أبدى مختصون في قطأع التأمين الصحي مخاوفهم من تراجع الخدمات الطبية في القطاع عقب ظهور خلل في إحدى حلقات دورة الخدمة الطبية المرتبطة بالتأمين ووجدت بعض شركات التأمين نفسها أمام خطر سحب الترخيص عندما تعثرت في دفع مستحقات متأخرة لصالح منشآت صحية وبحسب المادة 76 من اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين الصادرة عن مؤسسة النقد فإن سحب الترخيص يهدد أي شركة لم تف بمتطلبات النظام ومن ذلك الشركات المتعثرة في تسديد مستحقات مقدمي الخدمات الصحية ووفقا للجنة الطبية الوطنية فإن العديد من المستثمرين في القطاع الطبي من ملاك المنشآت الصحية تقدموا لها بهدف إيجاد آلية لتحصيل مستحقاتهم من شركات التأمين ومن ثم تم التعميم على المنشآت الصحية لحصر حجم المديونيات. وطالب ملاك المنشآت الصحية بمستحقاتهم على شركات التأمين والإسراع في حل هذه المشكلة والتي يرجع جزءا منها لفترة ما قبل التنظيم الجديد لشركات التأمين منذ «2005 و2006» كما أن هناك متأخرات حالية. ويرى قانوني أن شركات التأمين لا تسعى إلى المخالفة والمماطلة ولكن يبدو أن هناك خللاً في الدورة المالية والمستندية المرتكزة على عوامل قانونية لم يتم التعود والتأقلم عليها. ويري المحامي ماجد قاروب أن هذه الجزئية تمثل خطورة على الاقتصاد والشركات والمؤسسات الصحية كما أن تأخير المستحقات أثره سلبي وخطير حتى على جودة الخدمات الصحية ويكون الضحية المستفيد من الخدمة «المريض» كما أن التأثير يمتد ليشمل شركات التأمين والاستثمارات الطبية المباشرة في القطاع الخاص وهذا أمر بالغ الخطورة ووفقا لآخر إحصاءات حول مقدمي الخدمات الصحية المعتمدين من مجلس الضمان الصحي فقد زاد عددهم 20 % وبلغت نسبة زيادة المستوصفات 36 % والمستشفيات 11%، ومجمعات العيادات 23%والصيدليات 16%. تعثر ومساومة وقال مصدر مطلع بمجلس الضمان الصحي ل»الجزيرة»: إن العديد من المنشآت الصحية المرتبطة بعقود تأمينية مع بعض شركات التأمين ظلت تشتكي من تعثر مستحقاتها لدى تلك الشركات كما أن بعض الشركات ظل يتعامل معها بشعار المساومة في طريقة السداد. وأكد الدكتور سامي العبد الكريم رئيس اللجنة الوطنية الطبية أن لجنته قامت بالتعميم على المتضررين لتزويدهم بحجم المديونيات، وتم حصر مستحقات مقدمي الخدمات من مستشفيات ومراكز صحية حيث تجاوزت حقوقهم 50 مليون ريال. وقال العبد الكريم: إن هذا الملف سيتم رفعه لساما لتضع حلا وآلية لسداد المديونية المترتبة على تلك الشركات، وأخذ التعهد عليها بعدم تكرار ذلك في المستقبل، مؤكداً أن الشركات المتأخرة في دفع مستحقات الجهات الطبية يبلغ عددها خمس على الأقل. واستبعد العبدالكريم اللجوء للمحاكم في الوقت الراهن طالما أن ساما ستقوم بدورها المناط بها في سبيل حفظ حقوق أطراف العملية التأمينية والعمل على استقرار السوق والعدالة. وحول تأثير تعثر شركات التأمين على الاستثمارات في قطاع التأمين الصحي، قال العبد الكريم: التأثير واضح وذلك بالالتزامات المترتبة على تقديم الخدمة دون مقابل والخسائر المترتبة على ذلك، وتابع: «ساما» مطالبة بتطبيق عليهم العقوبات والتي تنص على سداد الديون من الاحتياطي النظامي لديها. الملف ربما تحول لساحات القضاء ويرى مستشار قانوني أن تأخر شركات التأمين في دفع مستحقات مقدمي الخدمات الطبية غير مقبول لأن هذا الوضع يعتبر مخالفة قانونية ونوع من أنواع المماطلة غير الجائزة ما لم يكن هناك سبب قانوني مشروع للتأخير مثل التدقيق أو وجود منازعات قضائية أو قانونية والتأخير بشكل عام له أثر سلبي كبير على صناعة الخدمات الطبية وقد يكون السبب راجع إلى المؤسسات الطبية نفسها في عدم الإلمام بالقواعد والاشتراطات الجديدة لصناعة التأمين في وضعها القانوني الجديد. وقال المحامي الدكتور ماجد قاروب: إن شركات التأمين لا تسعى إلى المخالفة والتأخير والمماطلة ولكن يبدو أن هناك خللاً في الدورة المالية والمستندية المرتكزة على عوامل قانونية لم يتم التعود والتأقلم عليها وهذا خطير لضرره على الاقتصاد والشركات والمؤسسات الصحية وأضاف: لا شك أن أثر هذا التباطؤ سلبي وخطير حتى على جودة الخدمات الصحية والضحية سيكون المريض والتأثير السلبي لن يكون فقط على مستوى الشركات العاملة في مجال التأمين بل على مستوى الاستثمارات الطبية المباشرة في القطاع الخاص وهذا أمر بالغ الخطورة والحذر منه واجب ومهم. ولم يستبعد قاروب تحول هذه الملفات لساحات القضاء والمحاكم، مشيرا إلى أن تسوية المنازعات الطبية والتأمين الطبي ستكون ضمن المواضيع التي سيناقشها المنتدى الثاني للطب والقانون برعاية معالي وزير الصحة وبالتعاون مع مجلس الضمان الصحي التعاوني في أبريل المقبل. خط أحمر من جانبه قال رائد التميمي نائب الرئيس للتأمين الطبي والتكافل بشركة التعاونية: إن نجاح العملية التأمينية مرهون دائماً بالتزام الأطراف الثلاثة «المؤمن له وشركة التأمين ومقدمو الخدمة الطبية» بما عليه من مسؤوليات والتزامات تجاه الطرف الآخر وتجاه الأنظمة والقوانين ويعد عدم وفاء بعض شركات التأمين بالمستحقات المترتبة عليها تجاه مقدمي الخدمة خللاً في هذه العلاقة وضد الأنظمة وسينعكس سلباً على مستوى الخدمة المقدمة للعملاء، وأضاف: عدم دفع المستحقات يقلل من قدرة المستشفيات على تطوير خدماتها وسداد تكاليفها والتزاماتها بل ويحد من قدرتها أيضاً على الارتقاء بجودة الخدمات الصحية كما يعد المؤمن له (المريض) أكثر المتضررين من هذه التجاوزات. فالتأمين الطبي حساس للغاية لأنه يمس بشكل مباشر صحة المرضى وعدم سداد مستحقات مقدمي الخدمة سيدفعهم بطبيعة الحال إلى التوقف عن تقديم الخدمة للمؤمن لهم «المرضى» وبالتالي يجد المؤمن له (المريض الذي دفع قسط التأمين) غير قادر على الحصول على الخدمة المتفق عليها مع شركة التأمين بسبب عدم الوفاء بالتزاماتها تجاه مقدمي الخدمة، وتابع: عدم الالتزام بمستحقات مقدمي الخدمة يعتبر خطاً أحمر ويجب على أي شركة تأمين عدم تجاوزه. ويري التميمي أن المستشفيات أصبحت ذات دراية وخبرة كبيرة في التعامل مع شركات التأمين وتستطيع انتقاء الشركات الملتزمة للتعامل معها. وأكد التميمي أن الصورة الآن أصحبت مختلفة تماماً عما كانت عليه في السابق فيما يتعلق بتعاملات شركات التأمين مع مقدمي الخدمة الصحية. ورأى التميمي أن التعثرات ترجع إلى فترة ما قبل التنظيم الجديد. «المريض» هو من سيدفع الثمن وأبدى الأستاذ أيمن بن علي البلاع مختص في القطاع الطبي استغرابه لظاهرة التسويف في مستحقات مقدمي الخدمات الطبية من مستشفيات ومراكز صحية ورأى أن شركات التأمين الحالية تملك ملاءة مالية جيدة ولديها القدرة على الصمود أمام أي مطالب مالية في ظل توسع رؤوس أموالها خصوصاً بعد التنظيم الجديد لقطاع التأمين وأن علاقة المستشفيات وشركات التأمين بعد تطبيق التأمين الصحي على جميع المقيمين أصبحت كبيره جداً وزاد حجم التعامل بين الطرفين وزادت المطالبات المالية للمستشفيات لدى شركات التأمين. وسرد البلاع عملية المطالبات قائلاً: تقوم المستشفيات بإرسال الفواتير الخاصة بعلاج المؤمن عليهم لشركة التأمين خلال فترة من «30-45» بعد نهاية الشهر وحسب التعاقد مع شركات التأمين يتوجب عليها سداد المبالغ المستحقة خلال فترة من «45-60» يوما حسب التعاقد ولكن معظم شركات التامين لا تلتزم بالسداد في الوقت المحدد وقد زادت مدة تأخير السداد مع وجود شركات وساطة التامين وهي طرف ثالث يقوم بمراجعة المطالبات نيابة عن شركة التأمين وسداد المبالغ المستحقة للمستشفيات وهو ما يسمى بال (T.P.A) وتصل مدة التأخير أحياناً إلى ستة أشهر حيث تقوم الشركات بسداد مبالغ ضئيلة تصل إلى 30% فقط من المطالبة وعدم سداد باقي المستحقات بحجة وجود مرتجعات بالمطالبة وبمناقشة الشركات يتضح أن المرتجعات المطلوب تسويتها لا تزيد عن 10 إلى 15 % من إجمالي المطالبة مما يعني ضرورة تسديد 90% من المستحقات في المدة المحددة للسداد ولكن كثيراً من شركات التأمين تقوم بالتسويف والمماطلة في السداد لعدة أشهر ثم تقوم بمساومة المستشفيات بسداد باقي المستحقات بعد الحصول على خصم كبير لسداد المبالغ وهذا يؤثر سلباً على مقدمي الخدمة الطبية في الالتزام بتوفير متطلبات العلاج وكذلك التزامها نحو موردي ومقدمي المستشفيات من مستلزمات وأجهزة وأدوية وغيرها. ودعا البلاع شركات التأمين المتعثرة إلى دفع المستحقات حيث إن شروط ساما واضحة وصريحة من خلال لائحتها التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين والتي تهدد إحدى موادها بسحب الترخيص في حال عدم وفائها بمتطلبات النظام أو اللائحة ومن ذلك مستحقات مقدمي الخدمات الطبية من مستشفيات ومراكز ومستوصفات.