يجري إعداد الموازنة العامة في المغرب للعام 2011، وسط ضغوط مالية قوية نتيجة تراجع الإيرادات الضريبية وزيادة النفقات العمومية واستمرار تداعيات الأزمة العالمية على جزءٍ من الصادرات الرئيسة بخاصة نحو أسواق الاتحاد الأوربي المتعثرة. وقالت مصادر في وزارة الاقتصاد والمال المغربية، إن عودة ارتفاع الأسعار في السوق الدولية بخاصة قطاع المحروقات ومنتجات وسلع استراتيجية رئيسة، أضرّ «صندوق المقاصة» لدعم المواد الأساسية، فاستهلكت اعتماداته، وبات في حاجة إلى تمويلات جديدة إضافية، قدّرتها جهات اقتصادية بأكثر من بليون دولار حتى نهاية السنة الحالية، تعتبرالأعلى منذ العام 2008 عندما بلغ دعم الأسعار 3,7 بليون دولار. وكانت الحكومة رصدت في موازنة هذه السنة نحو 14 بليون درهم (1,7 بليون دولار) لدعم أسعار المحروقات ومواد غذاء، لكنها لم تكفِ لمواجهة عودة ارتفاع الأسعار في وقت ازداد عجز الموازنة إلى 4 في المئة من الناتج. وتبقى القيمة ذاتها التي يحتاجها صندوق المقاصة. وأفاد تقرير لوزارة المال بأن العجز التجاري للمبادلات الخارجية بلغ 79 بليون درهم (9,6 بليون دولار) خلال النصف الأول من السنة بزيادة 9 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، لارتفاع أسعار واردات الطاقة والمحروقات في السوق الدولية 55 في المئة، وارتفاع الواردات الاستهلاكية 11 في المئة على رغم زيادة صادرات الفوسفات المغربية إلى 850 مليون دولار. وتستبعد الحكومة رفع الأسعار بسبب إجراءاتها غير الشعبية، ومعارضة النقابات العمالية على ُبعد اقل من سنتين عن موعد الانتخابات الاشتراعية لتغيير الحكومة، لكن الموازنة المقبلة تبدو في حاجة إلى تمويلات جديدة لسد نقص الموارد الضريبية على الشركات التي تراجعت 22 في المئة حتى تموز (يوليو) الماضي. وكانت الحكومة استخدمت آليات سندات الخزانة بقيمة 57,7 بليون درهم (7 بلايين دولار) لتمويل عجز الموازنة والنفقات الطارئة في النصف الأول السنة الحالية، لكنها ستحتاج إلى أموال إضافية في النصف الثاني للإبقاء على دعم الأسعار، والحفاظ على القدرة الشرائية للفئات الضعيفة والمتوسطة. وساعد المحصول الزراعي الجيد في لجم أسعار مواد الغذاء، كما ساعد خفض اليورو في تقليص كلفة الواردات الأوربية. وأثير جدال قبل اشهر في الرباط حول طريقة صرف نفقات صندوق المقاصة الذي يعود الى العام 1973 ( تاريخ أزمة النفط الاولى)، واعتبرت جهات سياسية ونقابية واعلامية ان الفئة الغنية هي الاكثر استفادة من موارد الصندوق لارتفاع حجم نفقاتها الاستهلاكية. واقترحت في المقابل رصد دعم مباشر للفئات الفقيرة، ومناقشة حلول لدعم المحروقات، وتوجيه الدعم الى قطاع التعليم والصحة. ويتوقع المصرف المركزي عودة المديونية إلى الارتفاع باعتبارها الصيغة المتاحة أمام الحكومة لتسديد النفقات المدرجة في موازنة 2011، وتقدر الديون المغربية بنحو 44 بليون دولار تمثل 46 في المئة من الناتج المحلي، ويعتبرها صندوق النقد الدولي «غير سيئة» مقارنة بدول أوروبية مجاورة، ما يغُض الطرف عن تمويلات جديدة لتقليص العجز المالي إلى 3,5 في المئة قبل أن يعود إلى 3 في المئة في 2012.