع المدني الخيرية الفعّالة. الفارس الثاني يخرجني من القطاع الصحي إلى القطاع التعليمي ويتمثل في الدكتور فيصل بن عبدالله المشاري آل سعود، أستاذ هندسة الإنشاءات المشارك الذي أسس ويدير المركز الوطني للقياس والتقويم منذ إنشائه عام 1422ه. خلال سنوات قصيرة أصبحنا نرى أهداف المركز تتحقق بشكل متميز في إجراء امتحانات القياس والقدرات لأكثر من مائتي ألف من خريجي المرحلة الثانوية، ونرى استعانة جهات أخرى بخبرات المركز كوزارة التربية والكليات العسكرية وغيرها من الجهات التي تستعين بأحد عشر امتحاناً أعدها ويشرف على تنفيذها المركز. كما نرى جهات من خارج المملكة من السودان ومصر وبعض دول الخليج تعترف باختبارات المركز. إذاً إنجازات المركز شواهد نجاح إداري وللتأكيد على النجاح نقارن بهيئات أكاديمية وصحية أخرى بدأت قبل أو في وقت مقارب لوقت قيام المركز مثل هيئة الاعتماد الأكاديمي وهيئة الغذاء والدواء، ونسأل أين إنجازات تلك الهيئات من إنجازات هذا المركز؟ [email protected]