تتواصل التسريبات الأميركية عن مضمون «اتفاق الإطار» الذي يعمل وزير الخارجية الأميركي جون كيري على بلورته لعرضه على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني قريباً، وآخرها ما نُسب إلى موفده إلى المفاوضات، رئيس الطاقم الأميركي مارتن انديك من قوله لقادة يهود في الولاياتالمتحدة ان الولاياتالمتحدة تعمل على إنجاز تسوية دائمة للصراع حتى نهاية العام الحالي تقوم على إبقاء 75-80 في المئة من المستوطنين في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967 تحت السيادة الإسرائيلية، مضيفاً أن الاتفاق يساوي بين اللاجئين الفلسطينيين والمهاجرين اليهود إلى إسرائيل ويتطرق إلى حقهم جميعاً في التعويض. وطبقاً لأحد المشاركين في المحادثة، فإن أقوال انديك عن مصير المستوطنات، وهي أقوال نفاها انديك لاحقاً، قد تكون جاءت رداً على خطة تبادل الأراضي التي سبق للموفد الأميركي السابق للشرق الأوسط جورج ميتشل أن طرحها، وتقضي بضم الكتل الاستيطانية الكبرى شرق الضفة الغربية وفي محيط القدسالمحتلة، إلى إسرائيل في مقابل قيام الأخيرة بتعويض الفلسطينيين عن أرض بديلة. وطبقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن انديك قال رداً على سؤال عن احتمال بقاء مستوطنين تحت السيادة الفلسطينية، إنه «ليس لدى القيادة الفلسطينية أي نية لتكون فلسطين نظيفة من اليهود، إنما هم يقولون عكس ذلك». وتابعت أن انديك أبدى تفاؤلاً كبيراً في شأن فرص تحقيق اختراقة في المفاوضات، وأوضح أن قضية المسجد الأقصى لم يتم التطرق إليها في المفاوضات نظراً الى حساسيتها. ونقلت عن انديك قوله ان إدارة الرئيس باراك أوباما تأمل في استكمال «اتفاق اطار» خلال اسابيع، وانها تسعى بعد ذلك الى التفاوض للتوصل الى اتفاق سلام نهائي بحلول نهاية عام 2014. وتابعت أن انديك أبلغ القادة اليهود أن اتفاق الإطار قد يتناول بعض قضايا الصراع بإسهاب مثل قضايا الأمن، إذ سيقول إنه سيتم إنشاء منطقة أمنية في غور الأردن المحتل (الذي تريد إسرائيل بقاء جيشها فيه حتى بعد إقامة الدولة الفلسطينية) مع سياج جديد ومجسات وطائرات من دون طيار، في حين سيتناول بعضها الآخر «من حيث المبدأ» من دون الدخول في تفاصيل، مثل قضية القدس، كما سيتضمن طموحات كل من الجانبين على نحو يلتف على معارضة إسرائيل «إعادة تقسيم القدس»، أي الانسحاب من القدسالشرقيةالمحتلة، إذ سيتحدث عن أن الفلسطينيين يرون في القدسالشرقية عاصمتهم، «وهذه ضفدعة يمكن الإسرائيليين أن يتجرعوها» لأن الكلام منسوب الى الفلسطينيين. من جهتها، أشارت صحيفتا «واشنطن بوست» و «نيويورك تايمز» إلى أن انديك أوضح أن وثيقة الإطار ستكون أميركية كي يتمكن كل من الطرفين مواجهة الضغوط الداخلية، مضيفاً أنه «ربما تكون هناك أمور يجب أن نقولها لأن مسؤولي الطرفين لا يزالون غير قادرين على قولها». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مشاركين في المحادثة قولهم إن انديك سيتطرق إلى تعويض اللاجئين الفلسطينيين و «حق يهود الدول العربية الذين هاجروا إلى إسرائيل» في الحصول على تعويضات على ممتلكاتهم، واعتبار إسرائيل «دولة الشعب اليهودي» وفلسطين دولة الشعب الفلسطيني. على صلة، أفاد كبير المعلقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنياع أن إسرائيل تنتظر رفض السلطة الفلسطينية اقتراح كيري فيما ستعتمد هي صيغة «نعم، ولكن»، أي أن تقبل من حيث المبدأ الاتفاق وتضيف تحفظات عليه. وتذكّر هذه السياسة بسياسة رئيس الحكومة السابق آرييل شارون عندما اضطر عام 2004 تحت ضغط الإدارة الأميركية إلى قبول «خريطة الطريق»، لكن حكومته أضافت 14 تحفظاً عليها، ما أبطل فعلياً الموافقة عليها. وأضاف أن أوساط نتانياهو ترجح أن يعلن الأخير عن قبول إسرائيل الاتفاق في حال تضمن اعترافاً فلسطينياً بإسرائيل دولة يهودية وقبولاً فلسطينياً بوجود رمزي لإسرائيل في غور الأردن. وتابع أن كيري لم يقرر بعد موعد الإعلان عن خطته، وأن هناك ثلاثة خيارات أمامه، أحدها أواخر الشهر الجاري (شباط) بالتزامن مع الدفعة الأخيرة للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين (التي يفترض أن تشمل الأسرى من فلسطينيي عام 1948)، أو مطلع الشهر المقبل في حال سافر نتانياهو إلى واشنطن لمؤتمر المنظمات اليهودية وعندها سيلتقي الرئيس باراك اوباما، أو في 19 من الشهر المقبل مع انتهاء الأشهر التسعة التي حددها للمفاوضات. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول إسرائيل رفيع التقى وزراء خارجية دول أوروبية ان الأخيرين باتوا مقتنعين بأن نتانياهو «يتلاعب بالدول الأوروبية كل الوقت، وأنه يقول أموراً مختلفة لكل من الوزراء». وأضاف أن الرسالة الأوروبية «الجماعية» الواضحة التي تلقاها منهم أفادت بأن اوروبا «لن ترحم إسرائيل في حال تعثرت المفاوضات مع الفلسطينيين، بغض النظر عن موقف الولاياتالمتحدة من ذلك». المقاطعة الاوروبية إلى ذلك، أفادت الصحيفة أن إسرائيل تتخبط في كيفية مواجهة المقاطعة الأوروبية لها على خلفية الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وأنه بينما يطالب وزير الشؤون الاستراتيجية بثلاثين مليون دولار لتمويل حملة إسرائيلية مناهضة للمقاطعة، ترى أوساط في وزارة الخارجية أنه لا ينبغي الرد على المقاطعة بالتحريض على أوروبا. وأضافت الصحيفة ان وزراء إسرائيليين استخفوا حتى الأمس القريب بانعكاسات هذه المقاطعة على إسرائيل، باتوا يدركون اليوم خطورتها بعد تحذير عشرات من رجال الأعمال البارزين من نتائج فشل المفاوضات مع الفلسطينيين على الاقتصاد الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه توقُّع وزير المال يئير لبيد بأن يتكبد الاقتصاد خسائر بقيمة 6 بلايين دولار.