نُفّذت دراسة عالمية، بالتعاون مع منظمة «يونيسف»، شملت 2200 زوج وزوجة من أوساط اجتماعية مختلفة، بغية معرفة مدى تقاسم الزوجين أعباء العيش والعائلة بينهما. وخلصت إلى أن إنجاب طفل او أكثر «يخل بمبدأ المشاركة بين الزوجين وقد يفضي إلى انفصالهما». وتحددت في الدراسة سبعة أنواع من المشاركة، هي تحضير الطعام وغسل الثياب وكيّها والتسوق وتنظيف المنزل وإدارة النفقات المالية وتنظيم العلاقة الاجتماعية. ولفتت الدراسة إلى أن 90 في المئة من الأزواج، ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة، يؤكدون فقدان التعاون في ما بينهم، في معظم الشؤون المنزلية والعائلية، وأن 80 في المئة من الزوجات يتولين أعمال التدبير المنزلي، من تنظيف وترتيب الأسرّة ومسح الغبار وتوضيب القمامة وجلي الصحون وغسيل وكي وغير ذلك. وهناك 70 في المئة منهن يحضّرن الطعام و60 في المئة يقررن نمط العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء او الأقارب او الأهل، او يحددن تبادل الزيارات العائلية وقضاء العطل الأسبوعية والإجازات. وتشير الدراسة إلى أن قواعد «اللعبة الزوجية» تبدأ بالتعقيد «مع مجيء المولود الأول» اذ تقوم النساء بأكثر من 77 في المئة من الأعمال المنزلية. كما يتخلين قسراً، بسبب الأمومة، عن الوظائف التي كن يشغلنها بنحو 72 في المئة. وإذا ازداد عدد المواليد، تزداد أعباء المرأة بنسبة 51 في المئة، للاعتناء بالمولود الثاني و58 في المئة للثالث. وتقارن الدراسة حالة عدم الرضا بين هؤلاء الأمهات التي تصل الى 50 في المئة لدى من لديهن ثلاثة أطفال، وإلى 40 في المئة لطفلين، وإلى 30 للطفل الوحيد، مع العلم ان ازواجهن لا يحفلون بالأمر أو لا يتأثرون أو يبدون اي اعتراض. وعلى ضوء هذه الأرقام الإحصائية التي تصفها الدراسة ب «المثيرة والمقلقة» تتوصل إلى عدد من الاستنتاجات والاحتمالات، أهمها: - إصابة المرأة بالاضطراب النفسي إذ كلما أنجبت طفلاً ازدادت معاناتها وتضاعفت مسؤولياتها المنزلية والعائلية والتربوية. وقد تصاب ايضاً بالإحباط، نتيجة فقدانها العمل، من جهة، والاعتماد على دخل زوجها الذي يعجز عن تغطية نفقات المعيشة اليومية، من جهة أخرى. - انعدام التوازن في تقاسم الأعباء بين الزوجين، ما قد يجعل حياتهما متوترة، وعرضة لخلافات متواصلة تفضي أحياناً الى الانفصال او الطلاق. - انتهاك مبدأ المساواة الذي تكفله الدساتير والقوانين وشرعة حقوق الإنسان العالمية لجهة التمييز بين المرأة والرجل، والتمسك بنزعته الذكورية واعتباره ان المرأة خلقت للعناية بالأطفال وتدبير الشؤون المنزلية. وهي بهذا المعنى، كما تقول الدراسة، أقرب الى «مواطنة من الدرجة الثانية داخل الأسرة الواحدة». وعلى رغم هذه الصورة القاتمة للأم، تنوه الدراسة بوعي شريحة من النساء المستطلَعات وتبدي إعجابها بمواقفهن الإيجابية من أزواجهن، فبعضهن يرى أن طبيعة المرأة الأنثوية وتكوينها البيولوجي والنفسي، يحتمان عليها تحمل القدر الأكبر من مسؤولية الأمومة وواجب التضحية، حفاظاً على تماسك العائلة واستقرارها، لا سيما اذا أبدت المرأة تفهماً لظروف زوجها الذي ينهمك بمتابعة دراسته الجامعية او يعمل بدوامين أو يقيم في بلد آخر.