يترك عمل الأطفال في مثل هذه الأماكن لديهم الكثير من الترسبات النفسية، أولها إحساس الطفل المستمر بأنه اقل من أقرانه، ما يجعله يتحسر على حظه، ويميل إلى العدوانية التي قد تكسبه في المستقبل بعض السلوكيات المنافية لقيم ومعايير المجتمع. يؤكد ذلك الاختصاصي النفسي وليد الزهراني الذي يعتبر أن المسألة الأكثر خطورة اذ ان الطفل في سن مبكرة ولم يكتمل بناؤه الجسمي والنفسي ويحتك بأناس اكبر منه سناً، والطفل في هذا العمر يكون أرضاً خصبة لأي تشكيل أو غرس من الأكبر سناً، فنجدهم يتعلمون ألفاظاً وكلمات لا تتناسب مع أعمارهم ولا مع المعايير والقيم الدينية». ويقول: «عملهم بهذا الشكل يقودهم إلى مستقبل مظلم، ويسهم في انحرافهم، والذي أقله ممارسة بعض العادات، مثل التدخين وتعاطي الحشيش والانحراف الجنسي وعدم احترام الكبير والسهر والتسكع في الشوارع، وحتى لو اضطر الأطفال للعمل، فيجب أن تتناسب الوظيفة مع أعمارهم الزمنية وبنائهم الجسماني». وزاد: «من أسباب تفشي هذه الظاهرة الفقر المدقع، ما يدفع الأسرة إلى استغلال الأطفال في تحقيق كسب أو منفعة من ورائهم، وبذلك يتحول الأمر إلى جشع يدفع الفرد إلى استغلال أبنائه في تحقيق نوع من الرفاهية في حياته على حساب حياتهم الشخصية ومستقبلهم». ويشير الزهراني إلى وجود تأثيرات سلبية كبيرة، تقع على عاتق أفراد المجتمع كافة، عندما يتعرض الأطفال لمزاولة العمل منذ الصغر، ما يجعلهم يتعرضون للعنف، «ولعل أسوأ أشكال العنف هو الذي يقع ضد الأطفال، وهو الأذى الذي يلحق بهم أو نتيجة استغلالهم بشكل بدني أو جنسي». ويلفت إلى أن الجميع يتحمل المسؤولية، مطالباً بسرعة معالجة وضع هؤلاء الأطفال وتأمين مستقبلهم وحماية حقوقهم، وأن تكون من أولوياتنا، اذ ان الطفل يحتاج الى أن يعيش وسط عالم يتبنى مشاعره وأحاسيسه البريئة وليس عالماً قائماً على الربح والخسارة. من جهته، يؤكد أستاذ علم الاجتماع ماجد العوين أن ظاهرة تشغيل الأطفال باتت منتشرة وبكثرة، خصوصاً في المدن الكبيرة بالمملكة، وعلى الأرصفة وعند إشارات المرور. ويقول العوين ان عمل الأطفال يؤثر في حياتهم في الكبر بشكل سلبي يظهر في تصرفاتهم، «ومن الخطأ الاستمرار بالعمل وترك الدراسة، فالأسرة السعودية لديها وعي وإدراك ومحبة لأبنائها، وعليها الاستفادة من فرص التعليم المتاحة وغيرها من الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن. وأوضح أن الفقر يدفع بالأطفال إلى العمل للحصول على النقود التي تحسن من دخل الأسرة، وبالتالي يحرمون من التعليم ومن التمتع بطفولتهم. وحذر من استغلال القصر من المنحرفين، سواء باستخدامهم في الجرائم كالقتل والسرقة أو في الإساءة الجنسية لهم، مطالباً الجهات المعنية بالاهتمام بإيجاد دراسات وحلول تنقذ هؤلاء الأطفال.