يواصل المهرجان الدولي للفيلم بمدينة مراكش تألقه من سنة لأخرى، حيث استطاع منذ بزوغ نجمه أن يصبح أحد المهرجانات السينمائية الكبرى في العالم. ومن ثمَّ موعداً سينمائياً يحرص الكثيرون من السينمائيين سواء المغاربة أو العرب أو الأجانب على متابعة أشغاله والأفلام التي يقدمها. هكذا نجد أن اللجنة المنظمة له وككل سنة تحرص على تحديد برنامجه بدقة. وهو أمر إيجابي لأنه يقدم صورة عن الأجواء التي سيقدم فيها المهرجان وسينما البلد التي سيتم تكريمها فيه وأسماء المحتفى بهم، وما إلى ذلك من أمور تنظيمية وفنية. ومن ثم لم يكن غريباً أن يرأس لجنة التحكيم هذا العام المخرج الإيراني الكبير عباس كياروستامي الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان «كان» 1997 وعلى الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان البندقية. هذا المخرج السينمائي الذي قدم مجموعة من الأفلام القوية ابتداء من فيلمه الروائي الطويل «المسافر» ومروراً بكل من أفلامه: «بين أشجار الزيتون» و «طعم الكرز» و «ستعصف بنا الرياح» و «صورة طبق الأصل» وغيرها. كما يتم الاحتفاء في هذه الدورة بالسينما الكورية التي بلغت مئة سنة من عمرها والتي تعرف حضوراً قوياً ضمن باقي سينمات العالم، واستطاعت أن تقدم مخرجين وكتّاب سيناريو معروفين على المستوى العالمي كما هو الشأن مع كل من إيم كوون تايك وبارك شان ووك وكيم كي دوك وكيم جي وون وبونغ جون هو وإيم سانغ سو وهونغ سانغ سو ولي شانغ دونغ وغيرهم. والاحتفاء بهذه السينما في هذه الدورة يأتي على عادة المهرجان في تقديم سينمات العالم والاحتفاء بها، إذ سبق له الاحتفاء بسينمات أخرى في الدورات السابقة مثل السينما المغربية والإسبانية والإيطالية والمصرية والبريطانية. وهي عملية ايجابية، إذ إنها تسلط الأضواء على السينمات العالمية في مختلف تجلياتها الإنسانية وتساهم بالتالي في دعم مبدأ حوار الحضارات في أقوى مظاهره، ذلك أن السينما هي مرآة الشعوب في العصر الحالي، عصر الصورة بامتياز. كما تم الإعلان أيضاً عن الوجوه السينمائية البارزة التي ستكرم في هذه الدورة وهي: السير بن كنغسلي، وسعيد التغماوي، وأمير كوستوريتسا، وكريستوفر والكن. هذه الأسماء التي قدمت للفن السابع ألقاً كبيراً وساهمت في عملية إشعاعه وامتداده. فالسير بن كنغلسي قدّم أدواراً كبيرة في مقدمها تشخيصه القوي لدور الماهاتما غاندي في فيلم «غاندي» الذي أبدعه المخرج ريتشارد أتينبوروغ، والذي حصل من خلاله على جوائز عدة تأتي في مقدمها جائزة الأوسكار. كما قدم الممثل المغربي سعيد التغماوي في المجال السينمائي العالمي مجموعة من الأدوار القوية ووقف أمام أشهر الممثلين، كما هو الشأن مثلاً في فيلم «مراكش إكسبريس» للمخرج غيليس ماكينون حيث جسد دور البطولة أمام الممثلة كيت وينسليت، نجمة فيلم «تايتانيك»، كما مثل إلى جانب النجم الأميركي جورج كلوني ومارك والبرغ في فيلم «لي روا دو ديزير» للمخرج دافيد أو. راسل، و شارك في فيلم «لاست مينوت كاصبا» للمخرج مايكل فينين، كما قدم دوراً بارزاً في فيلم «علي زاوا» للمخرج المغربي نبيل عيوش، إضافة إلى مشاركاته في مجموعة من الأفلام الفرنسية والايطالية والأميركية وغيرها. أما المخرج أمير كوستوريتسا، فقد قدم للسينما مجموعة من بينها «هل تذكر دولي بيل؟» الحائز على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام 1981، و «أبي في رحلة عمل»، الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان «كان» عام 1985 وغيرها. أما الممثل الأميركي كريستوفر والكن فقد حاز من خلال دوره في فيلم «رحلة الى حافة الجحيم» الذي أخرجه مايكل سيمينو عام 1971، والذي جسد فيه شخصية جندي، على جائزة الأوسكار لأحسن دور ثان، وجائزة لجنة التحكيم في مدينة نيويورك، كما شارك في مجموعة من الأفلام القوية إلى جانب نجوم هوليوود المعروفين مثل جوليا روبرتس، وكاترين زيتا جونز في فيلم «زوج من النجمات» للمخرج جوو روث، كما مثل إلى جانب النجم ليوناردو ديكابريو في فيلم «إقبض علي إن استطعت» لستيفن سبيلبرغ والنجمين ميشال بفايفر وجون ترافولتا في «هيرسبراي» لآدم شانكمان. هكذا يكون المهرجان الدولي للفيلم في مراكش قد استعد لتنظيم دورته التاسعة بكثير من الاحترافية. ذلك أن هذا المهرجان السينمائي المغربي يقدم صورة قوية للسينما في بعدها الإنساني المنفتح على مختلف سينمات العالم والحريص على تقديمها بكثير من الألق حتى تستطيع أن تستفيد من بعضها البعض وتتوهج أكثر.