تستضيف مدينة فاس المغربية مطلع الأسبوع المقبل تجمعاً عالمياً لليهود المتحدرين من أصول مغربية، وتحديداً من المدينة ذاتها التي استقر فيها حي «الملاح» أكبر مركز سكني لليهود يفصل بين المدينة العتيقة وامتداداتها العصرية. وذكرت مصادر قريبة إلى التجمع الذي يرتدي بعداً ثقافياً أن أكثر من 600 شخص موزعين عبر أنحاء العالم سيشاركون في هذا اللقاء، وسيقومون بزيارات لمآثر يهودية ومزارات ومقابر، إضافة إلى درس أوضاع الطائفة اليهودية. وشددت السلطات الرقابة الأمنية للحؤول دون استغلال الحدث. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يشارك فيها يهود مغاربة من خارج البلاد في تظاهرة حاشدة منذ اعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس عرش بلاده في صيف 1999. فقد سبق لوالده الراحل الحسن الثاني أن استضاف مؤتمرات دولية لليهود المغاربة، كما اجتمع إلى مسؤولين إسرائيليين، في مقدمهم الرئيس الحالي شمعون بيريز في صيف 1986، ما أثار وقتذاك انتقادات أدت ضمن تداعياتها إلى إلغاء معاهدة الاتحاد العربي - الأفريقي التي نصت على إقامة وحدة بين المغرب والجماهيرية الليبية. ويأتي عقد هذه التظاهرة بعد مرور سنوات على إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط احتجاجاً على تنكر إسرائيل لالتزاماتها المرتبطة باستئناف مفاوضات السلام. وفي الوقت ذاته يتزامن الاجتماع مع طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الملك محمد السادس معاودة دور بلاده في عملية السلام المعلّقة. ونفت مصادر رسمية أن يكون للتظاهرة أي علاقة بمفهوم «التطبيع»، موضحة أن اليهود المشاركين في اللقاء يحملون الجنسية المغربية ويرتبطون بعلاقات مع بلدهم الأصلي. غير أن ذلك لن يحول، وفق بعض المصادر، دون الإحاطة بأوضاع الطائفة اليهودية المتحدرة من أصول مغربية والمقيمة في إسرائيل كونها تشكل أكبر طائفة وتشكل خزاناً انتخابياً دأب على التصويت لمصلحة تيارات متطرفة. وعرف المغرب في الآونة الأخيرة زيارات متوالية لوفود يهودية ضمن تقاليد إحياء تظاهرات للاحتفاء بمزارات أو شخصيات دينية، كما في مواسم دينية تُقام في الصويرة على الساحل الأطلسي، وفي منطقة بن أحمد وسط البلاد عرفت قدوم يهود من أنحاء مختلفة من العالم. ولم يفت مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى زاروا المغرب على فترات، القيام بجولات تفقدية لمساكنهم القديمة التي حافظت على طابعها في أحياء «الملاح» في مدن مثل فاسوالرباط. في غضون ذلك كانت مقابر يهودية تعرضت لهجمات إرهابية في الدارالبيضاء والمحمدية على خلفية أحداث عنف تورط فيها منتسبون إلى تيارات إسلامية متشددة. وقد تراجع أعداد اليهود المغاربة إلى بضعة آلاف، وشكلت الهجرة التي قاموا بها في السنوات الأولى لاستقلال البلاد أكبر عمليات نزوح نحو إسرائيل. على صعيد آخر، أقر رؤساء أركان الحرب العامة في منظومة «5+5» التي تضم دول الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر المتوسط خطة تعاون شامل لمواجهة الإرهاب والانفلات الأمني وتبادل الخبرات والمعلومات، وذكرت المصادر أن اجتماع لشبونة الذي جمع مسؤولين من المغرب وتونس والجزائر وموريتانيا وليبيا مع نظرائهم في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا ومالطا عرض الى الوضع الأمني في منطقة الشمال الأفريقي. بخاصة في فضاء دول الساحل جنوب الصحراء في ضوء تهديدات تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي. وأقر الاجتماع تنظيم مناورات بحرية وبرية لتصدي للمخاطر المحتملة، كما حض الدول المغاربية الأعضاء في المنظومة على بذل المزيد من الجهد لتنسيق المواقف وتبادل المعلومات، وتسعى الدول الأوروبية إلى تحقيق اختراق في مجالات التعاون الأمني بين المغرب والجزائر، لا سيما في مجالات محاربة الهجرة غير الشرعية، كون الشريط الحدودي السابع بين البلدين الجارين أصبح مركزاً لتنقل المهاجرين القادمين من البلدان الأفريقية. فيما ركزت خطة المناورات البحرية على اعتراض سبل البواخر المشتبه في حملها مهاجرين أو أسلحة أو مواد مهربة عبر امتداد الساحل الأطلسي ومعبر جبل طارق. الى ذلك دعت الخبيرة المغربية السيدة خديجة المضماض الى إقرار مقاربة جديدة في التعاطي وتنامي الهجرة غير الشرعية، تركز على احترام حقوق الإنسان وصون كرامة المهاجرين الذين يتعرضون الى مخاطر الغرق في سواحل العبور نحو الضفة الأوروبية والى أصناف من المعاملات غير الإنسانية في مراكز إيواء المهاجرين قبل معاودة ترحيلهم الى بلدانهم الأصلية. وحذرت الخبيرة المغربية من الرؤية الآحادية لبلدان الشمال التي تشجع الهجرة الانتقائية. وزادت في الآونة الأخيرة أعداد الضحايا في صفوف المهاجرين المحتملين الذين قدرت أعداد المفقودين منهم في عرض البحر بالمئات.