لم تلتقِ تعليقات الصحف العبرية على نتائج زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري للمنطقة مع التفاؤل الذي أبداه الأخير لدى مغادرته إسرائيل، مساء أول من أمس متوجهاً إلى الهند، بأن «استئناف المفاوضات في متناول اليد»، فيما حذرت رئيسة طاقم المفاوضات وزيرة القضاء تسيبي ليفني اليمين الإسرائيلي من «التعاطي باستهزاء مع جهود كيري وتتويجها بالفشل» ومن وصفه ب «الساذج». واختارت صحيفتا «يديعوت أحرونوت» و «معاريف» عنواناً متطابقاً: «كيري يغادر بخفي حنين»، ونقلتا عن أوساط قريبة من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو قوله إن إصرار الفلسطينيين على الإفراج عن «أسرى قتَلة» يشكل حجر عثرة في طريق استئناف المفاوضات «على رغم موافقة نتانياهو على الإفراج عن عدد من الأسرى على ثلاث دفعات». وكرر نتانياهو أمس القول إن إسرائيل مستعدة لبدء محادثات سلام مع الفلسطينيين «في أسرع وقت ممكن ومن دون أية عقبات». وأضاف لدى استقباله في مكتبه في القدسالمحتلة نظيره الإيطالي أنريك ليتا إن «إسرائيل مستعدة للجلوس في خيمة المفاوضات حتى يتصاعد الدخان الأبيض». من جهته قال رئيس الحكومة الإيطالية إن بلاده تدعم جهود كيري مبدياً تفاؤله لجهة نجاح المهمة. وقال مسؤول أميركي كبير رافق كيري إن الوزير عمد خلال الرحلة التي استمرت أكثر من 12 ساعة بين تل أبيب وبروناي إلى التحدث مجدداً مع نتانياهو عبر الهاتف، من دون أن يضيف شيئاً عن مضمون المحادثة. من جهتها حذرت تسيبي ليفني اليمين الإسرائيلي من «التعاطي باستهزاء مع جهود كيري وتتويجها بالفشل» ومن وصفه ب «الساذج». وقالت في كلمة ألقتها في مؤتمر مدققي الحسابات إن إسرائيل يجب أن تكون معنية بنجاح مهمة كيري وأن تحاذر من نزع الشرعية عنها في العالم. وأشارت إلى أن دولاً أوروبية شرعت في مقاطعة منتجات المستوطنات في الضفة الغربية محذرة من اتساع هذه الظاهرة بالقول إنها «لن تتوقف عند المستوطنات فحسب». ولم يتفق معها وزير الخارجية السابق زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان الذي اتهم الإسرائيليين المؤيدين التفاوض مع الفلسطينيين بأنهم مصابون ب «ألزهايمر» فلسطيني «إذ لا يذكرون ماذا حصل هنا في العقدين الأخيرين، ويتجاهلون حقيقة أنه لا يوجد زعيم فلسطيني مستعد للتوقيع على اتفاق إنهاء الصراع أو يتنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين». وقال وزير الداخلية القطب في «ليكود» جدعون ساعر إن إسرائيل لا يجب أن تقبل بأي شرط لاستئناف المفاوضات، متهماً الفلسطينيين بأنهم غيّروا مواقفهم خلال زيارة كيري فيما تحلى الموقف الإسرائيلي بالثبات. مع ذلك لم يستبعد احتمال التوصل إلى اتفاق لاستئنافها لكنه أضاف أنه يجب ألا يتم الإفراج عن أسرى فلسطينيين من أجل تحريك العملية، «في وقت لا تقابَل تنازلات إسرائيلية بأخرى فلسطينية». وأيده في هذا الموقف قطب آخر في الحزب هو وزير المواصلات يسرائيل كاتس الذي أضاف أن رئيس السلطة الفلسطينية ليس شريكاً لمفاوضات سلمية. وعزا وزير المياه سيلفان شالوم عدم نجاح كيري في جولته الأخيرة إلى «سلسلة طويلة من الشروط الفلسطينية غير المقبولة لاستئناف المفاوضات»، مضيفاً أن إسرائيل لن تقبل بوضع يتم فيه تجميد المستوطنات في الضفة الغربيةوالقدس أو تجفيفها. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن العقبة الرئيسية التي حالت دون استئناف المفاوضات تمثلت في إصرار عباس على قيام إسرائيل بالإفراج عن 123 أسيراً فلسطينيين «بينهم أسرى دينوا بقتل 80 مواطناً إسرائيلياً، «ليأتي بإنجاز لشعبه ويقنعه بجدوى استئناف المفاوضات». وأضافت أن نتانياهو وافق على إطلاق سراح بعض الأسرى لكن على مراحل وبعد أن يتم استئناف المفاوضات. وبين الأسرى عدد من عرب الداخل الذين رفضت إسرائيل في كل صفقات تبادل الأسرى في الماضي ولا تزال على شملهم ضمن الأسرى المفرج عنهم. وتابعت الصحيفة أن عباس اشترط أن تعلن إسرائيل أن المفاوضات ستجرى على أساس حدود عام 1967 مع تبادل أراضٍ، وأن توافق على تجميد الاستيطان. وزادت أن نتانياهو أبدى استعداداً بأن يأتي مثل هذا الإعلان على لسان الأميركيين على أن يضاف إليه وجوب الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية. في هذا الصدد أضافت «معاريف» أن نتانياهو وافق على الإفراج عن 60 أسيراً في ثلاث دفعات تكون الأولى بعد قمة رباعية في العاصمة الأردنية ولمناسبة بدء شهر رمضان المبارك. وأضافت أن نتانياهو أبدى استعداداً لاتخاذ قرار في الحكومة الأمنية المصغرة بوقف البناء في المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، ولجم البناء الاستيطاني في الكتل وفي القدسالمحتلة، لكن في مقابل تنازل عباس عن مطلب استئناف المفاوضات على أساس حدود عام 1967. من جهتها ذكرت «هآرتس» على لسان مسؤول إسرائيلي قوله إن كيري قدم لعباس اقتراحاً معدَّلاً لاستئناف المفاوضات يشمل «بادرات طيبة» من إسرائيل تجاه السلطة الفلسطينية لكن المسؤول لم يكشف عن فحوى الاقتراح المعدل.