حين تكون اللغة جناحاً محلقاً, وبساطاً موصلاً، هواءً ناقلاً، وصوتاً متكلماً, فهي الشعور النامي النابض في الصدور، المطمئن لها، تكون المرسى لقوارب الأحلام، والمنطلق لمجاديف الآمال...، ولغة (ف. ع. م) التي وَسَمَت نفسها ب(معلمة محرضة لكوامن الشعلة في نار أحلام الطالبات، وأمهاتهن، وآبائهن)، هي هكذا, كتبت رسالتها الطويلة، غير أنني سمعت صوتي في صوتها، وشممت حرفي في حبرها، ربما لأنّ التقافز على الجسور، ودمج حس الكاتب بحس القارئ يبدأ من القارئ ذاته، حين تصبح أبجديته محبرة تغترف حروفها لغة القارئ، ويلتقيان جناحين في طائر، ولسنا في يراع... «ف» تقول: «نزلت ميدان التعليم عندما حصلت في أول دفعات معاهد المعلمات، والآن بعد أكثر من أربعة عقود، من التدريس والإدارة، والإرشاد، أجدني بصوت عال أؤكد بأنّ مدرسة التعليم ليس هي من فصل، وسبورة، وأقلام، ومقاعد تشغرها صاحبات الرؤوس اليانعة، ولا هي المناهج بأهدافها ومضامينها ونشاطاتها، ولا هي نتائج التقويم الدورية، إنها من باب إلى باب، من بيتي للشارع للمدرسة، عوداً إلى الشارع فالبيت فالوجوه التي نسمعها تشكو، تطلب، تشجع، تعترض، تطلب، تلوم،.. المدرسة التي تعلّمنا فيها كيف نعرف الإنسان في شخص الطالبة، في شخص المديرة، في شخص مدير التعليم أو مديرة المكتب، في شخص ولي الأمر والأم، في شخص حاملة المعاملات، وحامل مفاتيح أبواب المدرسة، في شخص بائع الورق، والناسخة للاختبارات، للمراقبة، وللعاملة، حتى شخص الحارسة لأبواب دورات المياه، ومكاتب الإدارة،.. المدرسة هي التي علّمتنا معنى الإنسان وهو يسعى حثيثاً للحصول على الخبرة الزهيدة ليجعلها بوابة الاستزادة والإكثار.. ولديّ الكثير الذي أريد أن تتسع له زاويتك، لأنني متأكدة لن أصبح فجأة كاتبة ويوافق رئيس التحرير أن ينشر ما أكتب، فهل تسمحين لي باحتلال مكانك ولو مرة واحدة ...»... ولك يا «ف» المكان ليتطوّف به حرفك، ولتفضي زادتك بخبراتك فيه، فلديك بلاشك الكثير، ولسوف تفسح لك مساحات وأخرى، ثمة حاجة لأن تستمع لك الآذان، وتقرأك العقول، فلا من يستهين بخبرات أربعة عقود في المدرسة الكبرى، تلك التي تحتضن كل مدرسة خطوت فيها، وتركت بصمة ما... سأنتظر اسمك الصريح، فثمة اتجاه سيكون له في فضاء مدارس الآخرين... شكراً لثقتك، ومرحباً بقلم كالذي بين أيدينا... عنوان المراسلة: الرياض 11683 ص. ب 93855