دخلت عملية استقدام العاملات المنزليات من بنغلاديش مرحلة من الغموض، بعد أسابيع قليلة من فتح باب الاستقدام للعمالة المنزلية، من الذكور والإناث، إذ أصيب عدد من أصحاب مكاتب الاستقدام الذين سارعوا بالسفر إلى بنغلاديش، حاملين معهم آلاف التأشيرات بالإحباط، بعد أن فوجئوا بأعداد بسيطة تقدمت للعمل في المملكة من الإناث البنغاليات قدرت بأقل من 5000 طالبة عمل، في مقابل 500 ألف تأشيرة تم السماح بها. وقال حمد البيشان صاحب مكتب استقدام ل«الحياة»، إنه عاد من بنغلاديش وتسيطر عليه الشكوك حول رغبة البنغاليين بتوفير العمالة النسائية، إذ اشترطت وزارة العمل السعودية توفير عمالة نسائية بما لا يقل عن 500 ألف عاملة، إلا أن عدد المتقدمات فعلاً لا يتجاوز 3000 في بادئ الأمر، ليزداد إلى 5000 فقط، ويشمل كل المهن بما فيها الطبية، أي قرابة واحد في المئة من العدد الإجمالي المتوقع. وأضاف أن بنغلاديش تهدف إلى تشغيل العمالة الرجالية، وليس لديهم الرغبة الجادة بتصدير عمالة نسائية، ولكن تم إجبارهم على هذا الأمر لفتح الباب أمام عمالتهم الرجالية، مضيفاً: «عندما سارعنا بالسفر إلى بنغلاديش فوجئنا بأعداد بسيطة وقليلة وبمهن مختلفة أيضاً، ونحن نؤيد إيقاف العمالة الرجالية حتى تلتزم بالقرار الذي صدر أخيراً بالالتزام بتقديم مكاتب العمالة في دول الإرسال ما لا يقل عن 25 في المئة من نسبة العمالة المقررة من النساء، ونحن الآن بحاجة أكثر إلى العاملات أكثر وبعد الاكتفاء نذهب للعمالة الرجالية». وأوضح أنه من خلال وجوده في دكا لمس أن حكومة بنغلاديش تراجع مواقفها بعد أن وقعت مع دول شرق آسيوية أخرى لإرسال العمالة الرجالية والنسائية وبرواتب أعلى من المتفق عليها مع السعودية، مضيفاً: «بنغلاديش وقعت مع ماليزيا لإرسال العمالة إليها، وهناك أمور عدة ليست واضحة بالنسبة إلينا». ورأى البيشان أن «أصحاب مكاتب الاستقدام في دول الإرسال ليسوا متفائلين بدوام العمل مع السوق السعودية لأسباب داخلية وخارجية»، موضحاً أن «أصحاب المكاتب يتوقعون أن يتوقف إرسال العمالة النسائية خلال 6 شهور، وقالوا لنا بصراحة أن الوضع بالنسبة للعمالة النسائية حساس في بنغلاديش ويخضع لنظام قبلي ولو حصلت أية مشكلة للعمالة فسيتجمهر أقرباؤها عند المكاتب وسيشتكون للشرطة ما يعني في النظام البنغلاديشي إغلاق المكتب وحجز صاحبه لحين حل قضية العاملة». وتابع: «صدرت حتى الآن أكثر من 100 ألف تأشيرة لعاملات منزليات من بنغلاديش و50 ألف تأشيرة أخرى للشركات، وأمام عدم تقدم سوى 5آلاف عاملة، ستظل بنغلاديش حلاً غير مجدٍ، خصوصاً مع عجز معسكرات التدريب هناك عن استقبال سوى 3700 عاملة شهرياً». وكشف أن الوضع الراهن خلق أرضية جيدة للسمسرة ورفع الأسعار لمن يرغب بالدفع أكثر، مضيفاً: «أول من أمس كان سعر عقد العاملة من المكاتب هناك حوالى 1700 دولار وارتفع أمس إلى 2000 دولار، ومن المهم أن تتولى الوزارة عملية مراقبة الأسعار وإعلان الأسعار المتفق عليها، ثم تكون مسؤولة عنها في حال عدم التزام المكاتب هناك بها حتى لا يتحمل مكتب الاستقدام السعودي غرامات ونرفع لوزارة العمل المستندات لتعفينا من تحمل أي تبعات، وإلا بهذه الطريقة سنتحول جميعنا كمستثمرين إلى السجون بسبب الإفلاس والديون». وأكد ضرورة فتح باب التأمين على العاملات المنزليات في حال رفضها العمل أو الهرب، خصوصاً أن كثيراً من العملاء لديهم الرغبة بإجراء التأمين، مضيفاً: «ما يرهقنا الآن هو المسؤولية الملقاة علينا والعقوبات التي قد تطاولنا وإيقاف أعمالنا في دول الإرسال في حال تعرضت العمالة لمشكلة، على رغم أننا وسطاء ولا نتحمل تبعات ما تفعله بعض الأسر التي تستخدم أساليب تعسفية مع العمالة». بدوره، أوضح المستثمر عبدالله الغملاس أنه فوجئ كذلك في زيارته لبنغلاديش بضعف الطلب من العاملات البنغاليات، مؤكداً أن مكاتب الوساطة هناك والسماسرة يقومون بالتلاعب، معتبراً أن الحل يكمن في أن تكون عملية عرض العاملات في «مساند» مقننة بحيث لا يتم العرض من أي مكتب في بنغلاديش إلا لوكلائه في السعودية. وأكد الغملاس أنه تابع آخر البيانات المحدثة عبر «مساند»، وكان هناك بيانات لعدد قليل من العاملات لا يتجاوز بضعة آلاف، ولم يتم التنفيذ عليها بعد. وزار أخيراً وفد برئاسة وكيل وزارة العمل للشؤون الدولية أحمد الفهيد كلاً من بنغلاديش والهند، وتم الاجتماع مع كل الأطراف ذات العلاقة بالعمالة المنزلية النسائية للوقوف على أسباب تأخير الإرسال، والتقى الوفد بممثلي الحكومات والجهات الرسمية ذات العلاقة بالعمل والقوى البشرية والمغتربين. الاستقدام من الفيليبين في 60 يوماً مستحيل أشار المستثمر حمد البيشان إلى أن أحد أفضل الحلول والواجب العمل عليها بشكل عاجل عليها تتمثل في تذليل الصعوبات والإشكالات لاستقدام العمالة الفيليبينية كونها الأكثر موثوقية، والتفاهم معهم مع تأخير استقبال العقود من المكاتب الفيليبينية (البولو) في السعودية، إذ لا يستقبلون من كل مكتب استقدام سوى 5 عقود بالرياض وفي جدة 7 عقود أسبوعياً. وأضاف: «لدينا الآن عقود تحتاج إلى أكثر من 6 أشهر حتى يستقبلها مكتب البولو، كما أن إنهاء الإجراءات بين المكتب والسفارة يحتاج لقرابة 6 أسابيع عمل وفي الفيليبين قرابة شهر ونصف، إضافة إلى أن المكتب لم يعد استقبال عقود منذ ثلاثة أسابيع فكيف سنلتزم بالمدة المقررة مع هذه الأوضاع، ولا نستبعد أن يكون هناك تلاعباً بالعقود بعد إنهاء الإجراءات وبيع عقد العاملة بسعر أعلى لأطراف أخرى». وقال أحد المستثمرين المقيم ومالك مكتب للاستقدام في الفيليبين ل«الحياة»، إن أوضاع الاستقدام للسعودية سيئة للغاية، وتغيب كثير من التفاصيل بسبب عدم تسليط الضوء على ما يحدث في الدول المصدرة للعمالة. وأضاف المستثمر (فضل عدم ذكر اسمه): «العمالة المنزلية في الفيليبين لا تريد العمل في السعودية لأسباب تخصهم بعضها مادي وبعضها الآخر اجتماعي»، مؤكداً أن ما كان يحدث في الفترة الماضية عبارة عن دخول «تجار شنطة» في خط المفاوضات مع الدول بإبدائهم لآراء مغلوطة وتشويشهم بتلك الآراء على المفاوض الحكومي. وأشار المستثمر إلى أن القضية تعتبر سياسية واقتصادية وعلى قدر كبير من الأهمية لكثير من الدول كون تصدير العمالة يعتبر من أهم مداخيلها الرئيسة، فلذلك يولون المفاوضات مع الدول المستقطبة أولوية وأهمية كبرى ويحملون تصوراً واضحاً عما يريدون من دخل وحماية لعمالتهم وشروط، فيما يفتقر المفاوض من السعودية للقوة التي يرتكز عليها، وهي حاجة تلك الدولة وليس العكس. يذكر أن مكتب البولو الفيليبيني بالرياض أغلق أبوابه أمام المراجعين ووضع لافتات تبين أن الإغلاق أتى بأوامر من أمانة مدينة الرياض وتعليمات من وزارة الخارجية السعودية لنقل المكتب إلى شارع تجاري بعيداً عن الأحياء السكنية. وتم فصل المياه والكهرباء عن موقع المكتب مطلع الشهر الجاري، ما دعا المكتب للإعلان عن إيقاف تصديق العقود واستقبال الطلبات لحين النقل للمكتب الجديد.