مجدداً التقى صانعو السيارات تحت سقف واحد، وهذه المرة على أرض محايدة، في جنيف السويسرية بهدف عرض أحدث ما أنتجته المصانع في العالم. ولمعرض جنيف نكهة خاصة تدفع الصانعين جميعهم الى التهافت على المشاركة أمام مئات الآلاف من الزوار الذين تابعوا دورة هذا العام التي افتتحت أبوابها في الخامس من الجاري وتختتم غداً، حيث أزيحت الستارة عن معروضات وإطلاقات أولية حصرية، سواء في حلة تجارية أو اختبارية. من السهل أن تلاحظ خلال تجوالك بين أروقة المعرض السويسري في نسخته ال85 ومنصاته، هيمنة العروض الترفيهية الرياضية متعددة الاستخدامات SUV من الحجم المُدمج، وتلك الرياضية بامتياز ذات المحركات القوية والهيئة مفتولة العضلات التي تستهدف الفئة الثرية من الزبائن خصوصاً. في المقابل وعلى عكس السنوات السابقة، انحسر تواجد العروض الكهربائية بالكامل وتلك الهجينة في شكل كبير، والفضل في ذلك يعود إلى أسعار الوقود المنخفضة ومدى المسافة المقطوعة المحدود للبطاريات الكهربائية. وبرأي خبراء ومحللين ورأيي الشخصي، أولى المعرض في دورته الحالية اهتماماً أكبر للسيارات التجارية الحقيقية، عوضاً عن محاولة إبراز تقنيات مستقبلية متطورة معقدة، لاسيما أن الصانعين، في مجملهم، يحاولون تعزيز نسب مبيعاتهم تزامناً مع التعافي البطيء للسوق الأوروبية من أزمة الديون التي عصفت باقتصادها في السنوات الأخيرة. وفي السياق ذاته، ارتفعت معدّلات تسجيل السيارات الجديدة في 28 دولة أوروبية بنسبة 5،6 في المئة العام الماضي، لتصل إلى 12،5 مليون وحدة، وإن كانت تلك المعدلات بعيدة في شكل كبير عن المعدلات القياسية لعام 2007 التي بلغت 16 مليون وحدة جديدة، علماً أن معدلات البطالة المرتفعة والنمو الضعيف لا يزالان يقيّدان صناعة السيارات، على رغم ارتفاع المبيعات للشهر ال 17 توالياً في «القارة العجوز». لكن من الضروري التأكيد أن الأزمة التي شهدناها في السنوات الماضية، بدأت تبعد شبحها عن الأسواق ولو ببطء. أين الأزمة؟ وفي الوقت الذي تتجه فيه روسيا نحو كساد اقتصادي وركود مبيعي كبير، بعد انخفاض قيمة العملة المحلية أي «الروبل» نتيجة العقوبات المفروضة عليها بسبب الأزمة الأوكرانية، سجل الاقتصاد الأميركي ونظيره الصيني معدلات نمو كبيرة، مع تزايد الطلب على السيارات الرياضية والنخبوية المترفة هناك. من هذا المنطلق، جاءت دورة هذا العام من معرض جنيف متخمة بالعروض النخبوية وتلك الرياضية باهظة الثمن؛ حيث عرضت آودي مثلاً نسخة جديدة من طرازها R8 مع محرّك من 10 أسطوانات يولّد 610 أحصنة بمبلغ 165 ألف يورو للفئة القياسية. أما ماكلارين الإنكليزية، فقدّمت بدورها موديل 675LT الذي ينطلق من السكون إلى سرعة 100 كلم/س في غضون 2،9 ثانية فقط، مع تسجيل سرعة قصوى مقدارها 330 كلم/س، بفضل محرّكها الذي يولّد 666 حصاناً، وبسعر يبدأ من 345 ألف دولار. وبالمثل، قدّمت فيراري موديلها 488 GTB المزوّد بمحرك ثماني الأسطوانات، في حين أزاحت دايملر- بنز الستار عن الموديل مايباخ بولمان الذي يُعد نسخة ليموزين ممتدة قاعدة العجلات من الفئة S التقليدية بسعر يبدأ من 500 ألف يورو. «سيدات» الساحة يمكن القول إن العروض الترفيهية الرياضية متعددة الاستخدامات SUV من الحجم المُدمج، وتلك الكروسوفر صغيرة الحجم، تزايد الطلب عليها أخيراً في أسواق عدة حول العالم. ولذلك، قدّم بعض الصانعين موديلات في تلك الفئة متزايدة النمو باستمرار، إذ عرضت رينو موديلها كادجار الكروسوفر مع إمكان الاختيار بين نظام الدفع الأمامي أو الرباعي، في حين قدّمت هوندا موديلها HR - V. أما إنفينيتي، فكشفت بدورها عن نموذج تصوّري يحمل إسم QX30 مع لمسات من ألياف الكربون وعجلات ضخمة قياس 21 بوصة. وبخلاف الدورات السابقة من المعرض السويسري الذي طالما اهتم بالشق البيئي في دوراته السابقة، زينت بعض العروض المحدودة من فئة السيارات الكهربائية وتلك الهجينة، منصات عرض صانعيها، أبرزها النسخة الهجين المزوّدة بشاحن من مرسيدس- بنز الفئة C السيدان. يذكر أن 75331 سيارة كهربائية وهجين بيعت خلال العام الماضي في الأسواق الأوروبية، ولكن تتبقى مسائل عالقة بتلك الفئات منها المدى المحدود وسعرها المرتفع، ما يحول دون زيادة الطلب عليها بدرجة كبيرة. لكن، يتوقع خبراء أن يُبتّ قريباً في تلك النقاط السلبية المتعلقة بالسيارات الكهربائية والهجين؛ حيث تزايد مدى المسافة المقطوعة لتلك العروض من 150 كلم لتصل حالياً إلى 400 و500 كلم، فضلاً عن زيادة عدد محطات الشحن الكهربائي المخصصة لها ونقاطها في المدن. وعند الحديث عن أبرز العروض التي أطلقت للمرة الأولى هذا العام في جنيف، فلا يمكن إغفال أستون مارتن فولكان، وكوينيغسيغ ريغيرا، وسكودا سوبيرب، وهوندا سيفيك تايب R، ولامبورغيني أفينتادور SV، وبوغاتي فايرون لافينال، وغيرها من الإطلاقات الحصرية الأخرى.