كسر الجيش المصري في بلدة الشيخ زويد في شمال سيناء، نمط تمدد تنظيم «داعش» في بلدان المنطقة منذ تصدره التفاعلات على الساحة الإقليمية قبل أكثر من عام، بعدما حرم مسلحيه من السيطرة على البلدة التي حاولوا احتلالها بالمئات وعزلها بنصب شراك وزرع ألغام. وأعلن الجيش مقتل 4 ضباط و13 جندياً من قواته، وأكثر من 100 «إرهابي» في المعركة التي استمرت نحو 6 ساعات في الشيخ زويد أول من أمس مع مقاتلي جماعة «ولاية سيناء» الفرع المصري لتنظيم «داعش». وتقل هذه الحصيلة كثيراً عن الأعداد التي ذكرتها مصادر أمنية عدة وتجاوزت 50 قتيلاً من العسكريين والمدنيين، بخلاف القتلى من المسلحين. وهذا الهجوم هو الأول من نوعه الذي يشنه مسلحون بهذه الطريقة في سيناء، فغالباً ما اعتاد المسلحون تنفيذ هجوم بسيارة مُفخخة أو حتى بأسلحة هجومية، والفرار سريعاً، قبل وصول قوات الدعم إلى الموقع الذي تعرض للهجوم، أو حتى مهاجمة تلك القوات من بُعد قبل الفرار. لكن هجمات الشيخ زويد أول من أمس بدت نقلة نوعية في كيفية تنفيذها، أو حتى عدد المسلحين المشاركين فيها، إذ حاول المسلحون السيطرة على الأرض بدل الفرار بعد مهاجمة 15 مكمناً للجيش والشرطة، ربما ظناً منهم بأن الهجوم بأعداد كبيرة على مواقع الجيش سيعيد تجربة مسلحي «داعش» في العراق حيث استولى التنظيم على مدن من دون قتال بعد فرار الجنود. وبدأ الهجوم بسيارتين مُفخختين استهدفتا مكمنين في الشيخ زويد، ثم هجمات بأسلحة متوسطة على مكامن أخرى في وقت متزامن، فيما كان مسلحو التنظيم يلغمون طرقاً محددة من شأنها قطع الإمدادات العسكرية والطبية عن المدينة. وفي وقت بدأت قوات المكامن ترد على الهجوم المباغت، وقوات إزالة الإلغام تباشر مهماتها في تطهير الطرق، عزز المسلحون من وجودهم في المدينة بعشرات من السيارات الرباعية الدفع التي حُمل بعضها بمضادات للطائرات استخدمت للمرة الأولى في مواجهات مباشرة مع الجيش، ربما لتحييد مروحيات «أباتشي» عن المعركة. وروى الناطق باسم الجيش أن ضابطاً في مكمن عسكري هوجم بسيارة مفخخة وأصيب نتيجة الموجة الانفجارية أثناء استقلاله دبابته، «ورغم ذلك تقدم صوب القوة التي حاولت الاستيلاء على المكمن وقذفها بالمدفعية، فقضى عليها». وقال ضباط إن قوات الدعم التي كانت تنتظر تطهير الطرق للوصول إلى قلب الشيخ زويد ظل أفرادها يستعجلون أفراد سلاح المهندسين في إنجاز مهمته في تطهير الطرقات، للوصول إلى موقع الاشتباكات واللحاق بزملائهم، فيما كانت الروح المعنوية لدى القوات مرتفعة جداً. وشهدت معركة الشيخ زويد أعنف التحام مباشر بين قوات الجيش والمسلحين، انتهى بخسائر فادحة في صفوف المسلحين الذين قدر الناطق العسكري عددهم بنحو 300 قُتل أكثر من ثلثهم في تلك المواجهة وألقي القبض على عشرات منهم، وفق الحصيلة الرسمية، وفر مصابون كثر. وشاركت قوات الصاعقة التي تعد فرع النخبة في الجيش في تلك المواجهات، وقتلت أعداداً كبيرة من المسلحين الذين حاولوا الاستيلاء على معدات عسكرية وذخائر من المكامن التي هوجمت. واعتمد الجيش مواجهة جيوب المسلحين داخل المناطق السكنية في المدينة بالتحام مباشر، اسُتخدمت المدفعية في بعض جولاته، فضلاً عن الآليات المدرعة، كما اقتحمت وحدات من الجيش بنايات تحصن فيها المسلحون، خشية قذفها كي لا يكون فيها مدنيون. وما ان بدأ المسلحون يفرون من المدينة بعدما أيقنوا أنهم لن يتمكنوا من البقاء فيها، حتى قصفتهم مروحيات «أباتشي» وطائرات «أف 16» التي تدخلت لتفادي مضادات الطائرات عند أطراف المدينة الصحراوية، ليتساقط كثيرون منهم قتلى وجرحى. ونشر الناطق باسم الجيش صوراً لجثث عشرات المسلحين، بعضها في الدروب الصحراوية وأخرى في طرقات، وقد بدا بعضها متفحماً من شدة القصف. ولوحظ أن المسلحين ارتدوا زياً عسكرياً مموهاً، في محاولة منهم لإثبات أنهم قوة نظامية. وتمكنت القوات المسلحة من إخلاء الشيخ زويد من المسلحين خلال أقل من 4 ساعات، دمرت خلالها عشرات من سيارات الدفع الرباعي المُحملة بالذخائر والمدافع المضادة للطائرات، بعدما حاصر المسلحون منشآت حكومية عدة بينها قسم الشرطة الذي زرعت ألغام في محيطه. وأعلن الجيش قتل 23 مسلحاً بقصف جوي بمروحيات أباتشي في مدينة رفح. وقالت مصادر عسكرية إن «بعض القتلى شارك في الهجوم على الشيخ زويد، وبينهم قيادي في الجماعات الإرهابية».