ناقش المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن مع شريكي الحكم في البلاد، حزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، أمس، القضايا العالقة في اتفاق السلام وترتيبات إجراء الانتخابات وتسريع عملية السلام في دارفور. ومُنع الصحافيون من الاقتراب من مقر محادثات غرايشن مع وفدي طرفي اتفاق السلام اللذين ضربا سياجاً من السرية على نتائج اللقاء الذي ركّز على القضايا العالقة في اتفاق السلام وإمكان تجاوز الخلافات، بخاصة ما يتّصل بالتحول الديموقراطي والقوانين المرتبطة به من أجل انجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة العام المقبل، وتنفيذ قرار هيئة التحكيم الدولية في شأن النزاع على منطقة أبيي الغنية بالنفط، بجانب خطوات الاستفتاء على تقرير مصير جنوب البلاد. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن غرايشن مستاء من عدم تجاوب طرفي الحكم مع مقترحات طرحها على الطرفين لتسوية القضايا العالقة، خصوصاً مسألة الخلاف على نتائج التعداد السكاني واجراء انتخابات تنفيذية تشمل الرئاسة ورئيس حكومة الجنوب وحكّام الولايات وارجاء الانتخابات البرلمانية. ويعتقد المسؤول الاميركي أن التباطؤ في اقرار القوانين المتصلة بالتحوّل الديموقراطي سيضر بصدقية الخرطوم في اجراء انتخابات حرة ونزيهة ويسمم الأجواء السياسية في البلاد. وأضافت المصادر ذاتها أن حزب «المؤتمر الوطني» لا يريد تقديم تنازلات من دون الحصول على التزامات أميركية قوية بمراجعة العقوبات المفروضة على البلاد منذ 12 عاماً، واستكمال التطبيع علاقات بين الخرطومواشنطن، ورفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية الإرهاب. وألغى غرايشن لقاء مع عدد محدود من الصحافيين كان مقرراً ليل أمس بسبب قرب موقع اللقاء من استاد المريخ الذي تجري فيه مباراة مصر والجزائر. وسيتوجه الموفد الرئاسي الأميركي اليوم إلى مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان لتفقد مراكز تسجيل الناخبين للانتخابات، ويزور في اليوم ذاته منطقة أبيي، قبل أن ينتقل غداً إلى ولاية شمال دارفور للوقوف ميدانياً على الأوضاع هناك، ويطير إلى منطقة جبل مرة للقاء قيادات متمردين في إطار مساعيه لتوحيد فصائل التمرد، وسيعود إلى الخرطوم السبت المقبل ويستأنف لقاءاته مع قيادات أحزاب المعارضة السودانية وسُفراء الاتحاد الأوروبي الراعين لاتفاق السلام ويختتم زيارته الإثنين المقبل. وفي سياق متصل، اتهم رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت حكومة الخرطوم بأنها لا تعمل في اتجاه تكريس وحدة شمال البلاد مع جنوبها، وأشار في تصريحات إلى الصحافيين عقب لقائه الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في بروكسيل ليل الثلثاء - الأربعاء، إلى أن حكومة إقليمالجنوب بذلت الكثير من الجهد للتوجه نحو الإبقاء على السودان موحداً. وأضاف سلفاكير أن محادثاته مع سولانا ركّزت على الدعم الأوروبي في تطبيق ما تبقى من اتفاق السلام الشامل وكذلك على آفاق الاستفتاء، مؤكداً أنّه يدعم التوجه نحو الوحدة «لكن الأمر يبقى بيد شعب الجنوب». ورداً على سؤال حول الرأي الأوروبي في مسألة انفصال الجنوب، أشار سلفاكير إلى تباين الآراء في أوروبا في هذا الشأن، وقال إنهم سيعملون في اتجاه الوحدة، ولكن في حال اختار شعب الجنوب الانفصال فسيدعمون هذا الخيار، مشدداً على أنه لم يحصل على أي التزام أوروبي واضح حول أي من المواضيع المطروحة، لافتاً إلى إنه طالب الأوروبيين بمزيد من الدعم الإنساني للسودان. وسينتقل سلفاكير من بروكسيل إلى باريس اليوم لاجراء محادثات مع المسؤولين الفرنسيين. كما يُنتظر أن يلتقي زعيم «حركة تحرير السودان» المتمردة في دارفور عبدالواحد محمد نور الذي يقيم هناك لمناقشة عملية السلام في الإقليم. إلى ذلك، أكد المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الوطني إبراهيم غندور أن الحوار بين حزبه وأحزاب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي والاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني والشيوعي بزعامة محمد إبراهيم نقد، توصل إلى تفاهمات مشتركة في شأن الخلافات على القوانين المرتبطة بالتحول الديموقراطي، بيد انه لم يفصح عن تلك التفاهمات. ووصف غندور في تصريحات صحافية أمس الخلافات بين شريكي الحكم حول عدد من القوانين بأنها محدودة، ورهن تجاوزها بصدق النيات وتوافر الارادة السياسية، وتوقع عودة نواب «الحركة الشعبية» إلى البرلمان عقب عطلة عيد الأضحى. وأعلنت مفوضية الانتخابات في السودان أنها تدرس إمكان تمديد مرحلة التسجيل الانتخابي بعد تلقيها شكاوى متلاحقة من الأحزاب بعدم تعميم مراكز التسجيل على بعض المناطق. وفي دارفور أوقع تجدد الاشتباكات بين قبيلتي الرزيقات والهبانية العربيتين ستة قتلى في محافظة برام في ولاية جنوب دارفور. وشهد لقاء جمع حاكم الولاية علي محمود وزعماء قبليين في برام مشادات وتوتراً دفع بأعيان من قبيلة الهبانية إلى مغادرة موقع الاجتماع قبل العودة مجدداً والاتفاق على حلول. وأوضحت مصادر حكومية أن الاشتباكات تجددت بين الطرفين بسبب احتكاكات وقعت بين مزارعين ورعاة في منطقة فلسطين قرب برام، بعد أن دخلت أبقار الرزيقات الى مزارع الهبانية، وتطور الأمر الى مقتل أحد رعاة الأخيرة على أيدي الرزيقات، ليعقب ذلك وقوع اشتباكات ما أدى الى مقتل أربعة أشخاص من الهبانية وآخر من الرزيقات. وقال رئيس شورى قبيلة الهبانية الحاج عوض إن الجانبين إلتزما الإتفاق ونبذ الإقتتال.