بالتزامن مع الإحتفال بالذكرى الثانية لتظاهرات 30 حزيران (يونيو) التي سبقت عزل الرئيس السابق محمد مرسي، شنّت جماعة «ولاية سيناء» التابعة لتنظيم «داعش» أقوى هجوم مسلح استهدف 15 تجمعاً لقوات الجيش والشرطة في مدينة الشيخ زويد وعلى الطريق بين المدينة ورفح في شمال سيناء، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى من العسكريين والمدنيين تضاربت تقديرات المصادر لأعدادهم. واستُخدمت في الهجوم للمرة الأولى مضادات الطائرات المحمولة على سيارات رباعية الدفع، وتخللته عمليات انتحارية وقصف صاروخي واشتباكات مع القوات وتفخيخ طرقات عدة، لمنع وصول أي إمدادات طبية أو عسكرية، ما عزل مدينة الشيخ زويد التي سيطر فيها المسلحون على بنايات وشوارع، قبل أن يشتبك معهم الجيش لساعات ويقضي على عدد من تجمعاتهم. والهجوم هو الأقوى والأعنف الذي يشنّه مسلحون في سيناء منذ سنوات، وأتى بعد يومين فقط من اغتيال النائب العام هشام بركات في القاهرة باستهداف موكبه بسيارة مُفخخة، وهو أبرز مسؤول يُقتل منذ تسعينات القرن الماضي. وشهدت القاهرة سلسلة تفجيرات مساء أول من أمس بالتزامن مع الذكرى الثانية لتظاهرات 30 (حزيران) يونيو، لكنها توارت خلف هجمات الشيخ زويد. ولم يصدر بيان رسمي بحجم الخسائر، لكن مصادر عسكرية وطبية قالت ل «الحياة» إن أكثر من 40 ضابطاً وجندياً قتلوا في الهجمات التي بدأت في السادسة صباحاً، إضافة إلى أكثر من 3 مدنيين، فيما قُتل أكثر من 75 مسلحاً في تلك المواجهات، بحسب إحصاءات أولية. وتأتي الهجمات في أعقاب هدوء نسبي في شبه جزيرة سيناء استمر منذ استهدف هجوم الضاحية الأمنية في العريش في كانون الثاني (يناير) الماضي، ما أدى إلى مقتل عشرات العسكريين، وأعقبه قرار بتشكيل قيادة عسكرية موحدة لشبه الجزيرة بقيادة الفريق أسامة عسكر. وقال الناطق باسم الجيش العميد محمد سمير في بيانات متلاحقة إن «عناصر إرهابية تشير المعلومات الأولية إلى أنها تقدر بنحو 70 عنصراً إرهابياً هاجمت 5 مكامن في قطاع تأمين شمال سيناء بالتزامن، وقامت القوات بالتعامل الفوري مع العناصر الإرهابية بوسائل النيران كافة، ما أسفر عن مقتل 22 إرهابياً وتدمير 3 عربات رباعية الدفع محملة بمدافع مضادة للطائرات، واستشهاد وإصابة 10 أبطال من رجال القوات المسلحة». وأشار إلى أن «قوات الجيش قامت بمطاردة العناصر الإرهابية وتمشيط المناطق المحيطة بالمكامن التي تمت مهاجمتها للقضاء على ما تبقى منهم». وفي بيان لاحق، أعلن الناطق العسكري «استهداف منطقة تجمع للعناصر الإرهابية وتدميرها بالكامل ما أسفر عن مقتل 17 إرهابياً»، لافتاً إلى «ارتفاع أعداد القتلى من العناصر الإرهابية وأعداد الشهداء من أبطال القوات المسلحة». ثم أشار في بيان ثالث إلى «متابعة أعمال المطاردة واستهداف العناصر الإرهابية المتورطة في الهجوم الإرهابي، فتم استهداف مركزي تجمع رئيسين للعناصر الإرهابية وتدميرهما بالكامل بإصابات مباشرة». وتبنى تنظيم «ولاية سيناء» الهجوم. وأشار في بيان إلى أن مسلحيه شنّوا هجوماً متزامناً على أكثر من 15 موقعاً عسكرياً وأمنياً شهد 3 عمليات انتحارية استهدفت نادي الضباط في العريش ومكمني «السدرة» و «أبو رفاعي» في الشيخ زويد. لكن مصادر في العريش نفت وقوع هجمات في المدينة. وقال التنظيم إن مسلحيه «اغتنموا» أسلحة من مواقع عسكرية. وأوضح التنظيم في بيان لاحق نشره عبر حسابه على موقع «تويتر» أن مسلحيه «حاصروا قسم شرطة الشيخ زويد» وفجروا آليتين للجيش قرب مكمنين على الطريق بين العريش والشيخ زويد. وقالت ل «الحياة» مصادر عسكرية إن «هجوماً منسقاً شنّه مئات المسلحين استهدف مكامن مدينة الشيخ زويد، وبدأ بسيارتين مفخختين اقتحمتا مكمنين أحدهما مكمن أبو رفاعي الذي لحق به أكبر قدر من الضرر، ثم حدث اشتباك بين المهاجمين والجنود، فيما كانت قوات الدعم تتعثر من جراء العبوات الناسفة التي زُرعت على طرقات عدة، منها طريق رابط بين معسكر للجيش ومركز المدينة، فضلاً عن الهجمات الصاروخية». وأوضحت أن «الاشتباكات استمرت ساعات، وشهدت للمرة الأولى إطلاق مضادات الطائرات من على متن سيارات رباعية الدفع صوب مروحيات أباتشي، ما دفع الجيش إلى الدفع بطائرات من طراز اف 16 في أعمال المطاردة، فيما اعتلى مسلحون بالقوة بنايات ومنازل لأهالي في الشيخ زويد، بعدما فخخوا محيط مقرات ومعسكرات أمنية». وأشارت إلى أن مدنيين على الأقل قتلهما مسلحون لرفضهما اعتلاء أسطح منازلهما في تلك المواجهة. وبحسب شهود عيان، سقطت قذائف في وسط مدينة الشيخ زويد أصابت إحداها منزلاً قُتل شخص واحد على الأقل من سكانه. وتعذر وصول سيارات الإسعاف إلى مدينة الشيخ زويد لبضع ساعات بعد بدء الاشتباكات، بسبب مصاحبة كاسحات الألغام لسيارات الإسعاف، بعدما اتضح تفخيخ مداخل المدنية بألغام أرضية لمنع وصول الإمدادات إلى القوات فيها. وكانت جماعة «ولاية سيناء» أصدرت بياناً قبل أيام حذرت فيه أهالي رفح والشيخ زويد من ألغام زرعتها على طرق فرعية. وانتشر مسلحون في شوارع عدة في الشيخ زويد، وأطلقوا النار في الهواء، وتجمعوا قرب قسم شرطة الشيخ زويد ومعسكر الزهور الأمني وحاولوا اقتحامهما، غير أن القوات أطلقت النار بكثافة صوب المسلحين. ودارت معركة عنيفة في محيط قسم شرطة الشيخ زويد الذي فخخه التنظيم لحصار القوات. وتجددت الاشتباكات مع قوات الجيش التي كثفت هجماتها لمطاردة الإرهابيين وقتلت أعداداً كبيرة منهم، في مواجهات استمرت ساعات. وشوهدت جثث مسلحين في المدينة، خصوصاً في جنوبها، حسب شهادات أهالي. وسُمع دوي انفجارات في أرجاء المدينة بين الحين والآخر. وأغلقت قوات الأمن الطريق الدولي بين العريش ورفح إثر الهجوم. وكانت ليلة أول من أمس شهدت تفجيرات عدة في القاهرة وضواحيها، إذ قُتل ثلاثة مسلحون في سيارة في ضاحية السادس من (أكتوبر) عند أطراف القاهرة قبل تفجيرها، ولقي أحد المارة حتفه جراء الانفجار. وأعلنت قوات الأمن قتل تسعة مسلحين في الحي نفسه أمس عندما اقتحمت وكرا كانوا يختبئون فيه، بعدما تلقت معلومات «أفادت بأنهم كانوا يخططون لشن هجوم». وقالت مصادر لوكالة «رويترز» إن بين القتلى النائب السابق عن جماعة «الإخوان المسلمين» المحامي ناصر الحافي، وان المجتمعين «بادروا بإطلاق النار على الشرطة التي ردت عليهم، ما أدى إلى سقوط تسعة قتلى». وجُرح شاب أثناء محاولته زرع عبوة ناسفة إلى جوار منشأة عسكرية في حي المعصرة (جنوبالقاهرة)، وتم توقيفه. وقُتل أمين شرطة (مساعد ضابط) من قوة حراسة متحف الشمع في حلوان (جنوبالقاهرة)، بعدما أطلق مسلحون مجهولون النار صوبه وفروا. وانفجرت عبوة ناسفة قرب كنيسة في المنطقة نفسها. وأطلق مسلحون النار صوب نقطة شرطة في حي سيدي بشر في الإسكندرية من دون خسائر بشرية.