تستعد حكومة برن للتدخل في الأسواق المالية المحلية في أي وقت، ما يجعلها تصطدم بطبقة الأغنياء المتحكّمة بالمضاربات وتدفق رؤوس الأموال من سويسرا وإليها. ويعتقد الأغنياء السويسريون أن من شأن غياب تدخل الدولة تقوية فاعلية الأسواق المالية المحلية. لم تتأخر ردود فعل حكومة برن في اقتحام ما تستعد له الطبقات الغنية من مخططات مستقلة ربما تدرّ عليها أرباحاً ضخمة في حال استسلام السلطات المالية التنظيمية أمام «لوبي» مالي، من الصعب جداً تقدير مفعوله على مسار الأسواق المالية في سويسرا. وبدءاً من العام المقبل، ستفرض كل الكانتونات السويسرية ال 26 بالقوة نسبة واحد في المئة على كل مواطن يتجاوز دخله 250 ألف فرنك سويسري سنوياً. طبعاً لا يمكن اعتبار هذه المبادرة «سرقة» رسمية لأموال الأغنياء بل لردم العجز في صندوق مخصص للعاطلين من العمل والبالغ 4 بلايين فرنك سويسري. ويرى الخبراء الحكوميون أن لا صلة لهذه المبادرة المثيرة للجدل والأولى من نوعها في القارة القديمة بأي إجراءات قمعية ترمي إلى الحد من سلوكات الأغنياء. إذ تنوي حكومة برن في الأعوام ال 15 المقبلة، إعادة تنظيم صندوق الضمان الاجتماعي المخصص لحماية العاطلين من العمل. لذا تطالب حكومة برن الأغنياء بمد يد العون شاؤوا أم أبوا. ويشير المراقبون السويسريون إلى أن السياسة التي تتبعها حكومة برن، لدعم صندوق ضمان الحقوق المعيشية للعاطلين من العمل ليبيرالية المصدر، يلقبها بعضهم بسياسة «روبن هود» وهي مضادة لما هو معروف بسياسة «تريكل دوان». إذ يستفيد الأغنياء من أوضاع الأسواق المالية لجني الأرباح على حساب الفقراء. ويوضح الخبراء الماليون في برن، أن سحب واحد في المئة من الدخل السنوي للأغنياء يهدف إلى بسط السلم الاجتماعي في سويسرا تفادياً للثورات الشعبية، لأن العجز المالي في صندوق دعم العاطلين من العمل زاد عاماً بعد آخر في السنوات الأخيرة، نتيجة ارتفاع معدل البطالة إلى نحو 3 في المئة. ولا يمكن المقارنة بين هذه النسبة وتلك الأوروبية البالغة 12 في المئة. وعلى رغم ذلك، تضاعفت البطالة في سويسرا ثلاث مرات مقارنة بتسعينات القرن الماضي، وبلغت ذروتها عام 1997 مسجلة 5.7 في المئة لتتراجع تدريجاً إلى 1.7 في المئة عام 2001. لا يجب أن ننسى أيضاً أن هذه البطالة وصلت مرتين إلى 4 في المئة عامي 2004 و2010، وهي مستقرة اليوم على 3 في المئة. وبما أن أعداد العاطلين من العمل ارتفعت في الأعوام الثلاثة الأخيرة في شكل فاق التوقعات بسبب تسريح المصارف والشركات الكبرى آلاف الموظفين، لم يتمكن صندوق الضمان الاجتماعي الذي يضخ شهرياً 720 مليون فرنك سويسري، من استيعاب صدمة الأزمة المالية كما يجب.