فريق الهلال أحد الفرق الكبيرة في المملكة العربية السعودية .. فريق ينافس بقوة على معظم البطولات المحلية .. ويملك القدرة على حسم المباريات الهامة .. ويستطيع في الغالب تغيير النتائج لصالحة .. والسير بخطى وئيدة واثقة نحو تحقيق إنجازات متوالية .. فهو لا يبتعد عن ساحة المنافسات أبداً .. ولا يهجر منصات التتويج على الإطلاق .. ولا يخفت ضوءه كثيراً .. وهو الهلال الوحيد الذي يمكن أن يكتمل بدراً في أي يومٍ من أيام الشهر .. فيراه الجميع في كبد سماء الإبداع يشع روعة وتألقاً وإمتاعاً .. وهو على مستوى آسيا زعيمها .. وصاحب اليد الطولى فيها .. ويملك لاعبون أفذاذاً ذوي خبرة ومهارة وفن ولياقة ولباقة وثقافة .. ولديه القدرة المالية على إحضار المزيد من هؤلاء النجوم محليين وغيرهم .. وإلى جانب القدرة المالية يملك رجاله القدرة الفكرية والخبرة الفنية لإختيار أفضل وأشهر وأقدر المدربين لقيادته والإستفادة من إمكانياته وتسخير قدراته للسير به في طريق البطولات الذي تعود عليه الهلاليون ، وألفوه .. هذا هو الهلال كما يبدو لي على الأقل من وجهة نظر شخصية .. مع أني لست من مشجعيه محلياً .. وأتمنى له الخير حين يمثل الوطن خارجياً .. إلا أنني أرى – والله أعلم – أن بعض الهلاليين قد خانتهم خبرتهم .. وأخفق بعضهم في التعامل بطريقة إحترافية مع قرار إنهاء عقد مدربهم \"كوزمين\" من قبل الإتحاد السعودي لكرة القدم .. وبصرف النظر عن حيثيات وظروف وأحقية الإقالة .. فإن بعض الهلاليين إنحازوا إلى جانب \"كوزمين\" ظناً منهم أنهم ينحازون للهلال .. فتباكوا على \"كوزمين\" كثيراً .. وضخموا عمله .. وتفانوا في تصوير عظم خسارتهم له .. ولم يتنبهوا أنهم بقدر ما كانوا يُعلون من شأن \"كوزمين\" كانوا يحطون من شأن الهلال .. على الأقل في نظر من يسمع بالقضية من غير الهلاليين .. ثم أنسحب ذلك تدريجياً إلى بعض جماهير الهلال .. ثم بالتدريج إلى بعض لاعبي الفريق .. فبدأ يتغير شكل الفريق .. وتدنى مستواه الفني واللياقي والمهاري .. وبدأ بالتراجع على مستوى البطولات التي كان منافساً قوياً عليها .. وهم يعيدون ويزيدون في مسألة إقالة \"كوزمين\" مع كل تراجع أو إنخفاض في المستوى أو ضعف في إنسجام وتجانس وترابط خطوط الفريق .. ويرسخون بإستمرار - ربما دون قصد - أن \"كوزمين\" هو من صنع الهلال .. وكأن الهلال لم يكن بطلاً ومنافساً ومرعباً من قبل \"كوزمين\" وكأنه ليس كذلك من بعده أيضاً بإذن الله وتوفيقه كل هذا و\"كوزمين\" في الدوحة ينتشي ويزهو ويفرح وينتفخ ولسان حاله يقول : أنامُ ملئ جفوني عن شواردها=ويسهر الخلق جراها ويختصمُ هكذا بدت الصورة خارج البيت الهلالي .. على صفحات الصحف .. وأثير الفضائيات والإذاعات .. أما داخل البيت الهلالي فقد يكون الوضع مختلفاً .. بل هو كذلك بالفعل حسب ماقاله رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد في مقابلة خاصة على ال art مع الأستاذ وليد الفراج إذ قال ما معناه .. أنه حاول جاهداً إخراج اللاعبين من تأثير هذه القضية عليهم ..أ.ه ولكن الضجيج في الخارج كان أعلى وأكبر ربما من جهود الأمير عبدالرحمن بن مساعد .. رغم ضخامة حجم عمل سموه في هذا الإتجاه حسب ما قاله في اللقاء .. ولكن تظل الكثرة تغلب الشجاعة في أغلب الأوقات .. أعلم أن قضية \"كوزمين\" أنتهت على الأقل بإنتهاء الموسم الرياضي .. ولست هنا بصدد .. تأييد أحد الأطراف أو نقد أخرى في التعاطي مع إقالة \"كوزمين\" وإنما الذي أريد الوصول إليه هو توصيف حالة ربما يتبعها حالات مماثلة .. مع الهلال أو غيره .. فكيف يمكن الإستفادة من هذه التجربة مستقبلاً ؟؟ .. قد لا يكون من السهل طرح إجابة مباشرة .. ولكن لماذا لا نستعرض حالات مشابهة حدثت سابقاً .. وكانت الغلبة في النهاية للكيان .. وذهب الأشخاص .. وذهبت سيرتهم أدراج الرياح .. علنا نخرج منها بجزء من الإجابة .. وربما كل الإجابة. حدث مثل ذلك أو قريباً منه للإتحاد مع المدرب ديمتري .. حتى ظن بعض الإتحاديين أن بطولات النادي مرهونة بوجود ديمتري .. ثم جاء اليوم الذي طالب بعض من صفق له بإبعاده عن الإتحاد .. ثم رحل ديمتري .. وبقي الإتحاد بطلاً إلى اليوم .. وحدث مثل ذلك أو قريباً منه للإتحاد مع اللاعب أحمد بهجا .. حتى ظن كثير من الإتحاديين أن الفوز وتحقيق البطولات وقوة الإتحاد الضاربة مقرونة بحضور أحمد بهجا وتمثيله للفريق حتى كاد أن يكون أحمد بهجا كل شئ في الإتحاد .. ثم في النهاية رحل أحمد بهجا وبقي الإتحاد بطلاً إلى اليوم .. وهوكذلك دوم – بإذن الله وتوفيقه - في نظر الإتحاديين وغيرهم .. وأنا وإن كنتُ من هذا الغير .. إلا أني إحترم الإتحاد محلياُ .. وأتمنى له الخير حين يمثل الوطن خارجياً .. حدث مثل ذلك أو قريباً منه للأهلي مع المدرب \"نيبوشا\" الذي حقق للأهلي بطولتين في موسم واحد .. من أمام المنافس التقليدي \"الإتحاد\" .. ومع ذلك لم تجدد الإدارة الأهلاوية عقده لمبالغته في مطالبه المادية .. وظلت الجماهير الأهلاوية تهتف بإسمة بعد إقالته .. وتطالب بعودته سراً وجهارا .. ظناً منهم أنه سر تحقيق البطولات .. وغاب عنهم أن السر في الأساس في الأهلي ونجومه .. وليس في \"نيبوشا\" .. وأستمر هتاف المدرجات الأهلاوية بإسمه ومطالبتهم بعودته .. حتى إضطرت الإدارة لإعادته مرة أخرى .. فلم يقدم للأهلي عُشر معشار ما قدمه سابقاً .. فرحل هذه المرة غير مأسوفاً عليه .. وبقي الأهلي بطلاً ً إلى اليوم .. وهو كذلك دوم – بإذن الله وتوفيقه – في نظر الأهلاويين وغيرهم .. وأنا من هذا الغير .. لكني إحترمه محلياً .. وأتمنى له الخير حين يمثل الوطن خارجياً .. بقي سؤال : تُرى لو أن البعض الهلالي .. أقصد البعض الذي تباكى على \"كوزمين\" كانت أول كلماتهم وتصرياتهم ومقالاتهم بعد الإقالة مباشرة .. منصبة على تأييد القرار قلباً وقالباُ .. والتأكيد على أن الهلال كبير .. وبطل .. وقادر على الإستمرار بنفس الوتيرة على جميع البطولات التي يخوضها .. وأن الثقة في نجومه وقدراتهم لا تحدها حدود .. وأنهم قادرون على حسم ماتبقى لهم من مباريات .. ولو أكملوا الموسم وخاضوا مبارياتهم بدون مدرب ؟ .. تُرى لو حدث هذا بالفعل على مستوى التصريحات واللقاءات والمقالات .. هل كان سيحدث للهلال ما حدث .. أم سيُنظر للإقالة على أنها أمراً عادياً ومستحقاً ولا شأن للفريق به .. وكان الفريق - بالتالي - قد أكمل مسيرته بنجاح ومرت الأمور بسلام ؟ ..