قررت الحكومة المغربية رفع الدعم تدريجاً عن أسعار المحروقات ومواد الطاقة وتحريرها بدءاً من مطلع الشهر المقبل، وإخضاعها لتقلبات السوق الدولية، بهدف تقليص نفقات «صندوق المقاصة» الذي التهم العام الماضي أكثر من 42 بليون درهم (حوالى خمسة بلايين دولار)، لتمويل فارق الأسعار. ويُنتظر أن ترفع الحكومة يدها نهائياً عن البنزين الممتاز والفيول الصناعي عبر وقف دعمهما منتصف الشهر المقبل، على أن تخضع بقية مواد الطاقة، ومنها الكهرباء، إلى زيادات تصاعدية حتى الخريف المقبل، ليبلغ سعر المازوت 10 دراهم للتر. وتعتبر هذه ثالث زيادة لأسعار المحروقات في سنتين، وأول قرار رسمي برفع الدعم عن البنزين المستخدم في السيارات الشخصية، خصوصاً لدى الطبقات الوسطى المتضررة مباشرة من قرارات الحكومة الإسلامية. وقال وزير الشؤون العامة والحوكمة محمد الوفا: «وقف الدعم عن بعض مواد الطاقة أو خفضه سيوفر حوالى 7 بلايين درهم من نفقات صندوق المقاصة، ما يسمح بتقليص عجز الموازنة نتيجة دعم الأسعار». واعتبر أن تقليص موازنة «صندوق المقاصة» من 42 إلى 35 بليون درهم يساعد في تحسين أوضاع الخزينة التي تلتزم خفض العجز إلى 4.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي نهاية السنة، طبقاً لاتفاق سابق مع صندوق النقد الدولي الذي رصد للرباط خطاً ائتمانياً قيمته 6.2 بليون دولار ينتهي الصيف المقبل، وهو رهن رفع الدعم عن المحروقات والسلع الاستهلاكية الأساس. وكشف الوزير أن رفع الدعم سيشمل أسعار الكهرباء للمنازل للمرة الأولى منذ عام 2009، ولكن من دون المساس بالفئات الفقيرة التي تستهلك حداً أدنى من الطاقة الحرارية. وكانت الحكومة خفضت نفقات دعم الأسعار من 52 بليون درهم عام 2012 إلى 42 بليوناً العام الماضي، ثم إلى 35 بليون درهم هذه السنة، وتعاقدت مع مصارف تجارية وشركات تأمين دولية لحماية أسعار النفط إذا تجاوزت 120 دولاراً للبرميل. وتتوقع الحكومة تحصيل حوالى 9 بلايين درهم من خطة خفض الدعم عن المحروقات أو إلغائه بالنسبة للبنزين الذي يعتبر سعره الأغلى في كل المنطقة ويبلغ 13 درهماً للتر. وانتقدت أحزاب المعارضة والمركزيات النقابية وجمعيات حماية المستهلكين قرار الحكومة رفع الدعم عن المحروقات، واعتبرته «إعلان حرب على القدرة الشرائية للمواطنين»، مهددة بالتصعيد لمنع الحكومة من مواصلة سياسة زيادة الأسعار لمعالجة خلل الموازنة. وقال قياديون في حزب «الاستقلال» المعارض «تحرير الأسعار في هذه المرحلة الصعبة التي تشهدها المنطقة يعتبر تهديداً صريحاً للاستقرار الاجتماعي ومحاولة استفزازية ضد فئات واسعة من الشعب». ويُنتظر أن يشهد البرلمان جدلاً حاداً بين الحكومة والمعارضة حول موضوع تحرير أسعار المحروقات التي يستوردها المغرب بنسبة 96 في المئة، وكانت كلفت العام الماضي حوالى 13 بليون دولار. وأكدت مصادر أن الحكومة بصدد الإعلان عن قرارت أخرى «غير شعبية»، منها زيادة بعض الضرائب والرسوم، وخفض معاشات المتقاعدين بهدف خفض عجز الموازنة إلى ما دون خمسة في المئة، في انتظار زيارة بعثة من صندوق النقد الدولي في الربيع المقبل.