أصدر القضاء التونسي أمس، مذكرة توقيف بحق قيادي أمني سابق متهم بالتورط في اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي قبل سنة ونصف السنة، فيما يواصل الرئيس المكلّف الحبيب الصيد مشاوراته من أجل تشكيل أول حكومة تونسية في عهد الجمهورية الثانية بعد الثورة. وقال الناطق باسم النيابة العامة في تونس سفيان السليطي، إن «قاضي التحقيق المكلَّف بقضية اغتيال محمد البراهمي أصدر بطاقة إيداع بالسجن في حق القيادي الأمني عبد الكريم العبيدي قبل يومين وذلك بعد الاستماع إلى أقواله ومواجهته بعدد من الشهود». ويعتبر عبد الكريم العبيدي، الذي كان رئيساً لفرقة أمن المطار، من القيادات الأمنية التي عيّنها وزير الداخلية ورئيس الحكومة السابق علي العريض فترة حكم حركة «النهضة» الإسلامية، ويتهمه بعض الجهات الأمنية والسياسية بأنه من الموالين ل «النهضة» وسعى إلى تجنيد عناصر وقيادات أمنية لمصلحة الحركة الإسلامية. وقال فريق الدفاع في قضية اغتيال محمد البراهمي، إن «شهوداً أكدوا أن المدعو أبو بكر الحكيم المتهم الرئيسي في اغتيال البراهمي تنقل في سيارة يملكها العبيدي قبل أيام من عملية الاغتيال»، لكن النيابة العامة لم تؤكد أو تنفِ هذه المعلومة. وقتل النائب القومي محمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) 2013 رمياً بالرصاص أمام منزله في محافظة «إريانة» المحاذية للعاصمة التونسية، بعد 6 أشهر على اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد على يد «مجموعة دينية متشددة»، وفق ما ذكرته وزارة الداخلية التونسية آنذاك. ويطالب سياسيون ومحامون بالتحقيق مع قيادات بارزة في حركة «النهضة» في قضيتي اغتيال بلعيد والبراهمي، وعلى رأسهم العريض، الذي كان وزيراً للداخلية عند اغتيال بلعيد ورئيساً للوزراء حين اغتيل البراهمي. وشدد الناطق باسم النيابة العامة على أن القضاء التونسي «لن يتردد في توجيه الاستدعاء أو بطاقة الإيداع لأي مسؤول أمني أو سياسي مهما علا شأنه». في سياق آخر، واصل الصيد مشاوراته مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والتقى خلال اليومين الماضيين قادة أحزاب وقيادات الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) واتحاد رجال الأعمال التونسيين. وعقد مجلس شورى حركة «النهضة» مساء أمس، اجتماعاً يُفترض أن يحسم مسألة المشاركة في حكومة الصيد من عدمها. ويشهد مجلس الشورى (أعلى سلطة في الحركة الإسلامية) خلافات بين أعضائه حيث يسعى فريق منهم إلى المشاركة في الحكم فيما يفضل فريق آخر البقاء في المعارضة. وأفادت مصادر من داخل مجلس الشورى، بأن التوجه العام يسير في اتجاه القبول بالمشاركة في الحكومة التي يقودها حزب «نداء تونس» العلماني، على رغم الخلافات بين الحزبين، باعتبار أنهما يمثلان قطبي الساحة السياسية في البلاد. ويتمسك الخط المقرب من زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي، وهو الخط المتنفذ في الحركة، بالمشاركة في حكومة وحدة وطنية تضم جميع الأطراف وسط الانقسام السياسي الذي تعيشه البلاد منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.