يُفاجأ الخبراء السويسريون بحجم الأموال الراقدة في المصارف المحلية عموماً، وصناديق التقاعد السويسرية خصوصاً، من دون استعمال، كأن أصحابها نسوا امتلاكهم أصولاً لا تأكلها النيران وربما تتحول يوماً ما، إلى إرث يستفيد منه الأهل والأقرباء مستقبلاً. يُذكر أن ظاهرة «نسيان» الأموال في الخزائن المالية السويسرية تتفاقم عاماً بعد آخر، في شكل يعجز الاقتصاديون عن تفسيرها، وهي رائجة في دول أخرى مثل النروج وإيطاليا وإسبانيا. ويتجاوز العدد الإجمالي للحسابات المتصلة بصناديق التقاعد السويسرية 2.3 مليون، نُقل 855 ألفاً منها إلى صندوق مالي خاص يتولى تعقب أصحابها الذين لم يتركوا أثراً لهم منذ سنوات، فيما تصل القيمة الإجمالية لهذه الحسابات إلى 6.3 بليون فرنك سويسري أي حوالى 5.12 بليون يورو. واللافت هو تراكم حوالى 80 في المئة من هذه الأموال خلال السنتين الأخيرتين. ودفع ذلك حكومة برن إلى المباشرة في نقلها إلى صندوق مالي خاص هو «سبستتيوت أوكوبيشنال بينيفيت»، تمهيداً لاستعمالها في وقت لم يُحدد بعد لتغطية الإنفاق على العاطلين من العمل، في حال فشل هذا الصندوق في العثور قريباً على أصحاب هذه الأموال. ويفيد المراقبون بأن قيمة كل حساب تبلغ 7500 فرنك سويسري، لكن نجد أكثر من مليون فرنك سويسري على قسم من هذه الحسابات. ويرون أن عدداً من أصحاب هذه الحسابات التقاعدية عملوا على تغيير طبيعة عملهم، فيما غادر قسم منهم البلاد. ولا يجب إغفال ملايين الدولارات التي هُرّبت من دول «الربيع العربي» في السابق، ووجدت أرضاً خصبة لها داخل صناديق التقاعد السويسرية، من طريق متواطئين أخفوا هذه الأموال المهربة في شكل ذكي جداً. ولسبب من الأسباب عمل هؤلاء على محو آثارهم. ويشير خبراء إلى أن حوالى 50 في المئة من أموال صناديق التقاعد السويسرية غير المستعملة، تعود إلى عمال أجانب تركوا سويسرا من دون عودة. ويعلن الخبراء اقتناعهم بأن 70 في المئة من هذه الأموال لن يستعيدها أصحابها أبداً. وبالطبع ستستفيد الكانتونات السويسرية التي تسجل موازناتها المالية تراجعاً في قوتها الداعمة للمشاريع الاجتماعية المحلية، من هذه الحال السائدة.