بعد شهور من الهدوء النسبي في شبه جزيرة سيناء، هزتها أمس اعتداءات متزامنة واسعة النطاق شنها الفرع المصري لتنظيم «داعش» على مكامن عسكرية ومقرات أمنية بأسلحة غير تقليدية، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى، في أعنف هجوم منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي. (للمزيد) وبعد عملية نوعية في القاهرة شهدت اغتيال النائب العام هشام بركات، نفذ مئات المسلحين هجمات متزامنة على 15 موقعاً لقوات الجيش والشرطة في سيناء، بالتزامن مع الذكرى الثانية للتظاهرات التي سبقت عزل مرسي. وتبنت جماعة «ولاية سيناء» التابعة لتنظيم «داعش» الهجوم الذي استُخدمت فيه للمرة الأولى مضادات الطائرات المحمولة على سيارات رباعية الدفع، وتخللته عمليات انتحارية، وقصف صاروخي، واشتباكات مع القوات، وتفخيخ طرقات عدة، لمنع وصول أي إمدادات طبية أو عسكرية، ما عزل مدينة الشيخ زويد لساعات، قبل أن يكسر الجيش سيطرة المسلحين على المدينة ويطارد مجموعات منهم. وليل أمس أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية بياناً أوضحت فيه تفاصيل الهجمات الإرهابية، وقالت: «إنه خلال الساعة السابعة من صباح أمس قامت مجموعة إرهابية بالهجوم على عدد من الكمائن العسكرية في منطقتي رفح والشيخ زويد (شمال سيناء) باستخدام عربات مفخخة وأسلحة ثقيلة. وتمكن الجيش من التعامل مع تلك العناصر وإحباط المحاولة الإرهابية». وأشار البيان إلى أن عناصر الجيش وبدعم سلاح الطيران، طارد تلك العناصر وقتل منهم ما لا يقل عن 100 عنصر وإصاب أعداداً كبيرة بالإضافة الى تدمير 20 عربة كانت تستخدمها تلك العناصر. وأوضح البيان أن الهجمات الإرهابية أسفرت عن مقتل 17 من عناصر الجيش بينهم 4 ضباط وإصابة 13 آخرين بينهم ضابط. وأتت الهجمات في أعقاب هدوء نسبي في شبه جزيرة سيناء منذ تشكلت قيادة عسكرية موحدة للمنطقة في كانون الثاني (يناير) الماضي، إثر هجوم استهدف الضاحية الأمنية في العريش وأدى إلى مقتل عشرات العسكريين والمدنيين. وقالت مصادر في الجيش إن «هجوماً منسقاً شنه مئات المسلحين استهدف مكامن مدينة الشيخ زويد، وبدأ بسيارتين مفخختين اقتحمتا مكمنين أحدهما مكمن أبو رفاعي الذي لحقه أكبر قدر من الضرر، ثم حدث اشتباك بين المهاجمين والجنود، فيما كانت قوات الدعم تتعثر جراء العبوات الناسفة التي تم زرعها على طرقات عدة، منها طريق رابط بين معسكر للجيش ومركز المدنية، فضلاً عن الهجمات الصاروخية». وأوضحت أن «الاشتباكات استمرت ساعات، واعتلى مسلحون بالقوة بنايات ومنازل لأهالي في الشيخ زويد، بعدما فخخوا محيط مقرات ومعسكرات أمنية». وانتشر مسلحون في شوارع عدة في الشيخ زويد، وأطلقوا النار في الهواء، وتجمعوا قرب قسم شرطة الشيخ زويد ومعسكر الزهور الأمني، وحاولوا اقتحامهما. غير أن القوات أطلقت النار بكثافة صوب المسلحين. ودارت معركة عنيفة في محيط قسم الشرطة الذي حاصره المسلحون قبل أن تطاردهم قوات الجيش في دروب صحراوية. وظهر أن الهجوم ضخم للدرجة التي فتحت فيها مستشفيات محافظة الإسماعيلية المطلة على قناة السويس باب التبرع بالدماء، ودفعت بأسطول من سيارات الإسعاف للمساعدة في علاج المصابين. وفي وقت كانت مدينة الشيخ زويد تشهد معركة حامية بين مئات المسلحين وقوات الجيش استخدمت فيها طائرات من طراز «اف 16»، أعلنت مصادر أمنية في القاهرة قتل 13 «مسلحاً» في ضاحية السادس من أكتوبر على أطراف العاصمة، قالت إنهم من «قيادات الخلايا النوعية المسؤولة عن العمليات الإرهابية» في تلك المنطقة. وبين القتلى النائب السابق عن جماعة «الإخوان المسلمين» ناصر الحافي، وهو أول قيادي في الجماعة يُقتل أثناء توقيفه. وفي حين أكدت أجهزة الأمن أن القتلى بادروا قواتها بإطلاق الرصاص، نفت جماعة «الإخوان» وقوع اشتباكات واتهمت الشرطة ب «تصفية» القياديين خلال اجتماعهم «بدم بارد». وأقر مجلس الوزراء أمس حزمة من القوانين «لمكافحة الإرهاب» وتسريع إجراءات التقاضي «بما يحقق العدالة الناجزة والقصاص السريع لشهدائنا»، إضافة إلى القوانين المنظمة للانتخابات النيابية. وأحالتها الحكومة على مجلس الدولة لمراجعة صياغتها القانونية، قبل رفعها إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي لإصدارها. وقال بيان لمجلس الوزراء انه «في حال انعقاد دائم لمجابهة التطورات واتخاذ الاجراءات اللازمة في مواجهة الارهاب».