شدّد اقتصاديون وعقاريون على أن تطبيق نظام الرهن العقاري يحتاج إلى ضوابط، لكي لا يكون سبباً في اندلاع أزمة مشابهة لما حصل في أميركا وأوروبا، وأهم هذه الضوابط أن يرتبط ارتباطاً قوياً بالحال المادية والقانونية والإدارية للشخص الذي سيشتري العقار، بنوع وظيفته والضمانات المتوافرة لديه وإمكان سداد القروض، ودرس أنظمة الرهن العقاري في مختلف الدول المتقدمة والنامية، للتركيز على النواحي السلبية، لعدم تكرارها. وقال رئيس مركز استشارات الجودة الاقتصادية الدكتور محمد شمس: «إن موضوع تطبيق الرهن العقاري يحتاج أن تنظر له الدولة بحذر، لأن التسيب أو الإسراف فيه يؤدي إلى مشكلات كبيرة، فلا بد من وجود ضوابط قوية تحكم سياسة الرهن العقاري في السعودية، حتى لا نقع في المشكلة نفسها، التي وقع فيها الرهن العقاري في أميركا وأوروبا، فموضوع المضاربات في أسواق العقار وأسواق المال، وتحويل العقود العقارية إلى أسهم، وبيعها داخل المملكة وخارجها، والمضاربة عليها، كلها ستؤدي إلى انهيار كامل للنظام المالي السعودي، لذا يجب أن يرتبط الرهن العقاري ارتباطاً قوياً بالحال المادية والقانونية والإدارية للشخص الذي سيشتري العقار، ولا بد أن تقيد الضوابط نوع المشتري ووظيفته والضمانات المتوافرة لديه وإمكان سداد القروض، لأن التوقف وعدم القدرة على السداد يؤدي إلى انخفاض كبير في السيولة النقدية في البنوك، وهذا يؤدي إلى خفض أعمال البنوك الأخرى، كإقراض المستثمرين بغرض مشاريع استثمارية، وإقراض المستهلكين بغرض شراء سلع استهلاكية، ويجب على الدولة درس ما حصل في مشكلات الرهن العقاري في الأزمة المالية العالمية، التي حصلت في الماضي وتجنب الأخطاء، ودرس أنظمة الرهن العقاري في مختلف الدول المتقدمة والنامية، للتركيز على النواحي السلبية لعدم تكرارها». وأوضح شمس أن «النواحي الإيجابية في الرهن العقاري ستشجع الاستثمار في العقار، وستؤدي إلى رفع قيمة الأراضي، وزيادة الطلب عليها وعلى البناء، لأنه أهم قطاع في أي اقتصاد وطني، فهو سيزيد الطلب على جميع أنواع السلع والخدمات الموجودة في الاقتصاد، ما يؤدي إلى انتعاش الاقتصاد الوطني، ورفع أسعار السلع والخدمات، وزيادة معدل التضخم، وانخفاض معدل البطالة، فزيادة الطلب على المصانع تزيد من توافر الأيدي العاملة، كما أن التوسع في الاستثمار سيؤدي للتوسع في التوظيف». وشدد شمس على أن «مشكلة الرهن العقاري التي أدت إلى الأزمة المالية العالمية جعلت الدولة تنتظر وتدرس الموضوع بعناية، لأن الموضوع يتفرع لجوانب عدة، منها السلبية والإيجابية، فالرهن العقاري يربط القطاع المالي بقطاع إنتاج السلع والخدمات والاستيراد والتصدير. وبيّن أستاذ الاقتصاد في جامعة أم القرى الدكتور عبدالحفيظ محبوب، أن «المجتمع السعودي لا يمتلك مساكن إلا بنسبة 20 في المئة، ونحن الدولة الوحيدة في دول الخليج التي تقل فيها نسبة التملك، وتأخر هذه التشريعات يسبب تأخراً في قيام شركات ومؤسسات ضخمة، لكي تقدم على هذه المشاريع، والآن المشاريع الموجودة لا تفي بالمطلوب، لذا لا بد أن نوجد سنوياً 200 ألف وحدة سكنية، ونحن لم نقم بهذا الأمر، لأن جميع الشركات العقارية محدودة، وتنتظر بدء هذا المشروع وتطبيقه، لذا يجب أن نتفادى الوقوع في الأزمة، بأن يكون الرهن العقاري متناسباً مع دخل الأسرة، وأعتقد أن نظام الرهن العقاري لا ينطبق على ذوي الدخل المحدود، لذلك يجب أن تتدخل الدولة لبناء مشاريع إسكانية لذوي الدخل المحدود، حتى لا ندخل في أزمة، وهذا النظام لا ينطبق إلا على الفئات ذات الدخلين المتوسط والعالي، والبنوك لا يمكن أن تقبل على الرهن العقاري لأنه طويل الأجل، ويتراوح ما بين20 و30 سنة». وأوضح محبوب أنه «يجب أن يكون الإقراض بحسب حاجة المستهلك، وألا يتم للشخص أكثر من رهن عقاري واحد، وأن يكون القسط متناسباً مع دخله، ولا يزيد على ثلث الراتب، وألا تكون لديه قروض أخرى في بنوك أخرى. وقال صاحب مؤسسة «الشهيوين» للاستثمارات العقارية شهوان الشهيوين إن: «الفائدة من تطبيق نظام الرهن العقاري ستكون كبيرة وعامة من نواح عدة، فسيتم حل أزمة السكن مع بدء تطبيقها بنسبة (70 – 80) في المئة، وستساعد الكثير من الناس على تملك مساكن خاصة لها، ولكن هناك ضرورة أن يتم تسديد المبلغ قبل موعد الأقساط والمستحقات، ويجب أن تتوافر مرونة في أقساط السداد وأن تكون الأرباح منخفضة إذا تم السداد في أقل من المدة المتفق عليها، واعتبر تأخر تطبيق نظام الرهن العقاري لإيجاد آلية مقننة تضمن حق الراهن والمرهون لكي لا تتوافر فجوات في العقد». وأضاف، أن أهم ما يجب أن يتم تطبيقه بنظام الرهن العقاري تثمين العقار بالشكل الصحيح، لأن هناك فجوة للسعر الذي يوضع عند التثمين، فيجب أن يكون تقويم البنك للعقار لا يقل عن نسبة 60 في المئة عن السوق، حتى يتمكن الشخص من ضمان حقه عند ارتفاع أو انخفاض قيمة العقار».