الناصرة - أ ف ب - وسط الغبار، ينهمك عمال قرب جبل القفزة في الناصرة في التحضير لزيارة البابا بنديكتوس السادس عشر إلى الأراضي المقدسة، في رحلة تعول عليها إسرائيل لإنعاش السياحة وتحسين صورتها التي شوهتها الحرب على قطاع غزة. ورصدت الدولة العبرية نحو عشرة ملايين دولار لتحضيرات هذه الزيارة البابوية التي تبدأ في 11 أيار (مايو) وتستمر أربعة أيام. وهي تأمل في أن تشجع الزيارة على توافد أعداد أكبر من السياح الذين بلغ عددهم العام الماضي ثلاثة ملايين، وهو رقم قياسي، ثلثهم من الحجاج. ويؤكد مساعد المدير العام لوزارة السياحة الإسرائيلية رافايل بن هور أن «الحكومة استثمرت كثيراً من الوقت والمال من أجل إنجاح هذه الزيارة». وأضاف ايشاي سوكر من «الصندوق الوطني اليهودي»، وهو منظمة شبه حكومية تمول المشروع بالاشتراك مع السلطات المحلية والوطنية: «نعمل على قدم وساق للانتهاء (من التحضيرات) في الوقت المناسب». وتأمل السلطات الإسرائيلية أيضاً في تحسين صورتها على الساحة الدولية بعد أن تضررت إثر الحرب التي شنتها على قطاع غزة نهاية العام الماضي وأسفرت عن سقوط أكثر من 1300 قتيل فلسطيني، جلهم من المدنيين وبينهم أطفال ونساء. وقال المسؤول عن التسويق في وزارة السياحة تسفي لوتان: «نريد أن تكون قداديس البابا في القدس والناصرة الأنجح في العالم». ويجري العمل على قدم وساق في الناصرة في الجليل لبناء مدرج يتسع لنحو 40 ألف شخص عند منحدر تلة، ليكون جاهزاً ليحيي الحبر الأعظم قداساً في الهواء الطلق على جبل القفزة حيث حاول حشد غاضب، وفق الاعتقاد المسيحي، دفع المسيح إلى الهاوية. ويعتبر المسيحيون في إسرائيل، وغالبيتهم من العرب، ويمثلون 2 في المئة من عدد السكان البالغ سبعة ملايين، زيارة البابا دعماً لهم. وقال كاهن ابرشية رينة القريبة من الناصرة الأب إلياس عودة: «نعتبر أن زيارة قداسته دعم كبير لنا». لكن لن تمر الزيارة من دون إثارة توترات، «فالعديد من الأشخاص بمن فيهم داخل الاكليروس، لم يتحمسوا للتوقيت الذي اختير للزيارة» بعد أشهر قليلة من الهجوم على غزة، بحسب عودة. وفي الجانب الاسرائيلي حيث يتم الاستعداد لمد السجاد الأحمر للبابا، لن تمحي هذه الزيارة من الأذهان الجدل الذي أثاره القرار البابوي برفع الحرم الكنسي عن الأسقف المتشدد الذي أنكر المحرقة ريتشارد وليامسون، ولا رغبة بنديكتوس السادس عشر في تطويب بيوس الثاني عشر. وبحسب سفير الفاتيكان في إسرائيل أنطونيو فرانكو، فإن البابا سيتوجه إلى «ياد فاشيم» النصب التذكاري للمحرقة، لكنه سيتجنب متحفه حيث تعرض صورة مع تعليق يتهم بيوس الثاني عشر بأنه لزم الصمت حيال إبادة ستة ملايين يهودي على أيدي النازيين. وإضافة إلى الناصرة، سيتوجه البابا إلى باحة المسجد الأقصى ثالث الحرمين وحائط المبكى الموقع الأكثر قداسة لدى اليهود. ثم سينتقل إلى بيت لحم في الضفة الغربيةالمحتلة ليلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ويصلي في المغارة التي ولد فيها المسيح. وهذه الزيارة دينية بحتة كما أكد فرانكو من دون أن يستبعد التطرق إلى مواضيع سياسية أثناء اللقاءات مع المسؤولين. وقال المسؤول عن كاتدرائية الناصرة ريكاردو بوستو: «نتوقع أن يأتي البابا حاملاً رسالة أمل وسلام».