أمر النائب العام المصري المستشار هشام بركات بإحالة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع و50 من قيادات وأعضاء الجماعة على المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة الجنايات لاتهامهم ب «إعداد غرفة عمليات لتوجيه تحركات التنظيم، بهدف مواجهة الدولة أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، في 14 آب (أغسطس) الماضي، وإشاعة الفوضى في البلاد»، في وقت قال بديع من قفص الاتهام أمس أثناء مثوله أمام محكمة الجنايات في تهمة التحريض على أحداث العنف التي اندلعت في قليوب على أطراف القاهرة قبل فض الاعتصام، إن «ما يحدث هو السحر الذي سيبطله الله». وضمّت قائمة المتهمين في قضية فض اعتصام «رابعة العدوية»، الذي راح ضحيته مئات القتلى والمصابين جراء المواجهات بين آلاف المعتصمين وقوات الجيش والشرطة، القياديين في الجماعة محمود غزلان، حسام أبو بكر، سعد الحسيني، مصطفى الغنيمي، وليد شلبي، صلاح سلطان ونجله، عمر حسن مالك، سعد عمارة، جهاد الحداد، أحمد أبو بركة، أحمد سبيع، سعد خيرت الشاطر، وآخرين. ومن بين 51 متهماً هناك 19 في حال فرار أمرت النيابة بضبطهم. وقالت النيابة العامة في أمر الإحالة: «أثناء الاعتصام في رابعة العدوية أعد المتهمان محمد بديع ومساعده محمود غزلان (عضو مكتب الإرشاد) مخططاً لإشاعة الفوضى في البلاد، واقتحام أقسام الشرطة ومؤسسات الدولة والممتلكات الخاصة بالمواطنين ودور عبادة المسيحيين وإشعال النيران فيها، للإيحاء للخارج بفقدان الحكومة قدرتها على إدارة شؤون البلاد، في محاولة لإسقاط الدولة وتغيير شكل حكومتها، والإعلان عن حكومة بديلة تشكلها الجماعة، وتسمية القائم بأعمال رئيس الجمهورية والسعي للاعتراف بذلك دولياً». وأشارت التحقيقات، وفق النيابة، إلى أن جماعة الإخوان أعدت غرفة عمليات لمتابعة تحركات أعضائها في القاهرة الكبرى والإشراف على تنظيم المخطط، وفي أعقاب الإجراءات التي اتخذتها الدولة لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة «سارع المتهمون بنقل غرفة العمليات إلى مقر بديل، تفادياً لرصده من جهات الأمن، وعقدوا لقاء تنظيمياً اتفقوا خلاله على تنفيذ المخطط، وتوزيع الأدوار بينهم، بالتنسيق مع اللجان الإلكترونية، لإعداد مشاهد وصور غير حقيقية توحي بسقوط قتلى وجرحى بين المعتصمين... وتوسعة نطاق الاعتصام بأماكن أخرى في القاهرة والجيزة، وتنظيم مسيرات تضم عناصر مسلحة من أعضاء التنظيم وآخرين مستأجرين من ذوي النشاط الإجرامي، بقصد تعطيل وسائل المواصلات، وبث الرعب بين المواطنين». وكشفت التحقيقات «تكليف أعضاء التنظيم من العاملين في مؤسسات الدولة، بإشعال النيران فيها ومراقبة منشآت الشرطة، والترصد لأوقات ضعف التأمين بها للهجوم عليها، وسرقة ما في داخلها من أسلحة وذخائر وتنفيذ عمليات اغتيال لضباط وأفراد الشرطة، مع توفير الدعم المالي والأسلحة والذخائر اللازمة لتنفيذ ذلك المخطط الإرهابي». وفي قضية أخرى، حددت محكمة استئناف القاهرة 13 شباط (فبراير) الجاري لبدء أولى جلسات محاكمة 17 من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين في قضية اتهامهم بالقتل العمد والتحريض عليه ضد المتظاهرين السلميين أمام مقر مكتب إرشاد التنظيم في ضاحية المقطم إبان أحداث تظاهرات 30 يونيو العام الماضي. والمتهمون في القضية هم محمد بديع ونائباه خيرت الشاطر ورشاد بيومي والقياديون في الجماعة سعد الكتاتني ومهدي عاكف وأسامة ياسين ومحمد البلتاجي وعصام العريان وآخرون. وجاء تحديد جلسة لمحاكمة المتهمين، بعد أن تنحت دائرتان من دوائر محكمة جنايات القاهرة، عن النظر في القضية. في غضون ذلك، أرجأت محكمة جنايات بنها محاكمة 48 متهماً من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان يتقدمهم محمد بديع وصفوت حجازي ومحمد البلتاجي وأسامة ياسين وباسم عودة ومحمد عبدالمقصود (فار) وعبدالرحمن البر (فار) وآخرون، إلى جلسة في 15 شباط (فبراير) الجاري، في قضية اتهامهم بالتحريض على العنف وقطع الطريق السريع في مدينة قليوب (محافظة القليوبية) أواخر شهر تموز (يوليو) الماضي. وتضمن قرار التأجيل التصريح لهيئة الدفاع عن المتهمين بالإطلاع على أوراق القضية واستخراج صورة رسمية منها، مع إخلاء سبيل متهم قاصر. وتزعم كل من محمد البلتاجي وصفوت حجازي ترديد الهتافات المناهضة للقوات المسلحة والشرطة داخل قفص الاتهام، قبل بدء الجلسة أمس. وقال البلتاجي من داخل قفص الاتهام قبل اعتلاء هيئة المحكمة المنصة إنهم يتعرضون لمعاملة سيئة، وتم منع زيارات ذويهم وأقاربهم عنهم، وإن إدارة السجن لم تبلغهم بأسباب منع الزيارات، مضيفاً: «نحن محبوسون سياسياً»، في حين قال محمد بديع إن كافة التحقيقات التي أجريت معه أثبت فيها أمام محققي النيابة أنه «مجني عليه وكذلك الأمر بالنسبة لجماعة الإخوان بالكامل»، مشيراً إلى أن نجله توفي في الأحداث التي أعقبت 30 يونيو. واستهلت المحكمة جلستها بإثبات حضور المتهمين الذين استمروا في مقاطعة هيئة المحكمة وممثل النيابة العامة أثناء تلاوة أمر الإحالة. وقال المتهمون لرئيس المحكمة: «كيف تجري المحاكمة وأيادينا مكبلة بالقيود الحديد داخل قفص الاتهام؟»، فأمر رئيس المحكمة حرس الجلسة بنزع القيود عنهم داخل القفص. وقال ممثل النيابة إن المتهمين وآخرين مجهولين استعرضوا القوة واستخدموها ولوحوا بالعنف بقصد ترويع المواطنين وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم، وفرض السطوة عليهم، لافتاً إلى أن المتهمين وآخرين مجهولين تورطوا في قضايا قتل مواطنين وشرعوا في قتل آخرين. وقبل نهاية تلاوة قرار الاتهام، قاطع صفوت حجازي ممثل النيابة العامة مردداً: «باطل باطل... نيابة ونائب عام وقرار اتهام باطل»، غير أن رئيس المحكمة أمر حرس القاعة بإحضار أي متهم يخرج عن قواعد جلسة المحاكمة لاتخاذ الإجراءات القانونية حياله، في حال مخالفة نظام الجلسة. وأنكر المتهمون جميعاً التهم المنسوبة إليهم. وطلب المحامي محمد الدماطي السماح للبلتاجي بالتحدث مباشرة إلى هيئة المحكمة، فاستجاب رئيس المحكمة. وقال البلتاجي: «إنني استشعر للمرة الأولى أنني أمام محكمة عادلة خاصة أنني متهم في أكثر من 25 قضية سياسية حتى الآن، وأريد أن أثبت في محضر الجلسة أننا لسنا في حبس احتياطي تحت التحقيق، لكن في حالة اختطاف وانتقام سياسي. نحن معزولون عن العالم، وإدارة السجن قامت بوضعي في عنبر تأديب لمدة 60 يوماً وما يحدث معي يحدث مع باقي المتهمين والسجون تدار بمعرفة الأمن الوطني». وطالب البلتاجي بمعاملته وبقية المتهمين كأي متهم محبوس بصفة احتياطية، مضيفاً: «توجد خصومة قانونية بيني وبين النيابة العامة، بخاصة أنه تم التحقيق معي بمعرفة المستشار ثروت حماد في البلاغات المقدمة ضدي من أعضاء النيابة العامة وبعض القضاة، والمتعلقة بإهانة القضاة»، فعقّب رئيس المحكمة: «لو سمحت لا نريد تجريحاً أو سباباً». واستطرد البلتاجي قائلاً: «إن واقعة مقتل نجلتي أسماء لم يفتح التحقيق فيها حتى الآن»، مشيراً إلى أنه «يتهم وزيري الدفاع والداخلية بارتكاب تلك الجريمة». ورد رئيس المحكمة بأنه سيثبت له كافة طلباته القانونية، فرد البلتاجي بأنه يتعرض داخل السجن للاعتداء البدني واللفظي. وطالب محمد الدماطي باستبعاد الدعوى الجنائية من أمام المحكمة، وتعليقها بصورة موقتة، موضحاً أن طلبه مرجعه أن «الظروف السياسية التي تمر بها البلاد تمنع من إجراء محاكمة عادلة الآن، بخاصة أن كافة وسائل الإعلام والحكومة اتفقوا على أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وأن المحامين الذين يتولون مهمة الدفاع عن قيادات الجماعة إرهابيون أيضاً، وهو أمر مخالف تماماً للحقيقة»، فرد رئيس المحكمة مؤكداً أن هيئتها «لا يوجد بداخلها أي شيء» مسبق ضد المتهمين. لكن بديع قال من داخل قفص الاتهام إن النيابة العامة «ليست محايدة... النائب العام عيّنته سلطات الانقلاب العسكري»، مطالباً بالتحقيق في «مذبحة رابعة». وقال إنها «جريمة العصر كله التي لم تحدث في مصر على مدار تاريخها». ووصف ما يجري بأنه «السحر والله سيبطله».