تتزين مدينة جدة في شهر رمضان المبارك ب «الفوانيس» و«الأهلة» المضيئة و«التيازير» الملونة التي تتشرع بها الأبواب والأسوار وسفرة الأكل، بل دخلت حتى في تشكيلة الأواني المنزلية كالترامس والأكواب، لإعلان روحانية الشهر بدخول «إكسسوارات» نزحت إلى الحجاز من عادات وثقافات أخرى. ويتربع الفانوس على عرش المشتريات الرمضانية، الزاحف من التراث المصري إلى الحجاز تحديداً في السعودية، إذ يعيد مالك أحد مصانع الفوانيس في مصر وصاحب محل بيع فوانيس في جدة مصطفى عبدالعاطي، دخول الفانوس إلى الحجاز بفعل الانتقال والحج وزيارة المصريين إلى المسجد الحرام عبر ميناء جدة في الشهر الكريم. وأصبحت تلك عادة لدى المصريين منذ عهد الخليفة الفاطمي الذي كان يخرج إلى الشوارع «ليلة الرؤية» ليستطلع هلال شهر رمضان، ويخرج معه الأطفال ليضيئوا له الطريق، وكان كل طفل يحمل فانوسه ليغني مع رفاقه بعض الأغاني الجميلة، تعبيراً عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان. وأشار عبدالعاطي إلى أن جدة تستورد حالياً النصيب الأكبر من الفوانيس بعد أن كانت فلسطين وسورية تحتلان المركز الأول، ولكن الظروف السياسية جعلت أكبر منطقة بعد مصر حالياً في استخدام الفوانيس هي جدة ومكة والمدينة. وعلى رغم أن صناعة الفوانيس موسمية، إلا أنها مستمرة طوال العام، إذ يتفنن صناعها في ابتكار أشكال ونماذج مختلفة، وتخزينها ليتم عرضها للبيع في رمضان الذي يعتبر موسم رواج هذه الصناعة. وأضاف: «أن صناعة الفانوس تتطور عبر الأزمان بنفس شكله التقليدي الخارجي حتى ظهر أخيراً الفانوس الكهربائي الذي يعتمد في إضاءته على البطارية واللمبة بدلاً من الشمعة قديماً، وبدأ الشكل الخارجي بالتعدد بالأحجام والتنوع بالأشكال الخارجية، وتختلف الأسماء بحسب الشكل الخارجي، إذ يشتهر فانوس «البرلمان»، الذي سمي بهذا الاسم نسبة لتشابه مع فانوس كان معلقاً في قاعة البرلمان المصري في الثلاثينيات أو نسبة إلى شخص معين كفانوس «فاروق»، الذي اشتهر بهذا الاسم نتيجة لتصميمه في احتفال القصر الملكي بعيد ميلاد الملك فاروق». واشتهرت بعض الأسماء من الفوانيس المصرية فهنالك عبدالعزيز، أبو شرف، أبو عرق، أبو الموز، أبو حشوة، المسدس، الصاروخ، الدبابة وشقة البطيخ. ولكن أشهر تلك الفوانيس هو فانوس «أبو ولاد»، وهو أكبر الفوانيس التي تصنع في رمضان على هيئة شكل رباعي، ويطلق عليه هذا الاسم لوجود أربعة فوانيس صغيرة تعتمد على زواياه الأربعة وكل واحد منها يمثل أحد أولاد الفانوس الكبير. ويستخدم هذا الفانوس كوسيلة لتزيين المحال التجارية نظراً لكبر حجمه، ويضاء في وقتنا الحالي بمصابيح كهربائية بدلاً من الشموع قديماً. وتتزين واجهة محال ومطاعم وفنادق جدة بالفوانيس في كل عام تحديداً في نهاية شهر شعبان، استعداداً لاستقبال شهر رمضان المبارك.