يخطئ من يعتقد أن بطولات الهلال لهذا الموسم مكسب للهلاليين فقط دون غيرهم، فحين يحصل أي فريق على بطولات وبفارق فني كبير عن أقرب المنافسين، ويتفوق على الجميع في كل شيء، كما فعل الهلال هذا الموسم، فإنه بذلك يقدم نموذجاً مثالياً للعمل الرياضي الاحترافي المتكامل، ويقدم وصفه واضحة لكل إدارات الأندية التي تبحث (بإخلاص) عن تحقيق انجازات، وهذا ما يجعلني أتفاءل بأن أغلب الأندية ستطبق الأسلوب الهلالي باعتباره الطريق الصحيح للبطولات، وهذا سوف يرتقي بمستوى العمل الرياضي ومستوى الفرق والمنافسات، فخارطة طريق البطولات الهلالية بدأت بالاعتراف بالأخطاء السابقة وتصحيحها دون مكابرة، ثم أرست قواعد العمل الاحترافي الصحيح بالتعاقد مع مدرب قوي شخصية يرفض التدخل في عمله، وان كان ذلك من البديهيات في عالم الكرة، إلا أن القاعدة في الكرة السعودية هي عكس ذلك، حيث يفضل المدرب (المطيع) وتتدخل الإدارة في الأمور الفنية بشكل مباشر في أغلب الأندية ما ينعكس سلباً على نتائج الفريق. كما رفع الهلاليون شعار (الانضباطية أولاً) وهذا مفتاح التفوق حيث طبق هذا الشعار كمبدأ ثابت في كل خطوات العمل الإداري والفني وخصوصاً في التعامل مع اللاعبين والتزاحم بالبرنامج التدريبي الصباحي والمسائي، وهو أمر آخر تفتقده العديد من الأندية، وبمعنى آخر فإن بطولات الهلال كانت ترجمة وانصاف للعمل الاحترافي المتكامل، وتطبيقاً للنظرية الادارية الحديثة (الرئيس المرؤوس) حيث إن الرئيس الهلالي يأخذ طوعاً دور المرؤوس في الأمور الفنية ويعطي القوس باريها، وهذه بعض الأسباب الحقيقية لتفوق الهلال وثباته الدائم في القمة (ما شاء الله) ورغم أنني لست هلالياً وأتمنى أن تذهب البطولات لفريقي المفضل (الليث) إلا أنني أضع أمامكم أسئلة محايدة بشرط النظر إليها من زاوية المصلحة العليا للكرة السعودية، ماذا لو حقق الدوري بهذا الفارق الكبير من النقاط فريق آخر لا يطبق الانضباطية؟ أو فريق لا يؤمن بالجماعة ويحكمه النجم الأوحد؟ أو فريق حاضر بقوة إعلامياً وغائب ميدانياً؟ وماذا لو ذهبت البطولة لفريق يتولى رئيسه إدارة الأمور الفنية؟ أو لفريق تستبدل إدارته العمل الاحترافي بالعمل الذي يعتمد على (الفهلوة) وسياسة الصوت العالي؟ النتيجة ستكون كارثة على الكرة السعودية ومستقبلها لأن الفريق البطل سيقدم نفسه كنموذج للعمل الإداري الناجح، وسيقلده الآخرون، وعندها ستتلاشى مفاهيم الاحترافية والانضباط في العمل الرياضي، ومن هنا يجد الرياضي المحايد نفسه محتفياً بالبطولات الهلالية لهذا الموسم أكثر من الهلاليين أنفسهم، باعتبارها مكسب عام وليس خاص، فهي انتصار للاحترافية واسقاط للعشوائية، ولعل النموذج الهلالي لهذا الموسم يدشن لمرحلة جديدة للعمل الرياضي ويحدث نقلة نوعية في عمل إدارات الأندية وبرامجها الفنية، فالهلال لم يبتكر شيئاً خارقاً ولكنه سلك الطريق الصحيح للبطولات بإخلاص وولاء للكيان الأزرق وهو ما يميز الهلاليين، فنجد أنه منذ التأسيس وإدارات الهلال المتعاقبة تكاملية وليست تنافسية، أي انها منظومة عمل مؤسسي تحت المصلحة العليا للكيان الأزرق، في وقت نجد فيه أغلب الأندية تنقسم اداراتها بين جناحين متناحرين، فما أن يصل مرشح أحد الأجنحة للرئاسة، حتى تبدأ حرب عليه من الجناح الآخر الذي يقسم اللاعبين والجماهير وأعضاء الشرف إلى قسمين ويحولهم إلى خصوم داخل النادي الواحد. فيا معشر الرياضيين العقلانيين تعالوا نحتفي بأول بطولات محلية تتقاسم فوائدها كل الفرق، وتجير لصالح الكرة السعودية ومستقبلها. بلنتيات فوز هلال جيرتس على سد كوزمين، دفن عقدة كوزمين التي حاول البعض ربطها بالهلال، فقد أثبتت الإنجازات أن الهلال يصنع المدربين وليس العكس. برأيي الشخصي ان نادي الشباب يمتلك أفضل إدارة من حيث الأمور التنظيمية والإدارية وكفاءة الأعضاء ودقة العمل، ولكن النظرة الفنية خذلتهم في اختيار المدرب وفي ضعف الاعداد في بداية الموسم والتي تسببت في اصابة غالبية نجوم الفريق في (التمارين) وليس في المباريات، وهذا ما حرم الشبابيين من انجازات يستحقونها. باختصار شديد، لن يحقق الاتحاد بطولة بوجود الرئيس الخلوق الدكتور خالد المرزوقي، وأسألوا اللاعبين ونجوم الفريق؟ بدلاً من طرح فرضيات نظرية. لاعبو وإداريو النادي (الراقي) رقصوا كثيراً على أهازيج جماهيرهم المسيئة لرئيس نادي الشباب بعد نصف نهائي كأس ولي العهد، وكان ذلك بالصوت والصورة على شاشات التلفاز، فأي رسالة قدموها للوسط الرياضي عن ناديهم بهذا السلوك؟ وأين لجنة الانضباط عما حدث؟ باستثناء الهلال، فإن الخطوة الأولى للأندية السعودية في بطولة الأندية الآسيوية مؤشر واضح بأن كرتنا ليست على ما يرام.